"بيئة عسير" تنظّم مسامرة بيئية عن النباتات المحلية بالمنطقة    استشهاد 18 فلسطينيًا في خيامٍ وتجمعات في قطاع غزة    مدير عام فرع الإفتاء بمنطقة جازان يستقبل مدير عام التعليم بالمنطقة    الجبير يستقبل وفدًا من معهد الحوار السويدي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا    هيئة الصحفيين بعسير تنظّم جلسة عن "الصحافة التلفزيونية والسياحة"    شراكة إستراتيجية بين مجموعة فقيه للرعاية الصحية وشركة فوسون فارما    ولي العهد يوجه بإطلاق اسم الدكتور مطلب النفيسة على أحد شوارع الرياض    القهوة السعودية .. أحدث إصدارات مكتبة الملك عبدالعزيز العامة    بتنظيم من جمعية الآتار والتراث .. إنطلاق فعالية سوق اول بالقطيف    نائب أمير مكة يطّلع على أداء الهلال الأحمر خلال موسم عمرة 1446ه    هيئة كبار العلماء تجدّد التأكيد على فتوى وجوب استخراج تصريح الحج    أمير جازان يرعى انطلاق المبادرة الوطنية "أمش 30"    بيان سعودي قطري: سداد متأخرات سوريا لدى مجموعة البنك الدولي    أنشيلوتي: سنواصل المنافسة على لقب الدوري الإسباني    مدير عام الجوازات المكلّف يرأس اجتماع قيادات الجوازات لاستعراض خطة أعمال موسم الحج 1446ه    أمير جازان يستقبل مدير فرع هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالمنطقة    القيادة تهنئ رئيس جمهورية توغو بذكرى استقلال بلاده    60 ٪ من النساء أكثر عرضة للإصابة بمتلازمة العش الفارغ مقارنة بالرجال    البنك السعودي الأول يحقق 2.1 مليار ريال سعودي صافي دخل    المياه الوطنية تنتهي من تنفيذ مشاريع حيوية للمياه لخدمة أحياء الياقوت والزمرد واللؤلؤ في جدة    مبادرة لتنظيف بحر وشاطئ الزبنة بمشاركة واسعة من الجهات الحكومية والتطوعية    دوري يلو.. نيوم لحسم اللقب.. ومواجهات منتظرة في صراع "البلاي أوف"    "بر الشرقية" تُجدد التزامها المجتمعي في اليوم العالمي لليتيم 2025 م        بدرية عيسى: شغفي بالكلمة دفعني لمجال الإعلام.. ومواقع التواصل قلب نابض بحرية التعبير    القيادة تعزي الرئيس الإيراني في ضحايا انفجار ميناء رجائي بمدينة بندر عباس    أمطار رعدية ورياح نشطة على عدة مناطق بالمملكة    قلصت الكويت وقت الإقامة والصلاة في المساجد ؟ توفيرا للكهرباء    حسين الشيخ نائبا للرئيس الفلسطيني    حددت الشروط والمزايا..اللائحة الجديدة للاستثمار: تخصيص أراضٍ وإعفاءات رسوم للمستثمرين الأجانب    الآبار اليدوية القديمة في الحدود الشمالية.. شواهد على عبقرية الإنسان وصموده في مواجهة الطبيعة    ضبط أكثر من 19.3 ألف مخالف لأنظمة الإقامة والعمل وأمن الحدود    "المنافذ الجمركية" تسجل 1314 حالة ضبط خلال أسبوع    وزير الحرس: ما تحقق مبعث فخر واعتزاز    نائب أمير مكة: اقتصاد مزدهر لرفعة الوطن    ينتظر الفائز من السد وكاواساكي.. النصر يقسو على يوكوهاما ويتأهل لنصف النهائي    أمير الشرقية: إنجازات نوعية لمستقبل تنموي واعد    المملكة تفتح أبواب جناحها في معرض أبوظبي الدولي للكتاب 2025    تغلب على بوريرام بثلاثية.. الأهلي يضرب موعداً نارياً مع الهلال في نصف نهائي النخبة الآسيوية    خادم الحرمين: نعتز بما قدمه أبناء