بعد الفلوجة وسامراء والرمادي جاء الدور على مدينة الموصل (مركز محافظة نينوى) لتحتلها مليشيات داعش. سقوط الموصل التي تضم مليونين من البشر، ويتمركز بها ثلاث فرق عسكرية، إضافة إلى قوة نينوى وقوة مكافحة الإرهاب وعشرات الآلاف من الشرطة الاتحادية والمحلية، يعد تدهوراً أمنياً تسجله قوات نوري المالكي التي أصبحت غير قادرة حتى على مواجهة مليشيات. هذا الحدث الأمني السيئ يكشف إلى أي حد وصلت الأوضاع في العراق في ظل حكم نوري المالكي. الموصل ثاني أكبر مدينة في العراق بعد بغداد تستولي عليها المليشيات الإرهابية، ولا أحد يتحرك في العاصمة؛ فرئيس الحكومة مشغول بإجراء الاتصالات والتحالفات لتأمين بقائه رئيساً للوزراء للمرة الثالثة؛ حتى يوصل العراق إلى أسوأ مما هو عليه الآن. وفي الوقت الذي كان فيه أهالي الموصل يفرون إلى إقليم كردستان كانت محطة التلفزيون الرسمية (العراقية) تبث برنامجاً عن تعليم الطبخ، وكأنها تدعم النازحين بتعليمهم الطبخ في العراء بعد أن هجروا منازلهم. ماذا يعني تقاعس بل فرار ثلاث فرق عسكرية مدججة بالسلاح ومئات الصواريخ والمدفعية والطائرات، وترك مدينة الموصل لتقع في أيدي عصابات ومليشيات؛ لتستولي على المدينة الثانية في العراق، ولتسيطر على محافظة نينوى المحافظة الحدودية مع سوريا، التي تتلاحم مع محافظتي دير الزور والرقة اللتين يسيطر عليهما تنظيم داعش؟ هل هو استكمال للمخطط التآمري بتكوين نواة لدولة الإرهابيين (دولة العراق والشام الإسلامية) من المحافظاتالعراقية والسورية؟ فبعد أن تخلى جيش بشار الأسد عن المحافظاتالشرقية لتسقط دير الزور والرقة بيد مليشيات داعش يتقاعس جيش نوري المالكي بالدفاع عن المحافظات الغربية العراقية. فقبل الموصل كانت مليشيات داعش تعبث فساداً في الأنبار، ولا تزال تحتل الفلوجة، وقبل ذلك حاولت السيطرة على سامراء، ولها وجود قوي في صلاح الدين وديالى، وإذا ما استمر تقاعس وهروب قوات نوري المالكي وانسحاب الفرق العسكرية من هذه المحافظات فإن داعش ستسيطر لا محالة على المحافظات الأخرى، ويتم ربط ذلك بالمحافظات السورية، وتقام دولة الإرهاب، ليتم على الأرض تغيير خريطة المنطقة وتجزئة الأقطار العربية. هذا المخطط، ويتم بأيدٍ محلية كمليشيات داعش في العراقوسوريا، والمليشيات الطائفية في محافظات الساحل السوري وحمص ودمشق، إلا أن الدعم الخارجي والمخابرات الأجنبية لها دور كبير لصالح دولة إقليمية، تعمل من أجل إعادة إمبراطوريتها البائدة على حساب أرض العرب ومواطنيهم.