السعودية ترفع حيازتها من سندات الخزانة 1.1 مليار دولار في شهر    نائب أمير جازان يطلع على جهود تعليم جازان مع انطلاقة الفصل الدراسي الثاني    الذهب لأعلى مستوى مع تراجع الدولار وترقب إشارات «الفائدة».. والأسهم ترتفع    النفط يستقر رغم انقطاع الإمدادات والمخاطر الجيوسياسية    خيم نازحي غزة تغرق.. ودعوات دولية لزيادة المساعدات    القافلة الطبية لجراحة العيون تختتم أعمالها في نيجيريا    فيتو روسي ضد وقف إطلاق النار في السودان    التزام سعودي - إيراني بتنفيذ «اتفاق بكين»    مصير «الأخضر» تحدده 4 مباريات    المملكة تتسلّم علم الاتحاد الدولي لرياضة الإطفاء    تسريع إنشاء الميناء الجاف يحل أزمة تكدس شاحنات ميناء الملك عبدالعزيز    المملكة تؤكد خطورة التصريحات الإسرائيلية بشأن الضفة الغربية    يوم الطفل.. تعزيز الوعي وتقديم المبادرات    ياسمين عبدالعزيز تثير الجدل بعد وصف «الندالة» !    تحالف ثلاثي جامعي يطلق ملتقى خريجي روسيا وآسيا الوسطى    22 ألف مستفيد من حملة تطعيم الإنفلونزا بمستشفى الفيصل    العصفور ل«عكاظ»: التحولات نقطة ضعف الأخضر    رهانات زيارة ماكرون للمملكة العربية السعودية    سهرة مع سحابة بعيدة    «قمة الكويت» وإدارة المصالح الخليجية المشتركة!    رغم تناقضاتهم.. تجمعهم كراهية السعودية !    العامودي وبخش يستقبلان المعزين في فقيدتهما    فرص تطوعية لتنظيف المساجد والجوامع أطلقتها الشؤون الإسلامية في جازان    الشورى يطالب «التنمية الاجتماعية» بتغطية المناطق كافة    أمير القصيم يستقبل السفير الأوكراني    نائب أمير الشرقية يطلع على جهود الجمعيات الأهلية    الرومانسية الجديدة    واعيباه...!!    الشؤون الإسلامية في جازان تقيم عدد من الفعاليات التوعوية والتثقيفية وتفتح فرصاً تطوعية    خبر انطلاق منتدى مكة لريادة الأعمال وحفل التدشين    تحت رعاية خادم الحرمين.. مركز الملك سلمان للإغاثة ينظم المؤتمر الدولي للتوائم الملتصقة    وطن الطموح    كلب ينقذ سائحاً من الموت    الترقيات الاستثنائية ودورها في حياة الموظف    نيابةً عن سمو ولي العهد.. وزير الخارجية يرأس وفد المملكة في قمة» العشرين»    إدارة الخليج.. إنجازات تتحقق    في مؤجلات الجولة الثامنة بدوري يلو.. النجمة في ضيافة العدالة.. والبكيرية يلتقي الجندل    25% من حوادث الأمن السيبراني لسرقة البيانات    أرامكو توسع مشاريع التكرير    المعداوي وفدوى طوقان.. سيرة ذاتية ترويها الرسائل    القراءة واتباع الأحسن    جمع الطوابع    تعزيز البنية التحتية الحضرية بأحدث التقنيات.. نائب أمير مكة يستقبل رئيس الشؤون الدينية    صدور موافقة خادم الحرمين الشريفين.. استضافة 1000 معتمر من 66 دولة    ثقافات العالم    سفارة كازاخستان تكرم الإعلامي نزار العلي بجائزة التميز الإعلامي    مراحل الحزن السبع وتأثيرتها 1-2    الاستخدام المدروس لوسائل التواصل يعزز الصحة العقلية    تقنية تكشف أورام المخ في 10 ثوانٍ    نائب وزير الدفاع يلتقي وزير الدولة لشؤون الدفاع بجمهورية نيجيريا الاتحادية    نائب أمير مكة يستقبل رئيس الشؤون الدينية بالمسجد الحرام والمسجد النبوي    محافظ الطائف يستقبل الرئيس التنفيذي ل "الحياة الفطرية"    مجمع الملك فهد يطلق «خط الجليل» للمصاحف    أمير تبوك يستقبل المواطن ممدوح العطوي الذي تنازل عن قاتل أخيه    سلطنة عمان.. 54 عاماً في عز وأمان.. ونهضة شامخة بقيادة السلطان    163 حافظا للقرآن في 14 شهرا    لبنان نحو السلام    عودة للمدارس    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وزير الخارجية يجيب على تساؤلات «أعضاء الشورى»
نشر في الشرق يوم 01 - 04 - 2015

بعد إلقائه كلمته أمام «الشورى» أمس؛ أجاب وزير الخارجية عن استفسارات أعضاء المجلس وتساؤلاتهم.
