قدّم الدكتور محيي الدين محسب خلال الحلقة النقدية التي نظمها نادي جدة الأدبي أمس ورقة نقدية بعنوان (التحول الإبستمولوجي في مفهوم الإدراك وانعكاسه في المقابلات العربية)، أشار فيها إلى أن هناك ثمة جدل في الفضاء العربي الأكاديمي حول ترجمة مصطلح cognition والنعت المنسوب إليه cognitive. فمثلاً يترجم مصطلح (cognitive) الوارد في التسمية Cognitive psychology ب(المعرفي)، وب(الإدراكي). وقال محيي الدين: إن المشكلة مع هذا المقابل أن (العرفان) استقرت ترجمة لمصطلح gnosis الذي هو شائع في التراث الصوفي اليهودي والمسيحي والإسلامي بدلالته على المعرفة الروحية حال تحررها من قيود الجسد والطين الأرضي ودخولها عالم الإشراق، أو بدلالته في بعض الخطابات الفلسفية على المعرفة الفطرية غير المكتسبة، أو بدلالته السيكولوجية عند كارل يونج مثلاً. ومن ثم فهذا المصطلح بكل هذه الدلالات الوثيقة الارتباط بثنائية الجسد والروح أبعد ما يكون عن إبستمولوجيا العلم الإدراكي. وقال محسب وإذا كان ما نناقشه هنا هو الحمولة الإبستمولوجية لمفهوم (cognition)، ومن ثم للصيغة العربية الدالة عليه، فإننا بحاجة إلى بيان يسوغ اختيارنا ترجمة cognitive ب(الإدراكي) وليس (المعرفي) أو (العرفاني) أو (العرفنيّ) أو (الاستعرافي)؛ وذلك لكيلا يكون الأمر مجرد مسألة لفظية أو اصطلاحية. وأبان محسب أن نظرية التأسيس تؤمن بأن آلية الاستنتاج النفسية هي تحويل التمثلات الذهنية، فإنه يترتب على ذلك أن الإدراك الحسي ذو علاقة بعملية الحوسبة (الذهنية). ولابد أن نشير هنا إلى أن هناك من فلاسفة العلم، وبخاصة في مجال الفلسفة الإدراكية، من يذهب إلى أبعد من فكرة (الاستنتاج) في عملية الإدراك الحسي. وقد شهدت الجلسة الحوارية التي أدارها الدكتور محمد الغامدي مداخلات عدد كبير من النقاد الحاضرين، حيث قال الناقد علي الشدوي.. نحن نتحرك في إطار الإدراك ونتعلم ما ندركه. وقال الشدوي الإدراك ليس شخصياً وإنما اجتماعي، وهنا تكمن خطورته كونه محا الفردية واعتمد على نظرية المجتمع، فالمجتمع يعلمنا ماذا ندرك. وقالت الدكتورة أميرة كشغري: اللغة العربية وقعت في فخ ترجمة المصطلحات الفلسفية والعلمية. وحيث مجمعات اللغة العربية تفسر المصطلح غير العربي بكلمات من الصعب تداولها. واستخدام المفهوم الأجنبي للتوضيح أوقعنا أيضاً في حيرة. وقالت من الممكن أن نُعرف المفهوم ولكن ليس بنفس الدقة.