الوطن وما تحقق جعل المملكة نموذجاً عالمياً    أمة من الروبوتات    الأردن.. مصير نواب "العمل الإسلامي" معلق بالقضاء بعد حظر الإخوان    أمير الباحة: نتائج مبشرة في رحلة التحول    اللواء عطية: المواطنة الواعية ركيزة الأمن الوطني    1500 متخصص من 30 دولة يبحثون تطورات طب طوارئ الأطفال    أرقام وإحصائيات وإنجازات نوعية    برشلونة يعمق جراح ريال مدريد ويتوج بلقب كاس ملك إسبانيا    الجبير يترأس وفد المملكة في مراسم تشييع بابا الفاتيكان    وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية تنظم ملتقى المسؤولية الاجتماعية    فخر واعتزاز بالوطن والقيادة    تدشين الحملة الوطنيه للمشي في محافظة محايل والمراكز التابعه    اكتشاف لأقدم نملة في التاريخ    الحكومة اليمنية تحذر موظفي ميناء رأس عيسى من الانخراط في عمليات تفريغ وقود غير قانونية بضغط من الحوثيين    قدراتنا البشرية في رؤية 2030    800 إصابة بالحصبة بأمريكا    فواتير الدفع مضرة صحيا    الذكور الأكثر إقبالا على بالونة المعدة    الشيخ صلاح البدير يؤم المصلين في جامع السلطان محمد تكروفان الأعظم بالمالديف    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إمام المسجد النبوي : الزواج امان للمجتمع من تفشي الزنا
نشر في الشرق يوم 27 - 02 - 2015

أكد فضيلة إمام وخطيب المسجد الحرام بمكة المكرمة الشيخ صالح بن محمد آل طالب أن الشرع لا يهبط لمستوى تفريط الإنسان حتى يبرر له كسله وعصيانه ، فالشرع لايتبع هوى الناس ، بل الشارع يطالبهم أن يرتقوا إلى عز الطاعة ويعلوا إلى سمو التعبد، ولكن النفس وهي تتراخى عن العمل بالتدريج وتتفلت من الواجبات وتنحدر عن قمة الامتثال شيئاً فشيئا، لتحاول أن تجد لها تفسيراً مريحاً يبرر لها تراخيَها وتفريطَها، وهذه حقيقة نفسية معروفة .
ودعا فضيلته في خطبة الجمعة التي ألقاها في المسجد الحرام المسلمين إلى تقوى الله تعالى حق تقاته، والمسارعة إلى مغفرة الرب ومرضاته ، وإجابة الداعي إلى دار كرامته وجناته، فإن العمر سريع الذهاب بساعاته وأوقاته، "يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغد واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون " .
وأضاف : روى مسلم في صحيحه عن أبي سعيدٍ الخدريُ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( يَا أَبَا سَعِيدٍ ، مَنْ رَضِيَ بِاللهِ رَبًّا ، وَبِالْإِسْلَامِ دِينًا ، وَبِمُحَمَّدٍ نَبِيًّا ، وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ . فَعَجِبَ لَهَا أَبُو سَعِيدٍ ، فَقَالَ : أَعِدْهَا عَلَيَّ يَا رَسُولَ اللهِ ، فَفَعَلَ ، … الحديث ..
وأردف قائلاً : الرضا عمل قلبي يجمع القبول والانقياد ، والرضا أساس الإسلام وقاعدة الإيمان وشرط شهادة التوحيد، قال الله عز وجل ( فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليما )، فأقسم الحق سبحانه أنهم لايؤمنون حتى يحكموا الله ورسوله ويرتفعَ الحرجُ من نفوسهم من حكمه، ويسلموا له تسليما، وهذه حقيقة الرضا بحكمه وشرعه، وقد أسند الحرج والاستسلام للنفس لا للقلب لحكمة دقيقة وهي أن النفسَ مكمنُ الهوى والشهوات، والاحتجاج والاعتراض .
