تطوِّق القوات العراقية مدينة تكريت التي يسيطر عليها تنظيم «داعش»، وتحاذر في مواجهة أعمال القنص والعبوات الناسفة من التسرع في إنجاز عمليات الاقتحام للمرحلة الأخيرة من استعادة المدينة. وبدأ نحو 30 ألف عنصر من الجيش والشرطة وفصائل مسلحة وأبناء عشائر سنية، عملية عسكرية في الثاني من مارس لاستعادة تكريت، مركز محافظة صلاح الدين، ومناطق محيطة بها. وتقدمت هذه القوات تباعاً لاستعادة بلدات وقرى محيطة، ودخلت الأربعاء حي القادسية في شمال تكريت «110 كلم شمال بغداد»، إلا أنها تتريث في اقتحام باقي أحياء المدينة الواقعة عند ضفاف نهر دجلة. وقال وزير الدفاع العراقي خالد العبيدي في زيارة ميدانية له إلى محافظة صلاح الدين أمس، إن القوات «شرعت في الصفحة الثانية من الخطة». وأضاف «الوقت حقيقة ليس مهماً أمام الخسائر التي قد تتكبدها القوات، نحن حريصون جداً على أن تكون خسائرنا أقل ما يمكن، والوقت بيدنا. نحن أصحاب المبادرة». وأكد العبيدي أمس مشاركة أبناء عشائر سنية من تكريت في المعارك. وقال «ما لفت انتباهي وكان علامة إيجابية مفرحة، أني التقيت بعدد من المقاتلين، كان عددهم يتجاوز 250 كانوا جميعاً من أبناء مدينة تكريت وكانوا ملتحمين مع إخوانهم من الحشد الشعبي من أبناء المحافظات الأخرى العراقية، ومعظمهم من الجنوب». وأضاف الوزير، وهو سني من الموصل، «هذه حالة مفرحة، وترسل رسائل إيجابية جداً إلى الشعب العراقي وترفع من معنويات القوات الأمنية». وقال اللواء الركن في الشرطة بهاء العزاوي «لا نريد أن نتسرع لأننا نريد تفادي وقوع خسائر»، وذلك خلال جولة في قرية البو عجيل، التي يمكن منها رؤية تكريت في الجانب الآخر من النهر. وأضاف «تكريت مطوقة من كل الجهات». وتتمتع المدينة ذات الغالبية السنية، بأهمية رمزية واستراتيجية؛ فهي مسقط رأس الرئيس الأسبق صدام حسين، وفيها ثقل لحزب البعث المنحل الذي يعتقد أن بعض قياداته في المدينة تعاونت مع التنظيم في هجوم يونيو. كما تقع المدينة على الطريق بين بغداد والموصل كبرى مدن شمال البلاد وأولى المناطق التي سقطت في يد التنظيم قبل أشهر. من جهته، أبلغ رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي قادة الجيش وقادة الوحدات بأن عليهم التزاماً بحماية أرواح المدنيين وممتلكاتهم في تكريت. وقال العبادي خلال احتفالية نظمتها الجامعة التكنولوجية في بغداد تضامناً مع قوات الجيش والأمن: «هناك من المندسين من يحاول أن يسيء إلى انتصاراتنا بارتكاب جرائم وارتكاب تجاوزات خطيرة على أمن المواطنين وعلى ممتلكاتهم، ولهذا وجَّهنا بأوامر صارمة على القوات الأمنية وعلى جميع قيادات الجيش والشرطة وعلى جميع قيادات الحشد الشعبي، الحشد الشعبي اليوم هو مؤسسة عراقية ضمن منظومة الأمن الوطني العراقي». وأضاف العبادي «أفضل الانتصارات التي حققناها اليوم هو وحدتنا من أجل الوطن، وحدتنا من أجل الدفاع عن المقدسات، وحدتنا من أجل دحر الإرهاب من على أرض العراق، من أجل دحر كل أولئك الذين يريدون الشر بأبنائنا ووطننا ومواطنينا، هذا هو الانتصار الحقيقي الذي حققناه اليوم». وقال العبادي «أيها الإخوة، اليوم العالم يقف معنا لأنه يشعر بالتهديد الذي يقع على وطننا من داعش ومن الجماعات الإرهابية، بسبب شعورهم بهذا التهديد يأتون للوقوف معنا ونحن نرحب بهذا، ونرحب بهذا الدعم ولكن لا نرضى أن يتدخل أحد في شؤوننا الداخلية، ولا نرضى بالتجاوز والتنازل عن السيادة العراقية وهذا خط أحمر. اليوم العراق يعيش في سيادة كاملة ولا ينتقص من هذه السيادة أن يكون لنا مساعدون ومستشارون ومدربون، كل دول العالم تستعين بمدربين من مختلف الأقطار ويحصلون على السلاح من مختلف الأقطار ويحصلون على الدعم اللوجيستي وغيره من مختلف دول العالم».