لنتخيل ولو للحظة أن لا وجود لحكام طهران الذين يعبثون بالسلم والأمن الإقليميين منذ عشرات السنين، وكذلك لا وجود للميليشيات التي أسسها هؤلاء الحكام، ولنتخيل أن لا وجود للتنظيمات الإرهابية التي تقف خلفها طهران، والتي ترتكب كل أنواع الجرائم بحق الإنسانية، وتنتهك الأعراف والقيم الأخلاقية والدينية، والإنسانية. قبل خمسة وثلاثين عاما ونيّف لم يكن ملالي طهران قد سيطروا على السلطة في إيران، ولم يكن هناك من يريد السيطرة (تصدير الثورة) على الآخرين، وإيجاد مخالب (أحزاب وجماعات وخلايا نائمة) لتمزيق مجتمعات المنطقة ودولها، ولم تعرف هذه المنطقة أي نوع من الميليشيات ولا التنظيمات الإرهابية التي تتستر بالدين، وتقتل كل من يختلف معها، خدمة لأجندة الولي الفقيه، في التوسع والسيطرة على عقول وأراضي الآخرين. ولنتخيل أن من يحكم إيران اليوم قيادة تؤمن بحقوق الإنسان وحقه في حياة حرة وكريمة، وتحترم الأنظمة والقوانين الدولية، ولا تريد بناء قوة عسكرية نووية، وقيادة لا تسعى للسيطرة على الشعوب وأراضيها ولا تريد أن تفرض رؤيتها للحياة على الآخرين، كما أنها لا تتدخل في أي من دول الجوار البعيد أو القريب، ولنتخيل أن لا وجود للميليشيات التي تقتل في العراقوسوريا واليمن، ولا وجود للمخالب في سوريا ولبنان التي تنهش مجتمعات البلدين، وتريد السيطرة عليهما. ولنتخيل أن لا وجود لتنظيم «داعش» وتوابعه، وكيف سيكون حال أهل الأنبار ونينوى في العراق أو كيف سيكون الحال في الرقة السورية وبقية المدن التي دمرها الأسد وحرسه الثوري وهجر شعبها. والمراقب للوضع في المنطقة لا بد أنه يدرك أن الإرهاب وإيران هما عدوا المنطقة وشعوبها، وهما من أحالا المنطقة إلى بؤر للحروب الداخلية بين مواطنيها، بإشراف وتمويل ودعم إيراني مباشر، وتصريحات قادة طهران وزعماء الميليشيات والتنظيمات الإرهابية تؤكد يوميا هذه الحقيقة.