من المعلوم لدى الجميع أن العرب لم يخوضوا معركة مصيرية لوحدهم منذ عقود، ومن المعلوم أيضاً أن العراق خاض معركة مصيرية في ثمانينيات القرن الماضي، استمرت ثماني سنوات عجاف ضد الفرس، ولا ينكر دور العرب، خاصة أهل الخليج، في مساندة، ومساعدة العراق فيها، إذ لولا الدعم العربي، خاصة الخليجي، لما استطاع العراق مواصلة القتال، والخروج من الحرب منتصراً مرفوع الرأس. وبعد نهاية تلك الحرب في عام 1988 م، لم يخض العرب أي معركة مصيرية كتلك، وبعد أن ارتكب النظام العراقي السابق خطأه الفادح، واجتاح الكويت في تسعينيات القرن الماضي، انقسم الناس بين مؤيد، ومعارض له، وتم تشكيل التحالف الدولي لقتال الجيش العراقي، وإخراجه من الكويت بالقوة، وقد تعرض الجيش العراقي خلال تلك الفترة لخسائر فادحة في الأرواح، والمعدات، وانهارت قدراته العسكرية بمختلف أنواعها، ثم تعرض العراق لحصار خانق، وهذا ما زاد الطين بلة، وعمَّق الفجوة بين العرب، ثم انتهى المطاف بحرب الخليج الثالثة، واحتلال العراق في أبشع احتلال عرفه العصر الحديث، فانهار العراق، وتفككت مؤسساته العسكرية، والأمنية المختلفة، وضاع العراق، وأصبح فريسة سهلة لكل الطامعين حتى الآن، وهذا ما فسح المجال لدولة فارس للتوغل في البلدان العربية، والإسلامية، بل واحتلال بعض منها «العراق واليمن»، وبسبب التدخلات الإيرانية في اليمن، وتقديمهم المساعدات العسكرية، والمالية، وغيرهما للحوثيين، حدث ما حدث فيه، ما دفع دول مجلس التعاون الخليجي، خاصة السعودية، إلى إطلاق عاصفة الحزم للتصدي لمشروع التوسع الفارسي، الذي يراد تمريره على أرض العرب، وشكَّلوا التحالف العربي، ومن المتوقع أن يتوسع تحالفهم ليكون إسلامياً بل وحتى عالمياً للوقوف في وجه التمدد الإيراني، وهذا أول اختبار للعرب لخوض معركة مصيرية ربما يكونون فيها لوحدهم بعد ضياع العراق، واحتلاله، فهل سينجح العرب في ملء الفراغ الذي تركه العراق بعد خروجه من المعادلة العالمية؟.