ومضى فضيلته قائلا : من هنا قال النبي صل الله عليه وسلم ( ذاق طعم الإيمان من رضي بالله ربا ، وبالإسلام دينا ، وبمحمد رسولا ) رواه مسلم، وقال أيضاً : ( من قال حين يسمع المؤذن : أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأن محمدا عبده ورسوله ، رضيت بالله ربا وبمحمد رسولا وبالإسلام دينا ، غُفِرَ له ذنبُه ) رواه مسلم، وهذان الحديثان كما قال ابن القيم رحمه الله : عليهما مدار مقامات الدين ، وإليهما تنتهي ، وقد تضمنا الرضا بربوبيته سبحانه وألوهيته ، والرضا برسوله والانقياد له ، والرضا بدينه والتسليم له ، ومن اجتمعت له هذه الأربعة فهو الصديق حقا . وهي سهلة بالدعوى واللسان ، لكنها من أصعب الأمور عند الحقيقة والامتحان ، ولا سيما إذا جاء ما يخالف هوى النفس ومرادها . فالرضا بإلهيته يتضمن الرضا بمحبته وحده ، وخوفه ورجائه ،وإفراده بالعبادة وأن لا يشرك معه أحد لا بنذر ولا دعاء، وذلك يتضمن عبادته والإخلاص له .والرضا بربوبيته يتضمن الرضا بتدبيره لعبده ، ويتضمن إفراده بالتوكل عليه ، والاستعانة به ، والثقة به ، والاعتماد عليه ، وأن يكون راضيا بكل ما يفعل به مولاه .
وبين الشيخ آل طالب أن الرضا بنبيه رسولا يتضمن كمال الانقياد له ، والتسليم المطلق إليه ، بحيث يكون أولى به من نفسه ، فلا يتلقى الهدى إلا من مواقع كلماته ، ولا يحاكم إلا إليه ، ولا يُحَكِمُ عليه غيرَه وأما الرضا بدينه فإذا قال ، أو حكم أو أمر أو نهى : رضي كل الرضا ، ولم يبق في قلبه حرج من حكمه ، وسلم له تسليما ، ولو كان مخالفا لمراد نفسه أو هواها ، أو قول مقلده وشيخه وطائفته .
وقال : إن الرضا بالله هو والله عين العزة ، والصحبة مع الله ورسوله ، وروح الأنس به .من رضي بالله ربا ، وبمحمد صل الله عليه وسلم رسولا ، وبالإسلام دينا رسخت قدمه في التوكل والتسليم والتفويض ، ومن رضي عن ربه رضي الله عنه ، ولذلك كان الرضا باب الله الأعظم ، وجنة الدنيا ، ومستراح العارفين ، وحياة المحبين ، ونعيم العابدين ، وقرة عيون المشتاقين، وينافي الرضا ويقابله : الاعتراض والكراهية لما أنزل الله ، لبعضِه أو كلِه ، فالرضا هو الاستسلام والقبول والانقياد ، وضدُه الرد والاعتراض والإباء .
وأوضح إمام وخطيب المسجد الحرام أن أصل هذا الاعتراض هو اتباع الهوى والاستمداد من غير الوحي والتلقي من غير الله ورسوله ، فمن الناس من حكم العقل والرأي ، وتتبع فلسفة التائهين ، ومنهم من حكم الذوق والوجد والكشف ، وتلاعب الشيطان بعقله فانتكس إلى حضيض الخرافة والوهم ، ومنهم من بحث عن المصالح الدنيوية وركن للأعراف الأرضية وتبع الهوى متذرعاً بالأقيسة والآراء لإباحة ما حرم الله وتحريم ما أحل ، وإسقاط ما أوجب وتصحيح ما أبطل .
