زيف الادعاءات الإيرانية بعدم تأثير العقوبات الاقتصادية، تكشفها الحقائق المرّة من نقص حاد في العملة الصعبة لدى البنك المركزي وعجزها عن تسديد فواتير الأرز للهند وارتفاع الأسعار والوقود وانهيار الريال الإيراني أمام الدولار، وإعلان رئيس اتحاد صناعات محافظة طهران عن تعطل 25 % من الصناعات الإيرانية، و16 % في طريقها إلى التوقف التام و21 % نصف معطلة. ومع حالة الاختناق والانسداد الاقتصادي والسياسي والاجتماعي التي تشهدها إيران، سارع “سعيد جليلي” الناطق الرسمي باسم البرنامج النووي الإيراني بتوجيه رسالة إلى “كاترين أشتون” وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي، متوسلاً فيها الموافقة العاجلة على بدء المفاوضات حول البرنامج النووي الإيراني. وانتهجت إيران لعبة “جر الحبل” والمماطلة بتوخيها الألاعيب والحيل في تعاملها مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، واتخذت مواقف متشدّدة إزاء عملية تخصيب اليورانيوم إلى حد التعبير عن كونها خطاً أحمر، وفقاً لمساعد “جليلي” الذي صعّد لهجته بقوله إن “إرهابيين ينفذون قرارات مجلس الأمن” في إشارة واضحة إلى الولاياتالمتحدة وحلفائها الغربيين. وعجز إيران عن حماية منشآتها من الانفجارات وعلمائها من الاغتيالات، واقتصادها من الانهيارات، إضافة إلى عزلتها الدولية وسحب أصحاب المشروعات أرصدتهم من البنوك وتنامي شعور المواطن بقرب مرحلة ما بعد إيران، كلها أسباب دفعت بالقادة الإيرانيين إلى التفكير الجدّي بالتراجع عن العنجهية والتهيؤ إلى تجرّع كأس السم مرّة أخرى، ممّا يمكن مقارنة الوضع الإيراني الراهن بإعلان الخميني عن شعوره بتجرّع كأس السم عند موافقته على قرار وقف إطلاق النار مع العرق عام 1988.