نددت الجزائر بالهجوم أمس على سفارتها في العاصمة الليبية طرابلس ووصفته ب «جريمة في القانون الدولي»، لكنها أكدت استمرارها في دعم الحوار بين الأطراف الليبية المتناحرة. وقال وزير الخارجية الجزائري، رمطان لعمامرة، إن بلاده تدين بقوة هجوم يوم أمس. وذكَّر في تصريحاتٍ على هامش لقاء عُقِدَ في الخارجية الجزائرية لبحث حل الأزمة في مالي؛ بأن استهداف مركز دبلوماسي «يعد جريمة في القانون الدولي»، مشيراً إلى رفض بلاده أي استهداف لمراكز دبلوماسية سواءً جزائرية أو لدول أخرى. وكان مجهولون ألقوا أمس حقيبة متفجرات على سفارة الجزائر في طرابلس ما أسفر عن جرح 3 أشخاص بينهم شرطي وألحقت أضراراً مادية بالمبنى والسيارات القريبة، حسبما أفادت مصادر أمنية وشهود. وأفاد مسؤول في جهاز الأمن الدبلوماسي الليبي بأن «سيارة مرت بجانب السفارة في منطقة الظهرة وألقى من فيها حقيبة المتفجرات على سيارة الشرطة قرب غرفة حراسة السفارة فانفجرت بعد لحظات». وذكر أن «شرطياً في جهاز الأمن الدبلوماسي أصيب بجروح بالغة، في حين تعرض مواطنان تزامن مرورهما ساعة الانفجار لإصابات طفيفة وغادرا المستشفى بعد تلقي العلاج اللازم»، وأكدت مصادر طبية هذه الحصيلة. وغادرت معظم البعثات والشركات الأجنبية طرابلس منذ وقوعها في أغسطس الماضي تحت قبضة ميليشيات «فجر ليبيا»، ما دفع السلطات المعترف بها من الأسرة الدولية اللجوء إلى شرق البلاد. وتعرّضت عدة سفارات لبلدان عربية وغربية في العاصمة لهجمات مسلحة كان آخرها الهجومين اللذين استهدفا سفارتي مصر والإمارات في نوفمبر الماضي. كما تعرض جهاز الأمن الدبلوماسي في نهاية ديسمبر لهجوم بسيارة مفخخة تبنته ولاية طرابلس «الفرع الليبي لتنظيم «داعش» في مناطق غرب البلاد. في سياقٍ متصل، نقلت وكالة الأنباء الجزائرية عن رمطان لعمامرة قوله إن بلاده «في عمل تسهيلي من أجل حمل الأشقاء في ليبيا على اللجوء إلى الحوار والمصالحة وصولاً إلى حل شامل وجامع». وجدد لعمامرة تأييد الحوار بين الليبيين، وقال إن «الجزائر تؤيد الخطوات المتواضعة التي انطلقت في جنيف تحت رعاية الأممالمتحدة، ونأمل أن نتمكن من تعميم المشاركة في هذه الديناميكية وأن يسود عدم اللجوء إلى القوة وأن يسود أيضاً وقف إطلاق النار وصولاً إلى تشكيل حكومة وتعزيز المؤسسات الممثلة لجميع أطياف الأشقاء في ليبيا». في غضون ذلك، أبدى الاتحاد الأوروبي ارتياحه للاتفاق المبرم في جنيف بين الأطراف الليبيين والرامي إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية، داعياً الذين قاطعوها حتى الآن إلى الانضمام للمباحثات. واعتبرت وزيرة الخارجية الأوروبية، فيديريكا موغيريني، في بيانٍ لها أن «هذه الخطوات جاءت في الاتجاه السليم»، مشيرةً إلى أن «المشاركين في لقاءات جنيف اتخذوا موقفاً بناءً وأبدوا التزامهم بإيجاد حل سلمي للأزمة عبر الحوار». غير أنها أقرت بأن «الطريق ما زال طويلاً». وجرت مفاوضات الأربعاء والخميس الماضيين في جنيف برعاية بعثة الأممالمتحدة في ليبيا لتقريب مواقف الأطراف المتناحرة وإخراج البلاد من الفوضى السائدة فيها منذ سقوط معمر القذافي في أكتوبر 2011. وأعلن مفاوضون صباح الجمعة التوصل إلى اتفاق حول «جدول أعمال يتضمن الوصول إلى اتفاق سياسي لتشكيل حكومة وحدة وطنية توافقية والترتيبات الأمنية اللازمة لإنهاء القتال وتأمين الانسحاب المرحلي للمجموعات المسلحة من كافة المدن الليبية للسماح للدولة لبسط سلطتها على المرافق الحيوية في البلاد». ومن المتوقع عقد اجتماع جديد في جنيف بعد غدٍ الثلاثاء على الأرجح. وتزامنت هذه الخطوات مع إعلان ائتلاف ميليشيات «فجر ليبيا» ذي الصبغة الإسلامية موافقته «على وقف إطلاق النار لعمليتي فجر ليبيا والشروق، على أن يلتزم الطرف الآخر بذلك».