وقال رداً على تساؤلٍ لأحد الأعضاء بشأن «عاصفة الحزم»؛ إن المملكة ليست بصدد الزج بقواتها البرية داخل الأراضي اليمنية «فاليمنيون قادرون على القيام بمسؤولياتهم ومواجهة التنظيم الحوثي، خصوصاً في ظل انضمام عديد من العسكريين والمدنيين مؤخراً إلى القوات الموالية للشرعية»، مؤكداً أن اليمنيين هم الذين سيحمون اليمن.
ووصف علاقات دول مجلس التعاون الخليجي واليمن ب «الاستثنائية»، ولفت إلى إدراك دول الخليج العربي مسؤولياتها تجاه النهوض باليمن ودعم التنمية فيه، مضيفاً «ما يهمنا في اليمن هو ازدهاره ونماؤه واستقراره».
ورداً على تساؤلٍ آخر؛ أبدى الأمير سعود الفيصل ارتياحه للمستوى المتقدم الذي وصلت إليه المملكة في مواجهة الإرهاب، مشيراً إلى احتلالها مرتبة متقدمة في تبادل المعلومات بين الدول وأنها أصبحت مصدراً موثوقاً في هذا المجال.
وجدد الفيصل تأكيده أن السياسة الخارجية للمملكة تقوم على خدمة الإسلام والمسلمين وأن جهودها الدبلوماسية تصب في هذا الاتجاه، ولفت النظر إلى احترام المملكة الشؤون الداخلية للدول «إذ ليس من سياستها التدخل في شؤون الغير»، مشدداً على أنها ستبقى دائماً إلى صف الخير والسلام.
وعن المساعدات السعودية للخارج، أوضح الفيصل أن المساعدات التي تقدمها المملكة إلى الدول المحتاجة انتهجت نهجاً جديداً يقوم على المشاركة، كاشفاً أن «الخارجية» اعتمدت مؤخراً آلية جديدة تضمن وصول المساعدات إلى مواطني الدول المستفيدة وتمكِّن الوزارة من معرفة كل ريال يخرج من المملكة والإشراف المباشر على تلك المشاريع.
وعن الخدمات التي تقدمها «الخارجية»؛ لاحظ الوزير أنها تحسَّنت كثيراً عما كانت عليه وإن لم تصل إلى مستوى الكمال، مضيفاً أن الوزارة أطلقت عديدا من البرامج لتطوير العمل في سفارات المملكة في الخارج وتأهيل منسوبيها لضمان تحسين الخدمات المقدمة للمواطنين والمستفيدين.
وتناول عددٌ من أعضاء المجلس في مداخلاتهم مواضيع تتعلق بالشأن السياسي والخارجي والقضايا الراهنة، وأجاب عنها وزير الخارجية بكل شفافية ووضوح.
