رفض المتمردون الحوثيون عملياً دعوات وقف إطلاق النار التي صدر آخرها عن حليفهم الرئيس السابق علي عبدالله صالح؛ إذ أفادت مصادر ميدانية في اليمن بأن الميليشيات استمرت أمس في أعمال القتال خصوصاً في عدن وتعز وتقدَّمت نحو مدينة مأرب، فيما ردَّت مقاتلات عملية «إعادة الأمل» بقصف مواقع التمرد في عدة محافظات بينها صنعاء. وأعلنت جماعة الحوثي أن قواتها باتت قريبة من السيطرة على مركز محافظة مأرب «وسط»؛ في مؤشرٍ على تصميمها على التصعيد الميداني. لكن مصادر محلية ذكرت أن المدينة لا تزال خارج سيطرة الميليشيات «حتى ساعة طباعة الصحيفة». وجاء ذلك بعد يوم من مطالبة صالح الجماعة بوقف القتال والانسحاب من المدن امتثالاً لقرار صدر مؤخراً عن مجلس الأمن الدولي. في الوقت نفسه؛ حاول المسلحون الحوثيون في عدن«جنوب» استعادة السيطرة على الطريق الساحلي الذي فقدوه قبل أسبوع. وأفادت مصادر في المدينة بأن المعارك احتدمت أمس في منطقة خور مكسر بعد محاولة جديدة من قِبَل الميليشيات لاستعادة السيطرة على الطريق الساحلي. وفي وقتٍ تحدث سكانٌ عن «قصف الميليشيات منازل في منطقتي خور مكسر والمعلا بواسطة الدبابات» و»وقوع اشتباكات في حي دار سعد»؛ أفاد شهود عيان بأن طائرات التحالف العربي استهدفت مواقع للتمرد في قصر عدن الرئاسي ومنطقة حقات المؤدية إليه «إذ تصاعدت أعمدة الدخان بشكل كثيف من الجبال القريبة من القصر». بدوره؛ أعلن وكيل محافظة عدن، نايف البكري، أن «الأيام المقبلة ستشهد نقلة نوعية في أعمال المقاومة الشعبية»، معتبراً أن الحرب فُرِضَت فرضاً على الجنوبيين فأثبتوا بسالة منقطعة النظير في الدفاع عن مدنهم. وتعهد البكري، في تصريحاتٍ لصحيفة «عدن الغد» الإلكترونية، بأن تنظم المقاومة صفوفها «تنظيماً واسع النطاق»، ودعا كافة أبناء الجنوب إلى التوحُّد سياسياً وعسكرياً أكثر من أي وقتٍ مضى، مبدياً ارتياحه ل «دفاع الجنوبيين عن مدنهم وأراضيهم ببسالة لافتة». وتوقَّع وكيل المحافظة قرب الإعلان عن تحقيق «انتصار شعبي على القوات الغازية». وإلى الشمال من عدن؛ تحدث سكان في محافظة لحج عن اعتقال المتمردين «عشرات المدنيين» بتهمة التعاون مع التحالف العربي وتزويده بمعلومات. وبالتزامن؛ قصفت طائرات التحالف قاعدة العند العسكرية في محافظة لحج. و»دفع استمرار العمل العسكري الحوثي المقاومة إلى الرد بعمليات نوعية»، بحسب مصدر في محافظة أبين «جنوب» تحدَّث عن عملية نفَّذها المقاومون ظهر أمس مستهدفين أطقماً عسكرية للمتمردين «كانت تسير على إحدى الطرق». وأوضح المصدر أن العملية نُفِّذَت بالقرب من قرية الحميشة غرب مدينة لودر على الطريق الواصلة إلى مدينة شقرة. وأسفر الهجوم عن تدمير عددٍ من الأطقم ومقتل جنود وأفراد ميليشيا كانوا على متنها. وفي شبوة «جنوب»؛ نفى الشيخ عوض محمد ابن الوزير أن تكون قبائل العوالق عقدت اتفاقاً مع الانقلابيين يقضي بتأمين طرق المحافظة لعبور مسلحيهم وعدم اعتراضهم. وأكد في بيانٍ له أمس أنه لا توجد اتفاقات بين العوالق والميليشيات و»لا يمكن قبول هذه الأشياء»، معتبراً القبول بها «خيانة لله والرسول قبل أُخوَّة الدم والوطن». ودعا ابن الوزير من «ادَّعوا وجود هكذا اتفاق» إلى «الابتعاد عن الدسيسة والنظر إلى الاستبسال والشرف والثبات في مديرية نصاب (تابعة لشبوة)» التي استردها مسلحون قبليون أمس الأول بعد معارك مع المتمردين دامت على مدى يومين. وشمالاً؛ جدَّدت مقاتلات التحالف قصف مخزن ألوية الصواريخ في جبل فج عطان الواقع غرب العاصمة، وسمِع سكان دوي انفجارات ناجمة عن القصف مع تصاعد أعمدة الدخان. وكانت المقاتلات وجَّهت الإثنين الماضي ضربات وصفها سكان ب «عنيفة للغاية» لمخزن ألوية الصواريخ في جبل فج عطان الواقع تحت سيطرة التمرد على الشرعية. وفي تطور لاحق أمس؛ أفادت مصادر في مدينة تعز «غرب» بسيطرة المقاومة الشعبية على حي الثورة وتقدُّمها في منطقة حوض الأشراف وتمشيطها فندقاً ومبنى لوزارة المالية من الوجود الحوثي. وأشارت المصادر إلى تكبُّد الحوثيين ظهر أمس خسائر في المقاتلين والمعدات خلال المواجهات التي وقعت في المدينة، بينما أورد موقع «المشهد