ورأى فضيلته أن سبب ذلك كله هو اتباع الهوى وعدم الرضا بالله ورسوله ودينه، ولهذا مُلِئَ القرآن الكريم بالتحذير من الهوى ، بل إن من مقاصد الشريعة إخراج المكلف من داعية الهوى إلى اتباع الشرع وبهذا يحصل الابتلاء ويفترق الطائع عن العاصي والعابد عن الفاسق .قال تعالى ( ولو اتبع الحق أهواءهم لفسدت السماوات والأرض ) وقال سبحانه ( ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله ) .
وقال إمام وخطيب المسجد الحرام إن التزام شريعة الله وتحري طاعة الله هي قضية عقدية ومسألة إيمانية قبل أن تكون أحكاما عملية و فروعاً فقهية . وإن سبب كلانحراف وذل وهزيمة وفرقة في حياتنا هو البعد عن منهج أهل السنة والجماعة في العقيدة والسلوك والتدين وسبيل الإصلاح . كما أن التفلت من الطاعات والهرب من التكاليف والواجبات هو سبب التخاذل والتردي الذي تعاني منه الأمة .
وأكد أن الشرع لايهبط لمستوى تفريط الإنسان حتى يبرر له كسله وعصيانه ، فالشرع لايتبع هوى الناس ، بل الشارع يطالبهم أن يرتقوا إلى عز الطاعة ويعلوا إلى سمو التعبد ولكن النفس وهي تتراخى عن العمل بالتدريج وتتفلت من الواجبات وتنحدر عن قمة الامتثال شيئاً فشيئا لتحاول أن تجد لها تفسيرا مريحا يبرر لها تراخيَها وتفريطَها ، وهذه حقيقة نفسية معروفة .
وتابع فضيلته يقول : ألا وإن من أعظم أبواب الفتن في هذا الجانب ، تتبع الخلافات الفقهية والاستدلال بشواذ الآراء ومالا يعتبر من الأقوال ، حتى عطلت الأحكام باسم الخلاف وانتهكت الحرمات باسم الخلاف ، وانكسرت عزائم المتعبدين فكسلوا عن الطاعات ، وانشغلوا بفضول المباحات ، واجترؤوا على المكروهات وهي باب المحرمات بل ولج بعض الناس في أبواب الحيرة والاضطراب بالاحتجاج بالخلاف في مواجهة النص ، فكلما تليت عليه آية أو حديث أو ذكر له حكم تعلل بأن فيه خلافا ، وكأنما نسي أن الله تعالى أنزل علينا هذا الكتاب لنحكمه في الخلافات ، قال سبحانه ( كان الناس أمة واحدة فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين وأنزل معهم الكتاب بالحق ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه ) ، فوظيفة الكتاب هي الهداية ورفع الخلاف وبيان الحق ، فنتعبد الله بتحكيم الوحي في الخلاف ، لا أن نحتج بالخلاف على وحي الله، قال سبحانه ( وما اختلفتم فيه من شيئ فحكمه إلى الله ) فعَكَسَ المهازيل هذا المفهوم ، وتحججوا بالخلاف لأجل الهوى ، وهان عليهم الحرام إذ علموا أن في تحريمه مَن خالف، فأين الرضا والاحتكام إلى الله .
واستطرد فضيلته قائلا : إنها فتنة من فتن العصر ، وإن من يتتبع الخلافات وشذوذ الأقوال يصنعُ لنفسه دينا مليئا بكل الشهوات، بعيداً عن مراد الله وهدي رسوله، فاتباع الخلاف هو طريق لاتباع الهوى ، ومخالف للرضا، قال ابن حزم رحمه الله ( ولو أن امرءاً لا يأخذ إلا بما أجمعت عليه الأمة فقط ويترك ما اختلفوا فيه مما قد جاءت به النصوص لكان فاسقا بإجماع الأمة ) وقال ابن عبدالبر ( الاختلاف ليس حجة عند أحد علمته من علماء الأمصار ) والله تعالى يقول : (يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا). وشدد على أنه على الأمة أن تأخذ أوامر الله بجد وحزم ، وأن تبتغي بها مراقي العز بعزم ، وأن لاتنظر للأحكام على أنها تكاليف تحتال لها بالتخفيف ، فإن أحكام الشرع مهما عظمت فهي ليست أثقالا، بل هي أسباب قوة ، كالنسر المخلوق لطبقات الجو العليا ، ويحمل دائما من أجل هذه الطبقات ثقل جناحيه العظيمين . والله تعالى يقول : خذوا ما آتيناكم بقوة , يايحيى خذ الكتاب بقوة.