وحضر الجلسة الأمير تركي الفيصل، ونائب وزير الخارجية الأمير عبدالعزيز بن عبدالله بن عبدالعزيز، ووزير الدولة للشؤون الخارجية الدكتور نزار بن عبيد مدني، ووكيل وزارة الخارجية للعلاقات متعددة الأطراف الأمير الدكتور تركي بن محمد بن سعود الكبير، ومساعد الوزير الأمير خالد بن سعود بن خالد، ووكيل الوزارة لشؤون المعلومات والتقنية الأمير محمد بن سعود بن خالد، والأمير خالد بن سعود الفيصل، والأمير سلمان بن سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز، ووكيل الوزارة للعلاقات الثنائية الدكتور خالد بن إبراهيم الجندان، ووكيل الوزارة للعلاقات الاقتصادية والثقافية الدكتور يوسف السعدون، ومدير عام مكتب الوزير السفير حمد الفارس، ومدير عام الإدارة العامة للشؤون الإعلامية في الوزارة السفير أسامة نقلي.
وصف وزير الخارجية، الأمير سعود الفيصل، السعوديين بأنهم ليسوا دعاة حرب و«لكن إذا قُرِعَت طبولها فنحن جاهزون لها»، وجدَّد تأكيد المملكة على استمرار «عاصفة الحزم» للدفاع عن الشرعية في الجمهورية اليمنية حتى تحقِّق العملية أهداف=ها ويعود اليمن آمناً مستقراً وموحداً، مشيراً إلى أن الرياض ليست بصدد الزج بقواتها البرية في الأراضي اليمنية ف «اليمنيون قادرون على مواجهة التنظيم الحوثي» خصوصاً بعد انضمام عسكريين ومدنيين إلى القوات الموالية للشرعية.
واتهم وزير الخارجية، خلال كلمةٍ ألقاها أمس لدى حضوره جلسة مجلس الشورى بطلبٍ من المجلس، الحوثيين وأعوان الرئيس اليمني السابق بأنهم أبَوا إلا أن يعبثوا في اليمن بدعمٍ إيراني وأعادوا خلط الأوراق وسلبوا الإرادة اليمنية بانقلابهم على الشرعية الدستورية، وذكَّر بأنهم رفضوا كل الحلول السلمية تحت قوة السلاح المنهوب ومارسوا سياسة جرفت بلدهم إلى فتن عظيمة تنذر بمخاطر لا تُحمَد عقباها.
وقال الفيصل «لسنا دعاة حرب، ولكن إذا قُرِعَت طبولها فنحن جاهزون لها»، وعدَّ أمن اليمن جزءا لا يتجزأ من أمن المملكة والخليج والأمن القومي العربي، لافتاً إلى أن الاستغاثة جاءت من «بلدٍ جار وشعبٍ مكلوم وقيادةٍ شرعية تستنجد وتطلب وقف العبث بمقدرات اليمن وتروم الحفاظ على شرعيته ووحدته الوطنية وسلامته الإقليمية واستقلاله وسيادته، ومن هذا المنطق حَظِيَ التحالف للدفاع عن الشرعية في اليمن بمباركة واسعة وتأييد شامل من لدن أمتنا العربية والإسلامية والعالم».
وشدد وزير الخارجية على أن «المملكة لم تدَّخر جهداً مع أشقائها في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية والأطراف الدولية الفاعلة؛ في العمل المخلص الجاد بغية الوصول للحل السلمي لدحر المؤامرة على اليمن الشقيق، وحل مشكلاته والعودة إلى مرحلة البناء والنماء بدلاً من سفك الدماء».
في سياقٍ متصل؛ اتهم وزير الخارجية دولة إيران بزعزعة الأمن والسلم والتدخل السافر في شؤون دول المنطقة وإثارة الفتن والشقاق بين أبناء العقيدة الواحدة، وطالب دول مجموعة (5+1) التي تشرف على مفاوضات «النووي الإيراني» بالسعي إلى تحقيق التوافق بين إيران والعرب بدلاً من الالتفاف على مصالحهم لإغراء طهران بمكاسب لا يمكن أن تجنيها إلا إذا تعاونت مع دول المنطقة.
