كشف وزير الخارجية الأمير سعود الفيصل، ان الحوثي والرئيس اليمني السابق وإيران «أبوا إلا أن يخلطوا الأوراق»، مشيراً إلى أنه إذا قرعت الحرب طبولها فنحن جاهزون لها. وتحدّث وزير الخارجية عن وفاة الملك عبدالله بن عبدالعزيز- رحمه الله-، متأثراً بوفاته ومعبراً عن حزنه؛ لكونه لم يكن بالمملكة ليودعه، وذلك لأن وقتها كان في رحلته العلاجية. وقال، خلال مخاطبته أمس جلسة مجلس الشورى: «مررت بظروفٍ صحية؛ كان فيها حالي كحال أمتنا العربية». وأكد أن «أمن اليمن جزءٌ لا يتجزّأ من أمن المملكة والخليج والأمن القومي العربي». وأكّد وزير الخارجية، استمرار عمليات عاصفة الحزم، قائلاً: «عاصفة الحزم ستستمر للدفاع عن الشرعية في اليمن حتى تُحقق أهدافها ويعود اليمن آمناً مستقراً وموحّداً». وأكّد وزير الخارجية، أن سياسة المملكة الخارجية مبنية على ثوابت محددة؛ أهمها: الانسجام مع مبادئ الشريعة الإسلامية، والدفاع عن القضايا العربية والإسلامية، وخدمة الأمن والسلم الدوليين، مع الالتزام بقواعد القانون الدولي والمعاهدات والمواثيق الدولية واحترامها، وبناء علاقات ودية تخدم المصالح المشتركة مع دول العالم، تقوم على الاحترام المتبادل، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية؛ وذلك في إطار خدمة مصالح الوطن وحمايته، والحفاظ على سلامة أراضيه واستقراره ونمائه، ورعاية مصالح المواطنين وإعلاء شأن المملكة ومكانتها في العالم. وأضاف: «فيما يتعلق بالقضايا السياسية، جرى العرف على وضع أولويات لهذه القضايا؛ غير أن جسامة التحديات وترابطها جَعَلَ كل قضية تشكل أولوية في حد ذاتها، وهذا يتطلب التعامل معها بجهد متوازٍ على كل الأصعدة الثنائية والمتعددة». وقال: «تشكّل القضية الفلسطينية المحور الأساسي لسياسة المملكة الخارجية، ويرتكز موقف المملكة تجاه هذه القضية على السعي لتحقيق السلام العادل والدائم والشامل، الذي يشكل صلب مبادرة السلام العربية التي طرحتها المملكة وتبنتها جامعة الدول العربية». وعن اليمن قال: «إن اليمن السعيد يئن من آلامه، ولقد استُبدلت ابتسامته بدموع على القتلى وألم على ضحاياه، فتنة تكاد تقود اليمن إلى حرب أهلية، ولم تدخر المملكة جهداً مع أشقائها في دول مجلس التعاون والأطراف الدولية الفاعلة في العمل المخلص الجادّ بُغية الوصول للحل السلمي لدحر المؤامرة عليه، وحل مشاكله، والعودة إلى مرحلة البناء والنماء؛ بدلاً من سفك الدماء؛ إلا أن ميليشيات الحوثي وأعوان الرئيس السابق وبدعم من إيران، أبت إلا أن تعبث في اليمن وتعيد خلط الأوراق، وتسلب الإرادة اليمنية، وتنقلب على الشرعية الدستورية، وترفض كل الحلول السلمية تحت قوة السلاح المنهوب، في سياسة جرفت اليمن إلى فتن عظيمة وتُنذر بمخاطر لا تُحمد عقباها». وأضاف: «إننا لسنا دعاة حرب؛ ولكن إذا قرعت طبولها فنحن جاهزون لها، وأمن اليمن جزء لا يتجزأ من أمن المملكة والخليج والأمن القومي العربي؛ فكيف إذا جاءت الاستغاثة من بلد جارٍ وشعب مكلوم، وقيادة شرعية تستنجد