وقال الشيخ صالح آل طالب : مما ينبغي أن يتعلمه الناس ويبثَّ فيهم نداءات الإيمان، ومواعظُ القرآن، ومعاني الورع والعفةِ والتقوى والخوفِ من الله ومراقبته، قال جندب بن عبدالله رضي الله عنه: كنا مع النبي صل الله عليه وسلم ونحن فتيان حزاورة، فتعلمنا الإيمان قبل أن نتعلم القرآن، فازددنا به إيمانا رواه ابن ماجة، وفي البخاري عن عائشة رضي الله عنها قالت: إنما نزل أولَ ما نزل منه سورةٌ من المفصل فيها ذكر الجنة والنار، حتى إذا ثاب الناس إلى الإسلام نزل الحلال والحرام، ولو نزل أولَ شيء لا تشربوا الخمر، لقالوا: لا ندع الخمر أبدا، ولو نزل: لا تزنوا لقالوا لا ندع الزنا أبدا، لقد نزل بمكة على محمد صل الله عليه وسلم وإني لجارية ألعب (بل الساعة موعدهم والساعة أدهى وأمر)، وما نزلت سورة البقرة والنساء إلا وأنا عنده .. الحديث فالرضا بالله وبدينه ورسوله تمام الإيمان ، والإيمان تمام الرضا .
وأوضح أن الإيمان يقين يسكن الأعماق .ومعرفة الله لها مذاق حلو يطبع النفوس على النبل والتسامي ويصفي النفوس من كدرها ، إنه شوق إلى الله ومسارعة إلى مرضاته وأن الإيمان ينفح القلب نورا ويملأ الصدر سرورا ، وأي إيمان فوق الطمأنينة بالله والركون إليه وامتلاء القلب به وحده دون سواه .
وأبان فضيلته أن أصح القلوب وأسلمها ، وأقومها وأرقها ، وأصفاها وأقواها وألينها من اتخذ الله وحده إلها ومعبودا وأخلص القلب له دون سواه ، واطرح لأجل الله هواه (ومن أحسن دينا ممن اسلم وجهه لله وهو محسن) وإسلام الوجه لله هو إقبال العبد بكليته على الله وإعراضه عمن سواه ، والخضوع لإرادته والتذلل لعظمته وكبريائه والإيمان بوحدانيته وشريعته ، وبه يكون كمال الإيمان وتمامه .
وبين فضيلته أن الخوف من الله : سراجٌ يضيئُ في حنايا القلوب ، ومشعل نور تتلمس به سلامة الدروب ، والتوقي من المزالق والحذر من المحارم : سجية المتقين وعنوان المؤمنين، وعند تصحيح الضمائر تغفر الكبائر، وإذا عزم العبد على ترك الآثام أتته الفتوح ، وإذا أقبل العبد إلى الله أقبل الله بقلوب العباد إليه، قال سفيان الثوري ( عليك بالورع يخفف الله حسابك ، ودع ما يريبك إلى مالا يريبك يسلم لك دينُك . وقال الضحاك : أدركت الناس وهم يتعلمون الورع ، وهم اليوم يتعلمون الكلام والجدل، فارضوا بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد رسولا تذوقوا طعم الإيمان ويرضى الله عنكم ويرضيكم .
وفي المدينة المنورة
تحدث فضيلة إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ علي بن عبدالرحمن الحذيفي في خطبة الجمعة عن االزواج وفضله، موصياً فضيلته المسلمين بتقوى الله تعالى عز وجل.