وقال الفيصل «كنا نتوقع عند قيام الثورة الإيرانية التي سرَّنا أن تطلق على نفسها الإسلامية؛ أن تكون إيران نصيراً لقضايانا العربية والإسلامية وعوناً لنا في خدمة الأمة الإسلامية وترسيخ الأمن والاستقرار في المنطقة، إلا أننا فوجئنا بسياسة تصدير الثورة وزعزعة الأمن والسلم والتدخل السافر في شؤون دول المنطقة وإثارة الفتن والشقاق بين أبناء العقيدة الواحدة»، متسائلاً عن ماهية المصلحة التي ستجنيها إيران من تقسيم العالمين العربي والإسلامي ومحاولات الدفع بهما إلى الهاوية التي لا صعود منها.
وقال الوزير «لن ندين إيران أو نبرئها من الاتهامات الملقاة على عاتقها، لكننا سنختبر نياتها، بأن نمد لها أيدينا كبلد جار مسلم لفتح صفحة جديدة»، ورأى أنه «إذا كان لنا أن نعتبر إيران بلد حضارة – ونحن نعتبرها وشعبها كذلك -، فإن واجبها يحتم عليها أن تكون بانية حضارة ترتقي بالأمن والسلم في المنطقة لا تزعزعه، كما أنها كبلد مسلم، فإن كتاب الله وسنة رسوله المصطفى صلى الله عليه وسلم يفرض عليها خدمة قضايانا الإسلامية لا تشتيتها وتفريقها، وعلى إيران أن تدرك أن دعوة التضامن الإسلامي وُجِدَت لتبقى، وستبقى بمشيئة الله تعالى، والأجدى لها أن تشارك في هذا التوجُّه بدلا مما تسميه بتصدير الثورة».
ودعا الفيصل مجموعة دول (5+1) إلى السعي أولاً لتحقيق التوافق بين إيران والدول العربية «بدلاً من الالتفاف على مصالح دول المنطقة لإغراء إيران بمكاسب لا يمكن أن تجنيها إلا إذا تعاونت مع دول المنطقة».
واعتبر أن الملف النووي الإيراني يظل أحد الهواجس الأمنية الشديدة الخطورة على أمن المنطقة وسلامتها، وذكَّر بأن «التاريخ يشهد أنه لم يدخل سلاح في المنطقة إلا وجرى استخدامه»، متابعاً «من هذا المنطلق دعمنا دائماً الحل السلمي القائم على ضمان حق إيران ودول المنطقة في الاستخدام السلمي للطاقة النووية وفق معايير وإجراءات الوكالة الدولية للطاقة الذرية وتحت إشرافها، وبما ينسجم مع قرار الجامعة العربية الرامي إلى جعل منطقة الشرق الأوسط والخليج العربي منطقة خالية من كافة أسلحة الدمار الشامل بما فيها السلاح النووي».
وفي موضوعٍ آخر، جدَّد وزير الخارجية تأييد المملكة تشكيل هيئة حكم انتقالية في سوريا بصلاحيات سياسية وأمنية وعسكرية واسعة استناداً إلى مبادئ إعلان «جنيف 1» على أن لا يكون لبشار الأسد ومن تلطخت أياديهم بدماء السوريين أي دور فيها.
وأكد الأمير سعود الفيصل أن المملكة ترى ضرورة السعي نحو تحقيق التوازن العسكري على الأرض لإرغام الأسد الذي وصفه ب «سفاح دمشق» على الاستجابة للحل السلمي في ظل إصراره على الحسم العسكري «الذي دمَّر البلاد وشرَّد العباد» و»حتى يعود السلام لهذا الجزء الغالي من أمتنا العربية ويشيِّد أبناؤها عز دمشق، وعز الشرق أوله دمشق».
ووصف الفيصل الوضع في سوريا ب «مأساةً تجاوزت كل المطامع السياسية ومراميها» و»كارثةً إنسانية لم يُشهَد لها مثيل في تاريخنا المعاصر»، ولاحظ أن المأساة «فاقت كل حدود، وأصبحت وصمة عار في جبين كل متخاذل عن نصرة هذا الشعب المنكوب»، مستدلاً بوصول عدد القتلى إلى نصف مليون تقريباً شاملاً القتلى غير المعلن عنهم، فيما فاق عدد المهجرين واللاجئين 11 مليون شخص.
