هناك من يحدد التعليم بفترة عمرية معينة فقط، معتقداً أنه عندما يكبر يكون مجرد ممارس لما تعلمه سابقاً، لكني ضد هذه المقولة؛ فالإنسان يتعلم طوال حياته ويكتسب كل ما هو مفيد ممن حوله، سواءً كان علمياً أو إنسانياً أو مجتمعياً، وأصدق مثال على ما كتبته هو تعلُّمي من إنسانية صاحب السمو الأمير جلوي بن عبدالعزيز بن مساعد أمير منطقة نجران. فمن البديهي عند أي شخص أن يوجِد خطوطاً تفصل بين الأمير والناس، ولكن من خلال ما رأيته بنفسي فإني أدحض هذا التصور الذي لا يمتُّ للواقع بصلة، فبالأمس القريب شرفني سموه بزيارتي في منزلي للاطمئنان على صحتي وعودتي من رحلة العلاج، وقبلها حضر مجلسي ليقلل من مصابي وألمي في فقدان ابنتي هدى وابني عصام -رحمهما الله-، فالكل يعلم بأن أي شخص عندما يكبر تكبر مسؤولياته وواجباته التي قد تطغى على حياته الاجتماعية والتقائه بالناس، لكن لسمو الأمير جلوي مقدرةٌ فاقت ما يمكن أن يتصوره مخلوق، فقد كرَّس لإنسانيته أوقاتها التي لا تألو جهداً بوجودها مع من هم في عداد مسؤولياته، فيشارك الناس في أفراحهم بالعيد ويلبي دعوات الحضور في الزيجات ويعايد المرضى ويقدم العزاء ويشارك في المناسبات الخاصة بالمنطقة، ولا أنسى كذلك حضوره الداعم للأهالي في الأحداث التي حصلت مؤخراً في الدالوة بالأحساء وضربه خير مثال لترابط الحكام والشعب. ماذا يمكنني أن أضيف إلى إنسان كرس نفسه محاسباً على شخصه في منصبه السابق نائباً لأمير المنطقة الشرقية، فتحركاته ووجوده واهتمامه بالمنطقة واضح وجلي؛ فهنيئاً لنجران بأميرها الجديد، وأكررها هنيئاً لكم بأمير تجلت صفات التضاد فيه، فهو حازمٌ في الحق ورحيمٌ في الناس، وظالمٌ لنفسه بما يحمِّلها من طاقات وعادلٌ في قضايا وأمور الرعية.