اليمني» الإخباري أن 7 غارات لمقاتلات التحالف استهدفت بالتزامن معسكر خالد بن الوليد مقر قيادة اللواء 35 مدرع في مفرق المخاء. ويعد اللواء 35 مدرع أحد أقوى الوحدات العسكرية في تعز، وسيطرت قوات التمرد عليه الأربعاء الماضي بعد أن أعلن قائده الولاء للشرعية. ونقل الموقع الالكتروني ذاته عن مصادر تعزية قولها إن الحوثيين نهبوا سيارة الإسعاف الوحيدة في منطقة المخاء. بدوره؛ أفاد موقع «اليمن الآن» بسيطرة المقاومة التعزية بقيادة الشيخ حمود سعيد المخلافي على مبنى أمن المحافظة ومبنى السلطة المحلية، وتزامن ذلك مع تأكيد سكان تعرُّض أحيائهم في وسط المدينة إلى قصف حوقي بقذائف «الهاوزر» و»الهاون». وعلى صعيد أعداد القتلى والجرحى؛ أحصت وكالة الأنباء الفرنسية سقوط 92 قتيلاً في اليمن ليل الجمعة وصباح السبت. وأوضحت أن 46 حوثياً قُتِلوا في محافظتي عدن ولحج جراء غارات التحالف ومعارك مع المقاومة. وأشارت إلى «مقتل 8 من المسلحين الموالين للشرعية في عدن وإصابة 32 آخرين في معارك، فيما قُتِل في معارك بمحافظتي الضالع وأبين 38 شخصاً». وفي واشنطن؛ أفاد متحدث باسم وزارة الدفاع الأمريكية «البنتاجون» بأن أسطولاً يتألف من 9 سفن تابعة للأسطول الإيراني وسفن أخرى للشحن أبحَر أمس الأول نحو الشمال الشرقي باتجاه إيران، واعتبر أن هذا التحرك ينبغي أن يهدئ المخاوف الأمريكية. إلا أن وكالة أنباء الجمهورية الإسلامية الإيرانية «إيرنا» نقلت عن قائد البحرية في إيران، الأميرال حبيب الله سياري، قوله إن الأسطول لا يزال ينفذ مهمته في خليج عدن. وقال سياري «في الوقت الراهن يوجد الأسطول الرابع والثلاثون في خليج عدن عند مدخل مضيق باب المندب ويقوم بدوريات»، في إشارة إلى سفينتين حربيتين تشكلان جزءاً من الأسطول المؤلَّف من 9 سفن. ووفقاً لسياري؛ تقوم السفن بمهمة روتينية لمكافحة القرصنة وحماية حركة الملاحة. وتخشى الولاياتالمتحدة من أن تزود سفن إيرانية الحوثيين بأسلحة، لذا أرسلت حاملة الطائرات تيودور روزفلت وسفينة حربية مرافقة لها إلى بحر العرب الأسبوع الماضي لدعم 7 سفن حربية أمريكية موجودة بالفعل في محيط خليج عدن. وكان وزير الدفاع الأمريكي، آشتون كارتر، أبلغ أمس الأول مجموعة صغيرة من الصحفيين المرافقين له بعد رحلةٍ إلى ولاية كاليفورنيا بأن «السفن الإيرانية حوَّلت وجهتها، ونحن نقول بوضوح إننا لا نعرف ما هي خططهم القادمة». واعتبر تحويل الوجهة موضع ترحيب لأنه يساهم في الحد من التصعيد. سياسياً؛ أكدت الأممالمتحدة تسمية الدبلوماسي الموريتاني، إسماعيل ولد شيخ أحمد مبعوثاً أممياً جديداً إلى اليمن. وسيخلف ولد شيخ أحمد المغربي جمال بن عمر، الذي قدم استقالته الأسبوع الماضي بعدما واجه انتقادات لجهود الوساطة التي قام بها. وأوضحت الأممالمتحدة في بيانٍ لها أن المبعوث الجديد «سيكون حلقة الوصل بين دول مجلس الأمن ودول مجلس التعاون الخليجي وحكومات المنطقة وشركاء آخرين». ويتولى ولد شيخ أحمد (55 عاماً) حاليا بعثة الأممالمتحدة لمكافحة مرض إيبولا بعدما شغل عدة مناصب أممية على مدى 28 سنة. وكان الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، أعلن الأربعاء الماضي عن استعداده لاستئناف الوساطة بين الأطراف اليمنية و»تأمين التسهيلات الدبلوماسية اللازمة لحل الأزمة عبر الحوار». وسيحلّ الهولندي بيتر يان غراف مكان ولد شيخ أحمد رئيساً بالوكالة للبعثة الأممية لمكافحة إيبولا. من جهته؛ حثَّ وزير الخارجية الأمريكي، جون كيري، الحوثيين و»أولئك الذين لديهم تأثير عليهم» إلى العودة لطاولة المفاوضات. واعتبر كيري، في تصريحاتٍ صحفية مساء أمس الأول على هامش اجتماع في كندا لمجلس المنطقة القبطية الشمالية، أن هناك حاجة للتفاوض، ورجَّح أن «يكون طرفا النزاع في اليمن جاهزين على ما يبدو للعودة إلى طاولة الحوار». ووصف بدء المفاوضات في أسرع وقت ممكن ب «الأمر الأساسي لأن التوصل إلى حل سياسي أمر ضروري للغاية»، وذكَّر بأن الرياض أعلنت الانتقال في عمليتها العسكرية إلى المرحلة الإنسانية، مؤمِّلاً أن «تحمل الأيام المقبلة مزيداً من التهدئة وأن نتمكن من الوصول إلى مكان يمكن فيه إجراء حوار».