واعتبر الوزير أن «الضحية – وللأسف الشديد- بلد عربي عزيز تُدمَّر بنيته ويُذبَح شعبه بلا هوادة ولا لين بيدٍ آثمة من المفترض أن تحميه وتحفظ مصالحه»، مؤكداً أن «المملكة التي تستشعر حجم آلام ومعاناة الشعب السوري؛ تقف قيادةً وشعباً خلف كل جهد ممكن في سبيل إحياء الضمير العربي والدولي لوضع حد لهذه الكارثة الإنسانية».
وعن العراق، أعرب وزير الخارجية عن تفاؤله بالحكومة العراقية الحالية بعدما أعلنت تصميمها على إعادة بناء العراق على أسس وطنية وبمساهمة جميع العراقيين دون إقصاءٍ لمذهب أو طائفة أو عرق «إضافةً إلى تعهدها بالقضاء على الإرهاب أياً كانت مسمياته وإزالة كل مظاهر الميليشيات المسلحة».
وأوضح أن «هذا التوجه الإيجابي حظى بتأييدنا التام»؛ وانعكس ذلك في السعي نحو تطوير العلاقة بين المملكة والعراق، والشروع في إعادة فتح السفارة السعودية في بغداد، والمشاركة الفاعلة في التحالف الدولي لمحاربة تنظيم داعش الإرهابي في العراق والشام.
واعتبر الفيصل أن بغداد «قاست الأمرَّين على أيدي زمرة من أبنائها مدفوعين من قِبَلِ أطراف خارجية تلهث من أجل إشاعة الفتنة والفرقة والتناحر، ولا تكفّ عن ارتكاب الجرائم وبث الكراهية وغرس الحقد في عاصمة الرشيد وملتقى الحضارات؛ التي كانت تشكل في وقت من الأوقات حديقة غنَّاء يفوح عبيرها بعبق التنوع وثراء التعددية، ليس فقط في موطننا العربي، بل وفي العالم بأسره وعلى مدى قرون طوال».
وفي سياقٍ مرتبط بأزمتي العراق وسوريا؛ قال وزير الخارجية إن المملكة تدعو إلى «توسيع مهام التحالف الدولي لمحاربة تنظيم داعش الإرهابي في العراق والشام، مع الاستمرار في دعوتها نحو توسيع هذا التحالف ليصبح بمنزلة الشرطة الدولية لمحاربة كافة التنظيمات الإرهابية دون استثناء وفي أي مكان وُجِدَت».
لكنه نبَّه إلى أن المواجهة الفكرية للإرهاب لا تقل أهمية عن مواجهته أمنياً، داعياً أيضاً إلى قطع كل سبل التمويل عن الإرهاب باعتباره أحد أكبر المخاطر التي باتت تواجه العالم وتهدد الأمن والسلم الدوليين «حيث يتمدد في العالم بكافة أشكاله وصوره وتعدد مصادره واختلاف الجهات التي تقف وراءه».
وفي الصدد ذاته، ذكَّر الفيصل بأن المملكة أدركت مبكراً عالمية ظاهرة الإرهاب فلم تتوانَ عن المشاركة في جميع المبادرات الدولية لمكافحة هذه الآفة والفكر المتطرف المؤدي إليه.
وقال «لست هنا بمعرض الحديث عن الجهود الداخلية لحكومة المملكة – وهي واضحة لكم – في ظل ما حققته من نتائج إيجابية في محاربة الإرهاب أمنياً وفكرياً وتمويلياً، ونجحت ولله الحمد في القضاء استباقياً على التنظيمات الإرهابية على أرضها، إلا أن إدراك المملكة لعالمية ظاهرة الإرهاب كثَّف من جهودها على الساحتين الإقليمية والعالمية لتكريس التعاون الدولي في مكافحة الإرهاب وفق استراتيجية واضحة، بأهداف محددة، وإمكانات مؤثرة، والتصدي له بروح جماعية تقي العالم من شروره وتقتلعه من جذوره».