لوقف العبث بمقدرات اليمن وتروم الحفاظ على شرعيته ووحدته الوطنية وسلامته الإقليمية واستقلاله وسيادته، ومن هذا المنطلق حَظِيَ التحالف للدفاع عن الشرعية في اليمن بمباركة واسعة وتأييد شامل، من لدن أمتنا العربية والإسلامية والعالم، ولَسَوف تستمر "عاصفة الحزم" للدفاع عن الشرعية في اليمن؛ حتى تحقق أهدافها- بإذن الله تعالى- ويعود اليمن آمناً مستقراً وموحداً». وعن القضية السورية، قال: «فاقت المأساة السورية كل حدود، وأصبحت وصمة عار على جبين كل متخاذل عن نصرة هذا الشعب المنكوب؛ فالقتلى يكاد يصل عددهم إلى نصف مليون، شاملاً القتلى غير المعلن عنهم، ومهجّرون ولاجئون يفوق عددهم 11 مليوناً». وأضاف: «إننا أمام مأساة مريعة تجاوزت كل المطامع السياسية ومراميها؛ فهناك كارثة إنسانية لم يشهد لها مثيل في تاريخنا المعاصر، وضحيتها- وللأسف الشديد- بلد عربي عزيز؛ تُدَمّر بنتيه، ويُذبح شعبه بلا هوادة ولا لين، بِيَد آثمة من المفترض أن تحميه وتحفظ مصالحه». وقال: «إن المملكة العربية السعودية التي تستشعر حجم آلام ومعاناة الشعب السوري، تقف قيادة وشعباً خلف كل جهد ممكن، في سبيل إحياء الضمير العربي والدولي؛ لوضع حد لهذه الكارثة الإنسانية؛ وذلك عبر الدفع بالحل القائم على مبادئ إعلان جنيف (جنيف 1)، الذي يقضي بتشكيل هيئة انتقالية للحكم بصلاحيات سياسية وأمنية وعسكرية واسعة، لا يكون للأسد ومَن تلطّخت أيديهم بدماء السوريين أي دور فيها، مع السعي نحو تحقيق التوازن العسكري على الأرض لإرغام سفاح دمشق على الاستجابة للحل السلمي؛ في ظل إصراره على الحسم العسكري الذي دمر البلاد وشرّد العباد، وحتى يعود السلام لهذا الجزء الغالي من أمتنا العربية، ويشيد أبناؤها عز دمشق، وعز الشرق أوله دمشق». وقال الفيصل، في رده على تساؤل لأحد الأعضاء: إن المملكة ليست بصدد الزج بقواتها البرية داخل الأراضي اليمنية. فاليمنيون قادرون على القيام بمسؤولياتهم ومواجهة التنظيم الحوثي، خصوصاً في ظل انضمام العديد من العسكريين والمدنيين مؤخراً، إلى القوات الموالية للشرعية. مؤكداً سموه في ذات السياق أن اليمنيين هم الذين سيحمون اليمن. وأضاف: إن دول مجلس التعاون الخليجي، لديها علاقات استثنائية مع اليمن الشقيق، وتدرك مسؤولياتها تجاه النهوض باليمن ودعم التنمية فيه، وما يهمنا في اليمن هو ازدهاره ونماؤه واستقراره. وأشاد بالمستوى المتقدم الذي وصلت إليه المملكة في مواجهة الإرهاب، لافتاً النظر إلى أن المملكة في هذا المجال تحتل مرتبة متقدمة في تبادل المعلومات بين الدول، وأصبحت مصدرا موثوقا في هذا المجال. وأوضح أن الوزارة أطلقت العديد من البرامج لتطوير العمل في سفارات المملكة في الخارج، وتأهيل منسوبي الوزارة، لضمان تحسين الخدمات المقدمة للمواطنين والمستفيدين، لافتاً إلى أن الخدمات لم تصل إلى مستوى الكمال، لكنها تحسنت كثيراً عما كانت عليه. وعن المساعدات السعودية للخارج، بيَّن أن المساعدات التي تقدمها المملكة للدول المحتاجة انتهجت نهجاً جديداً يقوم