وقال فضيلته " إن ربكم اراد عمارة هذا الكون شرعا وقدراً الى أجل مسمى، وهذا العمران لا يكون الا بالتعاون والتوافق والاجتماع وبناء الحياة على السنن العادلة الحكيمة النافعة، والانسان مستخلف في هذه الارض يصلحها ويعمرها ويعبد الله عليها وسعادته في طاعة الله وشقاوته في معصية الله قال الله تعالى (وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ) وقال عزوجل (وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُّهِينٌ) وقال تعالى (وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ ).
واوضح فضيلته أن من أولى خطوات الانسان ومراحله في هذه الحياة اقترانه بزوجة على سنة الله ورسوله يتم بينهم التعاون والتراحم والتآلف وتشابك المنافع والمصالح وتتحق بينهما متع الغرائز البنائه النبيلة والسعي الى الاهداف والغايات الفاضلة وتتحقق المكاسب المباركة والذرية الطيبة، مشيرا فضيلته إلى أن الزوجية محضن الاجيال ومدرسة المولود الاولى وموجهة الشباب الى الصلاح والإصلاح والتعمير لان الاب والام لهما الاثر الدائم على اولادهما وهما لبنة المجتمع الصالح .
وبين أن الزواج من السنن الماضية التي لاحصر لمنافعه ولا نهاية لبركته ومن السنن الباقية الدائمة التي لا تنقطع خيراتها، فالزواج من سنة الانبياء والمرسلين لقوله تعالى (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرِّيَّةً) ,وقال تعالى (وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً)، وقد امر الله بالزواج فقال الله تعالى (وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ) عن عبد الله بن مسعود قال : قال لنا رسول الله صل الله عليه وسلم ( يا معشر الشباب ، من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر ، وأحصن للفرج ، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء).
وقال الشيخ الحذيفي: إن الزواج طهارة وعفة للزوجين وصلاح للمجتمع وحفظ له من الانحراف مستدلا بقوله تعالى (وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْا بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ ذَلِكَ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ مِنْكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكُمْ أَزْكَى لَكُمْ وَأَطْهَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ )، فالزواج امان للمجتمع من تفشي الزنا وعمل قوم لوط فما انتشر الزنا في بلد إلا ضربة الله بالفقر والحاجة والذلة وظهرت فيه الأمراض والوباء الذي لم يكن في أسلافهم الماضين مع ما للزناة في الآخرة من الخزي والعذاب .
وبين فضيلته أنه يشرع أن يتخير الزوج الزوجة الصالحة بالخلق والدين وحسن المنبت لقوله صل الله علية وسلم (تنكح المرأة لأربع لمالها ولحسبها ولجمالها ولدينها فاظفر بذات الدين تربت يداك)، كما أن للمرأة ان تختار ذا الدين وحسن الخلق، ففي الحديث سأل رجل النبي صل الله عليه وسلم فقال يا رسول الله من أزوج ابنتي فقال (زوجها تقياً إن أحبها أكرمها وإن كرهها لا يظلمها)، ولا تكره الفتاة على خاطب لا تقبله بل ياخذ رضاها.
ودعا فضيلة إمام وخطيب المسجد النبوي علي بن عبدالرحمن الحذيفي الزوجين إلى المحافظة على رباط الزوجية لأن لا ينتقض لأنها رباط غليظ ورابطة قوية، وإن على الزوج القيام بحقوق المرأة بإعداد السكن الذي يصلح لمثلها وبذل النفقة ولا يتركها تنفق من مالها ولو كانت غنية أو موظفة إلا أن تشاء، وأن يوفها العشرة كاملة ويحسن إليها ولا يسئ إليها بالأقوال والأفعال، وعلى المرأه أن تقوم بحقوق الزوج وأن تحسن عشرته وأن تطيعه في المعروف ولا تؤذيه وأن تحسن لولده ووالديه وقرابته وتحفظ ماله .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.