«التمور» منتج غذائي مهم وثروة وطنية تحتاج إلى كثير من العمليات التسويقية للترويج لها على المستوى العربي والعالمي، من خلال الاستناد على استراتيجية إنتاجية متكاملة وواضحة تضمن التوسع في مجال الصناعات التي تعتمد على التمور لرفع مردودها الاقتصادي، ويتضح هذا الأمر من خلال مهرجان الأحساء لتسويق التمور المعبأة «ويا التمر أحلى» الذي نظمته أمانة الأحساء مؤخرا بالتعاون مع غرفة المنطقة حيث كشف المهرجان عن الحاجة الملحة لتطوير أساليب تسويق التمور التي تنتجها مزارع المنطقة والتي تبلغ أكثر من 250 ألف طن سنوياً، فيما أظهر المهرجان زيادة إقبال المتسوقين على عدد من الصناعات التحويلية التي تدخل التمور في تصنيعها مثل الحلويات، المعمول والفطائر، وغيرها من المنتجات الأخرى ويتأمل عديد من المهتمين بمجال زراعة التمور المسارعة في تطوير تلك المنتجات والتنويع فيها باعتبارها إحدى وسائل التسويق التي تساهم بشكل فاعل في تصريف جزء من تمور المنطقة، من جهتهم شدد عدد من تجار التمور المشاركين في المهرجان على أهمية زيادة عدد أيام المهرجان، وتنظيم مهرجان عالمي لتمور المنطقة يستقطب عددا من كبرى الشركات العالمية في مجال تصنيع وتسويق التمور. حيث أكد أمين أمانة الأحساء المهندس عادل بن محمد الملحم بأن مهرجان هذا العام تميز من خلال إنتاج عدد من الصناعات التحويلية المشتقة من التمور مثل الفطائر، والحلويات، والمعمول، حيث عد ذلك خطوة إيجابية سوف ترفع نسبة استهلاك التمور وزيادة أسعارها خلال السنوات القادمة، وقال بأن المهرجان شهد زيادة عدد الزوار مقارنة بالعام الماضي، الذي تجاوز 100 ألف زائر وارتفاع نسبة المبيعات التي بلغت 20 مليون ريال، مؤكداً بأن اللجنة المشرفة على تنظيم المهرجان كانت تستهدف زيادة عدد أيام المهرجان إلا أن الظروف لم تساعد على تحقيق ذلك، حيث اقتصر المهرجان على 12 يوماً فقط، وأشار إلى أن المهرجان في نسختيه الأولى والثانية حقق 50% فقط من الهدف الذي تم رسمه من قبل المسؤولين في الأمانة والجهات المختصة وتجار التمور، مؤكداً بأن الهدف الأسمى هو إشهار تمور الأحساء عالمياً وليس محلياً وخليجياً فقط، وقال بالتعاون مع شركائنا من مزارعين وتجار سوف نحقق هذا الهدف في السنوات القادمة. وأكد الملحم بأن الأمانة باشرت في إنشاء سوق مغلق «مول» يضم 300 محل ومصنع خاصة بالتمور ومشتقاتها في مدينة الملك عبدالله للتمور، وقال نتأمل أن ينتهي العمل من السوق الجديد منتصف العام القادم، مؤكداً بأنه سوف يشكل مهرجانا دائما للمزارعين وتجار التمور. من جهته أكد رئيس غرفة الأحساء صالح العفالق بأن المهرجان جاء ملبياً للتطلعات ورغبات المستهلكين، ومواكباً للتطور والتقدم في عالم صناعة التمور، وموفراً بيئة خصبة لتسويق التمور الأحسائية والحد من نزيف الإيرادات المالية للمزارعين وتوفير فرص العمل، وأشار إلى أن المهرجان أسهم في توسيع النطاق التسويقي لتمور المنطقة وجذب القوة الشرائية تجاهها وارتقى بطرق ووسائل البيع وتشجيع المنتجات الوطنية لتكون ذات جودة عالية تنافس في السوق المحلية والخليجية والعالمية، وأنه عرّف بأهمية النخيل وثماره وفوائده الصحية إضافة إلى تحويل التمور إلى منتج اقتصادي مهم وربط المتسوقين والمستثمرين بمجال التمور من داخل وخارج المملكة بسوق الأحساء للتمور. ولفت إلى أن القطاع الصناعي في مجال التمور بالأحساء شهد أخيرا نمواً كبيراً، حيث بلغ عدد مصانع التمور المرخص لها أكثر من 27 مصنعاً باستثمارات تفوق 220 مليون ريال، تقدّر طاقتها الإنتاجية بأكثر من 30 ألف طن، تشمل جميع أنواع التمور والدبس وعجينة التمور والحلويات والمربيات والخل والخميرة وحامض الستريك والجلوكوز، مشيراً إلى أن المهرجان كشف للمزارعين والتجار والمستثمرين في مجال صناعة التمور أنها ما تزال تحتل مكانة كبيرة لدى المستهلكين سواء داخل المملكة أو لدى دول الجوار. فيما أكد التاجر عبدالحميد الحليبي بأن المهرجان هذا العام شهد زيادة في عدد المشاركين الذين أغراهم نجاح المهرجان في نسخته الأولى، وأشار إلى أن المهرجان أخذ طابع الصناعات التحويلية، التي شكلت أكثر من80% من المنتجات المعروضة، وهذا يعد أمرا إيجابيا وتوجها سليما يستهدف