على المشاركة، موضحاً أن وزارة الخارجية اعتمدت مؤخراً آلية جديدة تضمن وصولها إلى مواطني الدول المستفيدة، وتمكّن الوزارة من معرفة كل ريال يخرج من المملكة والإشراف المباشر على تلك المشاريع. وأكّد الأمير سعود الفيصل، أن السياسة الخارجية للمملكة تقوم على خدمة الإسلام والمسلمين، وأن الجهود الدبلوماسية تصب في هذا الاتجاه، لافتاً النظر إلى احترام المملكة للشؤون الداخلية للدول، وليس من سياستها التدخل في شؤون الغير، وستبقى دائماً إلى صف الخير والسلام. كما تناول عدد من أعضاء المجلس في مداخلاتهم، عدداً من الموضوعات التي تهم الشأن السياسي والخارجي والقضايا الراهنة التي أجاب عنها سمو وزير الخارجية بكل شفافية ووضوح. وحضر الجلسة، الأمير تركي الفيصل، والأمير عبدالعزيز بن عبدالله بن عبدالعزيز نائب وزير الخارجية، و وزير الدولة للشؤون الخارجية الدكتور نزار بن عبيد مدني، والأمير الدكتور تركي بن محمد بن سعود الكبير وكيل وزارة الخارجية للعلاقات متعددة الأطراف ومساعد وزير الخارجية الأمير خالد بن سعود بن خالد، و وكيل وزارة الخارجية لشؤون المعلومات والتقنية الأمير محمد بن سعود بن خالد، ووكيل وزارة الخارجية للعلاقات الثنائية الدكتور خالد بن إبراهيم الجندان، ووكيل وزارة الخارجية للعلاقات الاقتصادية والثقافية الدكتور يوسف السعدون، ومديرعام مكتب سمو وزير الخارجية السفير حمد الفارس، ومدير عام الإدارة العامة للشؤون الإعلامية السفير أسامة نقلي، وحضر عدد من مسؤولي الوزارة. كما حضر الجلسة الأمير خالد بن سعود الفيصل، والأمير سلمان بن سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز. من جهته، قال رئيس مجلس الشورى: «إن السياسة الخارجية للمملكة العربية السعودية وبتوجيهات من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز– حفظه الله– وسمو ولي عهده وسمو ولي ولي العهد، تحظى ولله الحمد بتقدير دولي، لما تتسم به من الاعتدال والاحترام المتبادل، فقد خطت المملكة من خلال حضورها السياسي والدبلوماسي اللافت خطى كبيرة على مختلف الصعد، وأصبح للمملكة دورها المؤثر والفاعل على خارطة التعاون العربي والإسلامي والدولي، ومن خلال عضويتها في مجموعة العشرين، وفي العديد من المنظمات الدولية. فضلاً عن دورها البارز في محاربة الإرهاب، وفي الحوار العالمي، وترسيخ مبدأ التعايش السلمي. وأشاد بالجهود التي يبذلها منسوبو الوزارة وممثليات المملكة في الخارج بتوجيهات ومتابعة من الأمير سعود الفيصل لرعاية مواطني المملكة في الخارج، وحماية مصالحهم، وتسهيل كافة أمورهم. ونوّه الدكتور آل الشيخ بالتعاون القائم بين مجلس الشورى ووزارة الخارجية، وما يجده المجلس من دعم واهتمام شخصي من سمو وزير الخارجية، وعدّ طلب سموّه بتعزيز التعاون بين لجنة الشؤون الخارجية بالمجلس ووزارة الخارجية، واحداً من الشواهد على ذلك.
سموّه يشرح موقف المملكة أمام الأعضاء
أعضاء الشورى يستمعون لكلمة وزير الخارجية عضوات الشورى ينصتن إلى كلمة وزير الخارجية