في ثاني أيام عملية «إعادة الأمل»؛ قصفت مقاتلات التحالف العسكري العربي بقيادة المملكة أمس الخميس مواقع عسكرية وتجمعات للمتمردين على الشرعية في عدة محافظات يمنية قدَّرت مصادر عددها ب 9 بينها صنعاء، وتزامن القصف مع وقوع اشتباكات مسلحة بين ميليشيات الحوثي وقوات الرئيس السابق علي عبدالله صالح من جهة والمقاومة الشعبية من جهة ثانية، بينما ربط وزير الخارجية اليمني، رياض ياسين، الحوار مع الانقلابيين باستسلامهم. وأحصت وكالة الأنباء «رويترز» 20 ضربة جوية على الأقل شنَّها التحالف العربي أمس على أهداف عدة بينها قواعد عسكرية، وذكرت أن معظم الضربات أصابت سيارات تابعة للحوثيين وتجمعات لهم في ساحات قتال في عدة محافظات تقع في وسط وجنوب اليمن، في الوقت نفسه أفادت مصادر بأن المحافظات التي تعرضت مواقع المتمردين فيها للقصف هي: عدن، والحديدة، وإب، وتعز، ومأرب، والضالع، ولحج، وشبوة إضافةً إلى صنعاء. وأكد سكان في عدن (جنوب) أن المقاتلات العربية قصفت مواقع في منطقة خور مكسر (وسط المدينة) تتمركز فيها قوات موالية للحوثي وصالح. ورصد سكان آخرون في عدن غارات على جولة (ميدان) العاقل وفي محيط معسكر بدر. وشوهدت أعمدة الدخان تتصاعد من مواقع القصف، بينما أفادت «رويترز» باستهداف ضربة جوية دبابات كانت في طريقها إلى المدينة. وتحدثت مصادر أخرى عن قصف تجمعات للمتمردين قرب مطار عدن وفي معسكر الصولَبان وحي دار سعد وعند المدخلين الشرقي والشمالي للمدينة. بدوره؛ قال مصدر إن قيادياً ميدانياً بارزاً في جماعة الحوثي لَقِيَ مصرعه خلال اليومين الماضيين في اشتباكات مع المقاومة الجنوبية في منطقة المعلا (وسط عدن). ونقل موقع «عدن الغد» عن المصدر قوله إن القائد الميداني ويُدعَى «أبو مطهر» قُتِلَ في اشتباكات مع المقاومة ونُقِلَت جثته أمس إلى قريته في محافظة الجوف (شمال) حيث سُلِّمَت لأسرته. ووصف الموقع «أبو مطهر» ب «قائد العمليات الميدانية في المعلا». وكانت قيادة التحالف العربي أعلنت الثلاثاء عن انتهاء مرحلة «عاصفة الحزم» وبدء مرحلة «إعادة الأمل»، مؤكدةً أنها ستواصل تنفيذ ضربات جوية لحماية المدنيين في اليمن. وشنَّت مقاتلاتها صباح أمس ضربات عدة على معاقل للميليشيات في محافظة الضالع (جنوب)، وطال القصف مواقع عسكرية وأخرى مدنية حوَّلها الحوثيون إلى أماكن لتجمعات المسلحين مثل نادي النصر الرياضي. وشاهد سكان في المحافظة أعمدة الدخان تتصاعد من المواقع التي تم استهدافها ومنها معسكر السوداء، في وقتٍ ذكر موقع «عدن الغد» أن الميليشيات ردَّت بإطلاق قذائفها صوب منازل المواطنين في مناطق الوبح والجليلة والكبار والحود ومدينة الضالع (عاصمة المحافظة) والمناطق المحاذية لها ما أسفر عن احتراق عددٍ من المنازل. وأفاد الموقع بإصابة الناشط بسام علي حسن بعد تعرضه لرصاص الميليشيات في منطقة الوعرة المحاذية لبلدة الجليلة. ودفع الوضع الأمني المتدهور في الضالع وكيل المحافظة، أحمد البلعسي، إلى «دعوة المجتمع الدولي لإنقاذ المدنيين». واعتبر البلعسي أن عاصمة المحافظة تعيش ظروفاً إنسانية صعبة للغاية بسبب تعرضها للقصف العشوائي منذ أكثر من شهر من قِبَل قوات الانقلاب. وقال «نعيش حالة من الحصار من جانبين، فقوات الانقلاب المرابطة بالقرب من منطقة سناح تفرض حصاراً على المدينة، في حين تفرض قوات مرابطة بالقرب من العند حصاراً آخر، وهو