وزاد «لترجمة هذه الرؤية شرعت المملكة في تحركها منذ وقت مبكر، وتحديداً في العام 1425ه عندما استضافت الرياض أول مؤتمر عالمي لمكافحة الإرهاب وعلى مستوى المتخصصين الأمنيين، استتبع ذلك إنشاء المملكة للمركز الدولي لمكافحة الإرهاب تحت مظلة الأمم المتحدة وتبرعت له بمبلغ 100 مليون دولار، كما لم تتوان المملكة عن المشاركة في جميع المبادرات الدولية لمكافحة الإرهاب والفكر المتطرف المؤدي إليه».
وفي الشأن الفلسطيني؛ جدَّد الأمير سعود الفيصل التأكيد على أن القضية الفلسطينية هي المحور الأساسي لسياسة المملكة الخارجية.
وأوضح أن «موقف المملكة تجاه هذه القضية يرتكز على السعي لتحقيق السلام العادل والدائم والشامل، الذي يشكل صلب مبادرة السلام العربية التي طرحتها المملكة وتبنتها جامعة الدول العربية».
وفي كلمته أمام «الشورى»؛ أوضح الأمير سعود الفيصل أن السياسة الخارجية للمملكة تُبنَى على ثوابت محددة؛ أهمها: الانسجام مع مبادئ الشريعة الإسلامية، والدفاع عن القضايا العربية والإسلامية، وخدمة الأمن والسلم الدوليين، والالتزام بقواعد القانون الدولي والمعاهدات والمواثيق الدولية واحترامها، وبناء علاقات ودية تخدم المصالح المشتركة مع دول العالم تقوم على الاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشؤون الداخلية وذلك في إطار خدمة مصالح الوطن وحمايته والحفاظ على سلامة أراضيه واستقراره ونمائه، ورعاية مصالح المواطنين وإعلاء شأن المملكة ومكانتها في العالم.
ولفت إلى حرص السياسة الخارجية للمملكة على العمل الجماعي الفاعل في مختلف أطرها الخليجية والعربية والإسلامية والدولية، وأكد أنها تسعى بجدية إلى تطوير آليات العمل المشترك «سواءً من خلال الدعوة إلى الاتحاد الخليجي (…)؛ أو المساهمة في إصلاح جامعة الدول العربية، وتعزيز دور منظمة التعاون الإسلامي، والدعوة إلى تطوير هياكل الأمم المتحدة وإصلاح مجلس الأمن».
وتوقَّع الفيصل أن يمكِّن «الاتحاد الخليجي» دول مجلس التعاون من مواجهة التحديات والتغيرات الإقليمية والعالمية وتقوية شوكتها في الدفاع عن مصالحها ومصالح أشقائها في العالمين العربي والإسلامي.
وفي الموضوع ذاته؛ أكد الأمير سعود الفيصل أن العمل بموجب ثوابت السياسة الخارجية للمملكة يحتِّم على الوزارة مواكبة متطلبات التغيير والتجديد في أسلوب وطريقة أدائها للمهام المنوطة بها و»على النحو الذي يحاكي لغة العصر ويتعامل مع أساليبه، ويمكِّنها من مواجهة الأعباء والمسؤوليات المتعاظمة الملقاة على عاتقها، في ظل ما يشهده العالم من تحول من الدبلوماسية التقليدية المحدودة بين الدول والحكومات إلى ما اصطلح على تسميته بالدبلوماسية الشاملة».
وأوضح أن «هذا الأمر استدعى من جهاز الوزارة أن يتعامل مع سياسة التطوير بأسلوب منهجي، ووفق منظور استراتيجي من كافة جوانبه الهيكلية والتنظيمية»، مشيراً إلى العنصر البشري باعتباره صاحب النصيب الأوفر في عملية التغيير «وذلك من خلال العمل على التطوير النوعي والعددي للموارد البشرية وإعادة النظر بشكل جذري في طرق استقطاب وتأهيل وتدريب هذه الكوادر».
