إذا كان الإخفاق يستدعي النقد، فالنجاح أيضاً يستدعي الإشادة والمتابعة، يلحظ المتابع لبرامج الإذاعة السعودية المختلفة اليوم تميزاً لافتاً في جميع الاستديوهات الإذاعية بشكل عام، ولم يتأت هذا النجاح لولا جهود منسوبي الإذاعة جميعاً من إداريين وفنيين، عمر الإذاعة السعودية اليوم أكثر من نصف قرن منذ انطلاقتها في عام 1368 ه من جدة باسم إذاعة «مكةالمكرمة»، ثم تبعتها إذاعة الرياض في عام 1384 ه وحتى عام 1399 ه حين استقل البرنامج العام من إذاعة الرياض، والبرنامج الثاني من إذاعة جدة. التميز والنجاح، الذي تحققه الآن الإذاعة السعودية ومنافستها لإذاعات خاصة تبث من خارج المملكة أو من داخل المملكة، لم يتحقق صدفة، بل جاء بجهد وعمل ومثابرة يبذلها القائمون على أمر الإذاعة السعودية، خاصة بعد أن تحولت لهيئة، استطاع القائمون على أمر الإذاعة بث روح جديدة في أبناء الإذاعة، الذين قدموا كثيراً لها عبر سنوات، ولولا عشقهم وحبهم وإخلاصهم للعمل الإذاعي والميكرفون لما ظل كثير منهم في الإذاعة حتى اليوم. إن الإدارة أي إدارة حين تقدر مجهود العاملين فيها وتعطيهم ما يستحقون من دعم وتقدير وتشجيع، فإنه تخطو الخطوة الأولى نحو النجاح، استطاع الأستاذ مجري القحطاني نائب رئيس هيئة الإذاعة والتليفزيون لشؤون الإذاعة أن يستقطب أسماءً إعلامية مؤهلة، تعشق العمل الإعلامي وتقدره وهي أصلاً موجودة في هيئة الإذاعة والتليفزيون، لكنهم كانوا ينتظرون الفرصة وعندما أتت وأوكل إليهم أمر التخطيط للسير بالإذاعة السعودية نحو طريق النجاح والوصول للمستمع المحلي والخارجي كسبوا الرهان، ويحسب هذا النجاح أيضاً لرئيس هيئة الإذاعة والتليفزيون عبدالرحمن الهزاع، الذي منح أبناءه في الإذاعة الثقة فحققوا له ما أراد من نجاح وحصدوا الجوائز في مهرجانات عربية وفنية عديدة. يعرف أبناء التلفزة والإذاعة أن معادلة النجاح سهلة، وهي تبدأ بالاهتمام بالإعداد ثم الإعداد ثم الإعداد، حتى نستطيع تقديم مادة يتلقفها المشاهد أو المستمع، ثم يأتي بعد ذلك توقيت البث أو العرض المناسب وأمور أخرى قد لا تقل أهمية عن الأمور السابقة. إن نجاحات الإذاعة السعودية في تقديم برامج ناجحة متفوقة على إذاعات خاصة غثها أكثر من سمينها تصم الآذان «بقهقهات جوفاء» تخدش الحياء أحياناً بحوارات فجة ساذجة، استطاعت أن ترجع الثقة فينا وتجعلنا نعود لمتابعة برامجها ومذيعيها، فنحن كل صباح نسمع ونحن في طريقنا لإيصال أبنائنا للمدارس برنامج «بك أصبحنا» من إذاعة القرآن الكريم، وكذلك برنامج «صباحك وطن» من إذاعة الرياض، كما نسهر مساء كل خميس مع البرنامج المنوع «على الرمال الحمر»، الذي يستضيف الشعراء والفنانين والموسيقيين والمطربين ومن استديو الدمام نستمع لبرنامج «الهواء شرقي» كل أسبوع.