ما يمنع دخول أي مساعدات أو تموينات غذائية»، مشيراً إلى «انقطاع الكهرباء عن المدينة بشكل كامل منذ أكثر من شهر». واتَّهم البلعسي المتمردين بأنهم باتوا لا يفرِّقون في قصفهم بين مدني وعسكري، واستدلَّ ب «استهدافهم سيارات إسعاف»، مناشداً المجتمع الدولي التدخل لإنقاذ المدنيين. وفيما طالت الغارات في محافظة لحج (جنوب) مواقع بالقرب من قاعدة العند الجوية، ذكرت مصادر محلية في محافظة شبوة (جنوب) أن غارتين استهدفتا تجمعات مسلحة في منطقة نجد مرقد. وفي مأرب؛ قال المحافظ سلطان العرادة إن «المتمردين يعيشون حالة انهيار وهستيريا نتيجة الضربات التي تعرضوا لها خلال الأيام الماضية»، وعدَّ من تبقى منهم «فلولاً يقاومون هنا وهناك». وشدد العرادة، في اجتماعٍ عقدته أمس اللجنة الأمنية لمأرب (وسط)، على ضرورة تقديم المؤسسة العسكرية الدعم للمقاومة الشعبية و»أن تلتحق جميع وحدات الجيش والأمن في المحافظة إلى صفوف المدافعين عنها». وأعلن المحافظ الانعقاد الدائم للجنة الأمنية للمحافظة التي ذكر أنها تعيش أوضاعاً أمنية مستقرة، وأشاد ب «أبناء مأرب الذين تقدموا الصفوف للدفاع عنها خصوصاً في مديريتي صرواح ومجزر»، مبدياً ارتياحه ل «تماسك أبناء القوات المسلحة والجيش الموجودين في المنطقة العسكرية الثالثة وقيامهم بواجبهم بالشكل المطلوب». وصدرت تصريحات العرادة بالتزامن مع تأكيد سكان شنّ غارة جوية على تجمع للمتمردين بالقرب من مدينة حريب التابعة للمحافظة. وفي محافظة إب (وسط)؛ قصفت الطائرات تجمعاً للحوثيين في منطقة السحول، وأكد شهود عيان أن الانفجارات الناجمة عن القصف سُمِعَت من مسافات بعيدة. وطالت الغارات في المحافظة مواقع في بلدتي القفر وحبيش وأخرى في مديرية يريم طالت مقر اللواء 55 التابع للحرس الجمهوري. وفي صنعاء؛ استهدفت غارات مقر قاعدة الديلمي الجوية، وسُمِعَ دوي انفجارات عنيفة بعد قصفها وشوهدت أعمدة الدخان تتصاعد من المكان. وكانت الطائرات قصفت فجر أمس مواقع للقوات الموالية لصالح في شمال شرق العاصمة. وغرب البلاد؛ استهدف الطيران مقر اللواء 35 مدرع الذي سيطر عليه الحوثيون أمس الأول في مدينة تعز. وتحدث شهود عيان عن ألسنة نيران وأعمدة دخان تصاعدت من مقر اللواء الذي أعلنت قيادته موالاته للشرعية قبل أن يسيطر عليه التمرد. كما استهدفت غارات أخرى قاعدة طارق الجوية في المدينة التي تعد عاصمة لمحافظة تحمل الاسم نفسه. وفي الغرب أيضاً؛ استهدفت غارات مكثفة المطارين العسكري والمدني في محافظة الحديدة. سياسياً؛ أكد وزير الخارجية اليمني، رياض ياسين، أن الحكومة الشرعية التي تمارس أعمالها من الرياض لم تتواصل مع المتمردين و»لن تتواصل إلا بعد إلقائهم السلاح واستسلامهم». ورهن ياسين، خلال مؤتمر صحفي مشترك عُقِدَ أمس في المنامة بحضور نظيره البحريني الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة، الحوار مع الحوثي بالتزام جماعته بقرارات الأممالمتحدة والانسحاب من المدن والإقرار بالشرعية و«أن يتحولوا إلى مكوِّن سياسي». واعتبر ما تقوم به الميليشيات و«جماعة علي عبدالله صالح» حالياً جرائم بحق الشعب اليمني، متهماً إياهم بالاعتداء على المواطنين في كامل الأراضي اليمنية وتهديد السلم الدولي. ووصف ياسين «عاصفة الحزم» بأنها ليست عملية طيران فقط و«إنما هي حزمة متكاملة تسمح بتقديم المساعدات الإنسانية»، مؤكداً