تحويل التمور إلى صناعات تحويلية حديثة، حيث ساهم إطلاق منتجات جديدة تشكل التمور جزءا من المواد الأولية التي تدخل في تصنيعها مثل المعمول والحلويات في استقطاب عدد كبير من المتسوقين، مؤكداً بأن قصر فترة المهرجان تعد من أبرز السلبيات، حيث نحتاج لفترة لا تقل عن شهر لكي يستوعب المهرجان زواره من المملكة ودول الخليج، وقال: الأحساء حالياً بحاجة إلى تنظيم مهرجان عالمي لنقل تمور المنطقة إلى العالمية بحيث يكون مهرجانا على أعلى تقنية من العرض والتسويق والتنظيم يستقطب عديدا من الشركات العالمية في مجال التصنيع والتغليف ويشتمل على برنامج متكامل يظهر معالم المنطقة ويبرز ميزاتها، وكشف الحليبي عن منتجات جديدة تدخل التمور في تشكيل جزء من مكوناتها سيتم إطلاقها خلال مهرجان العام القادم. من جهته خالف التاجر باقر الهبدان رأي الحليبي مطالباً بالتركيز خلال المهرجان على بيع التمور بدلا من الاهتمام بالمنتجات التحويلية التي لا تشكل التمور سوى 30% منها، وقال المزارع والتاجر بحاجة إلى تصريف أكبر كمية من التمور التي تنتجها المنطقة لتحقيق أكبر قدر من الفائدة، وأشار إلى أن المهرجان حقق عديدا من الإيجابيات من بينها خلق تنافس بين التجار وأصحاب المصانع في عرض التمور بالشكل الذي يجذب المتسوقين، وتوفير فرص وظيفية واستثمارية للمرأة، فيما لخص السلبيات في قصر فترة المهرجان، وتزامن المهرجان مع مهرجان آخر «كلنا منتجون» مما قلل عدد الحضور، وتراجع عدد الصفقات مقارنة بالعام الماضي. المهرجان لم تقتصر إيجابياته على تجار التمور والمزارعين فقط بل تعداه إلى أنشطة أخرى، من بينها قسم الحرفيات، الذي استقطب مجموعة من النساء اللاتي يعملن في تصنيع بعض الأدوات التي تستخدم في الحياة اليومية باستخدام سعف النخيل مثل الزنابيل والمراوح اليدوية، بجانب بعض النساء اللاتي يعملن في إعداد بعض الأطباق الشعبية التي غالباً ما تدخل التمور في تصنيعها، والفرق الشعبية التي نظمت عديدا من المسابقات والألعاب التقليدية التي تشتهر بها المنطقة، حيث أكد المخرج نوح الجمعان بأن المشاركة في مثل تلك المهرجانات تهدف إلى تعريف الجيل الحالي ببعض العادات والتقاليد التي تشتهر بها المنطقة والألعاب التي كانت تمارس في السابق، فيما كان لها دور إيجابي في اكتشاف عدد من المواهب وصقلها، فضلاً عن المردود المادي الجيد الذي يحظى به أفراد الفرقة. القطاع التشكيلي كان له مشاركة فاعلة في المهرجان خلال نسختيه الأولى والثانية، حيث أكدت التشكيلية كريمة المسيري بأن الفعالية الخاصة بالتشكيليين تعد مهرجانا متكاملا داخل المهرجان، مشيرة إلى أن الأعمال المعروضة لاقت صدى كبيرا، وقالت أرى بأن ركن التشكيليين في مهرجان التمور بالأحساء مختلف عن باقي المهرجانات التي تضيف الفعالية كجانب هامشي للمهرجان؛ أما في هذا المهرجان فالأمر مختلف، فهناك اهتمام كبير بالفنان، واحترام لفنه حيث تم منحه مساحة جيدة وحظي بافتتاح خاص من قبل أمير المنطقة الشرقية بالإضافة إلى تخصيص ميزانية للمعرض وتم استضافة فنانين من الخارج ومجموعة من مؤسسي الفن التشكيلي من السعودية والخليج بالإضافة إلى دعم الفنانين الصغار وإبرازهم، حيث تم اكتشاف عديد من المواهب من خلال مشاركتهم في المهرجان واحتضانهم وتوجيههم ودعمهم لإبراز مواهبهم، وأكدت بأن عديدا من الفنانين التحقوا بالمهرجان بعد مضي عدة أيام من بدايته حيث تم استقبال أعمالهم وإتاحة الفرصة لهم للمشاركة. ومن جهتها أكدت التشكيلية حصة السياري بأن قلة الفرص التي يحصل عليها الفنان التشكيلي في المنطقة تعد عائقاً كبيراً أمام إبراز موهبته، مؤكدة بأن أمانة الأحساء منحت الفنانين التشكيليين فرصة كبيرة لإظهار مواهبهم من خلال مشاركتهم في بعض الفعاليات التي تنظمها والتي تعتبر ورش عمل تساهم في صقل موهبة الفنان، ومجالا للتنافس بين الفنانين فكل مشارك يسعى لإبراز موهبته، معتبرة أن تلك المشاركة تعد فرصة لها للتواصل مع جمهورها من محبي الفنون التشكيلية، وأشارت إلى أن ركن التشكيليين كان مقصدا لعدد كبير من هواة الفنون التشكيلية الذين تعرفوا على عديد من الأعمال التي أنتجها أبناء المنطقة واستمتعوا بمشاهدة الفنانين التشكيليين وهم يمارسون أعمالهم.