الذين يبررون لصمود العقار أمام المتغيرات الاقتصادية الحالية والقادمة، أتمنى لو برروا لنا لماذا تضخمت أسعار العقار منذ 2007 حتى اليوم بنسبة تزيد عن 300%؟! هل هذا التضخم كان نتيجة لقوى السوق الطبيعية؟! أم أنه كان تضخماً مصطنعاً؟! الحقيقة أن التضخم كان مفتعلاً بسبب الاحتكار، الذي له جانبان الأول تركز السيولة في أيدي قلة لم تجد قنوات استثمارية تستوعبها، وليس لديها القدرة الخلاقة على ابتكار قنوات استثمارية جديدة، فصبت أموالها في العقار، والثاني احتكار الأراضي الحكومية بالتعدي عليها وتملكها بطرق غير قانونية، أسهمت في تجفيف سوق العرض. هذان العاملان صنعا مضاربات سعرية بين المحتكرين، كانت نتيجتها تدوير المنتجات بينهم، التي يؤول القليل منها إلى المستهلك النهائي بأسعار مبالغ فيها، جعلت تكلفة الأرض تزيد عن 40% من التكلفة الإجمالية للمنزل، فيما المعدل العالمي لا يزيد عن 12%! ماهو مستقبل العقار إذن؟! بعد انخفاض سعر النفط المكوّن الأساس لاقتصادنا حوالي 40% خلال أشهر قليلة يفترض أن تتأثر أسعار العقار انخفاضاً، لكن انخفاضها حتى الآن أقل من المتوقع رغم تكدس العروض بشكل غير مسبوق! هذا دليل على أن العقار لا يخضع لقوى السوق الطبيعية! ماذا سيحصل؟! انخفاض النفط سيتأثر به الاقتصاد عموماً، ما يجعل قضية العقار -خاصة المساكن- تأخذ بعداً اجتماعياً واقتصادياً وسياسياً يحتم تدخل الحكومة تدخلاً مباشراً بقرارات قوية أولها فرض رسوم الأراضي البيضاء، وثانيها توفير حاجة برامج الإسكان من الأراضي المستردة من المتعدين، وثالثها ضخ الفائض عن حاجة الإسكان إلى سوق التطوير والإنشاء، وفق ضوابط محددة تقصر هذا السوق على الشركات فقط، دوناً عن الأفراد، لئلا نقع في فخ الاحتكار مرة أخرى. وبما أن الطلب كبير سيكون عامل الكم معوضاً للسعر، ما يجعل الشركات تتنافس في الإنجاز والبيع، لتنتقل إلى المشروع التالي، فالشركة التي ستنجز مشروعاً في سنة وبهامش ربح 20% مثلاً، ستحقق في 3 سنوات 60%، بينما الفرد المحتكر لا يمانع في الاحتفاظ بأرضه 3 سنوات أو أكثر إلى أن يحقق ال60%، وهنا الفرق بين سوق الأفراد وسوق الشركات!