استمرار العمليات العسكرية في حالة وجود أي تحركات من قِبَل الميليشيات، فلا يوجد وقف لإطلاق النار أو العمليات»، فيما جدد وزير الخارجية البحريني التزام بلاده بالعمل على إعادة الأمن إلى اليمن. وأبلغ الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة الصحفيين أن ملك البحرين، الملك حمد بن عيسى آل خليفة، التقى نائب الرئيس اليمني، خالد بحاح، أمس في المنامة وبحثا آخر تطورات الوضع في اليمن. وشدد الوزير البحريني على ضرورة الوقوف مع اليمنيين خلال هذه المرحلة، وقال «الوضع الحالي لا يعني توقف العمليات العسكرية، لكن هو الانتقال إلى مرحلة أخرى قائمة على تقديم المساعدات الإنسانية والطبية». في غضون ذلك؛ وصف مصدر في مكتب الرئيس السابق خبر خروج علي عبدالله صالح من اليمن ب «غير الصحيح». واعتبر المصدر، في تصريحاتٍ نشرها موقع «المشهد اليمني»، أنه لا مبرر لما سمَّاه «الإصرار الغريب» على الحديث عن مغادرة صالح البلاد. وقال «نؤكد أننا ككل عضو في المؤتمر الشعبي العام، قيادةً وقواعد وأنصاراً، لا نقرّ بأي تسويات تُخرِج أي مواطن من وطنه، سواءً كان من حلفائنا أو من خصومنا؛ لأن هذا لا يمثل حلاً لأي مشكلة». وذكر أن «جهودنا كلها منصبة على تسوية سياسية.. تعيد اليمنيين بكل آرائهم إلى ميادين التنافس السياسي تحت سقف الدستور والقانون، وكل ما يتحقق وفقاً لأهدافنا وخططنا وبرنامجنا السياسي.. فإن وسائلنا الإعلامية هي التي ستعلن عنه». من جهتها؛ نفت أسرة وزير الدفاع، اللواء محمود الصبيحي، صحة ما أُعلِنَ عن إطلاق الحوثيين سراحه، وحذرت من «التلاعب بمشاعر أهله وتعذيبهم نفسياً». واتهم الناطق باسم الأسرة، الصحفي أنيس منصور، المتمردين بنشر شائعات عن إطلاق سراح وزير الدفاع «في محاولة لخلط الأوراق وتغيير مسار أي اهتمام إعلامي ضدهم، وربما لإظهار حسن نيتهم». وكان قرار لمجلس الأمن الدولي صدر الثلاثاء قبل الماضي بشأن اليمن تضمَّن مطالبةً بسرعة إطلاق الصبيحي المعتقل منذ أواخر مارس الماضي. ولم يستبعد الناطق باسم الأسرة أن يكون الحوثيون قد قاموا بتصفية الوزير ثم نشروا شائعة عن انتهاء احتجازه تمهيداً لتحميل طرف ثالث المسؤولية عن تصفيته، وحمَّلهم المسؤولية الكاملة عن حياته. وفي تطور لاحق أمس؛ أعلن مسؤول أمريكي أن السفن الإيرانية التي كانت وصلت قبل أيام إلى موقع قريب من سواحل اليمن تحرَّكت إلى الشمال الشرقي «في إشارة مبشرة». وأكد المسؤول الذي طلب عدم نشر اسمه أن بلاده ستواصل المتابعة لبيان ما إذا كانت السفن الإيرانية ستواصل مسيرها. وكان وزير الدفاع الأمريكي، أشتون كارتر، أفصح أمس الأول عن قلق الولاياتالمتحدة من أن تكون مجموعة سفن شحن إيرانية محمَّلة بأسلحة في طريقها إلى اليمن، ودعا طهران إلى تجنب «تأجيج الصراع» بإرسال شحنات أسلحة. وسُئل وزير الدفاع عما إذا كان يعتقد أن السفن الإيرانية تحمل على متنها أسلحة، فقال «نحن قلقون بالتأكيد من ذلك»، وأقرَّ بأن تحرك السفن الحربية الأمريكية يعطي الرئيس «خيارات»، لكنه امتنع عن الإفصاح عنها. وصدرت تصريحات كارتر بعد يومٍ على كشف الرئيس الأمريكي، باراك أوباما، عن توجيه تحذير لطهران من إرسال أسلحة إلى اليمن يمكن استخدامها لتهديد الملاحة البحرية. ونشرت واشنطن منتصف الأسبوع سفناً حربية إضافية قبالة سواحل اليمن وذلك لأسباب منها الرد على قافلة سفن الشحن الإيرانية.