وتابع «كمثال على ذلك، وتقديراً لأهمية دور المرأة السعودية، أتاحت لها الوزارة إمكانية الدخول إلى عالم الدبلوماسية على أساس اعتبارات الجدارة والمؤهل والمستوى الثقافي، ليرتفع عدد الموظفات من 60 موظفة عام 1429ه إلى 284 موظفة عام 1435ه، أي بزيادة فاقت 4 أضعاف العدد».
وفيما يتعلق بالتطوير التنظيمي في «الخارجية»؛ قال الوزير إن كافة الأجهزة في الديوان العام للوزارة خضعت لإعادة هيكلة «كما هو الحال بالنسبة لبعثات المملكة في الخارج؛ التي ارتفع عددها إلى 120 بعثة تغطي العلاقات السعودية مع عدد 134 دولة؛ شاملةً التمثيل غير المقيم والوفود الدائمة لدى المنظمات الدولية وذلك من منظور الدبلوماسية الشاملة.
ووصف الفيصل تحوُّل الوزارة إلى العمل الإلكتروني بأنه بات العمود الفقري لتعاملاتها؛ سواءً داخلياً على مسار سير العمل فيها أو خارجياً على مسار الخدمات التي تقدِّمها و»التي بلغت حتى الآن 82 خدمة إلكترونية مفصَّلة في التقرير الذي بين أيديكم (أعضاء مجلس الشورى)».
وفي مجال الدراسات والأبحاث، أكد الوزير أن عملية التطوير يتعيَّن عليها أن تشمل معهد الدراسات الدبلوماسية و»هو الجهاز المختص بإعداد الدراسات والبحوث، والمعني بتطوير المهارات والقدرات لموظفي الوزارة وغيرهم من موظفي الدولة الذين يعملون في الخارج».
وفي نهاية كلمته؛ أعرب الأمير سعود الفيصل عن أمله في استمرار التواصل بين «الخارجية» و«مجلسكم الموقر؛ وذلك في ظل سعينا سويَّاً نحو تحقيق الهدف الأسمى في خدمة ديننا الحنيف والوطن والمواطن»، مقدِّماً شكره وتقديره لرئيس المجلس وأعضائه على طلبهم لحضوره.
من جهته؛ قدَّم رئيس «الشورى»، الدكتور عبدالله بن محمد بن إبراهيم آل الشيخ، الشكر لوزير الخارجية لتلبيته دعوة المجلس لإطلاعِه على التوجهات السياسية للمملكة، ومواقفها تجاه مختلف القضايا والمستجدات في المنطقة، والخطط المستقبلية ل «الخارجية»، والإجابة عن ما لدى الأعضاء من تساؤلات تدخل ضمن اختصاص الوزارة.
واعتبر آل الشيخ، في كلمةٍ له في افتتاح الجلسة، أن «السياسة الخارجية للمملكة وبتوجيهات من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز – حفظه الله – وسمو ولي عهده وسمو ولي ولي العهد؛ تحظى ولله الحمد بتقدير دولي، لما تتسم به من الاعتدال والاحترام المتبادل».
ولاحظ أن «المملكة خطت من خلال حضورها السياسي والدبلوماسي اللافت خطى كبيرة على مختلف الصعد، وأصبح لها دورها المؤثر والفاعل على خارطة التعاون العربي والإسلامي والدولي»، مشيراً إلى «عضويتها في مجموعة العشرين وعديد من المنظمات الدولية، ودورها البارز في محاربة الإرهاب ودعم الحوار العالمي وترسيخ مبدأ التعايش السلمي».
وأبدى آل الشيخ ارتياحه للجهود التي يبذلها منسوبو «الخارجية» والممثليات السعودية في الخارج بتوجيهات ومتابعة من الأمير سعود الفيصل لرعاية المواطنين في الخارج وحماية مصالحهم وتسهيل كافة أمورهم.
ونوه بالتعاون القائم بين المجلس والوزارة وما يجده الأول من دعم واهتمام شخصي من الأمير سعود الفيصل، وعدَّ طلب الوزير تعزيز التعاون بين لجنة الشؤون الخارجية في المجلس والوزارة واحداً من الشواهد على ذلك.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.