كم من كلمة قالت لصاحبها دعني، وكم من الكلام ما قتل وجرح وأوجع؛ لذا نجد المتصيدين والراقصين على الجراح من حولنا كثيرين ويحترفون توجيه الكلمات المسمومة نحونا ليعمقوا بذلك آلامنا، فمن يعتقد أن القتل لا يكون إلا بالسلاح فهو مخطئ، ولو علم كل واحد منا أن الكلمة التي تخرج من أفواهنا قد تكون أشد من تلك الرصاصة المنطلقة من فوهة ذلك السلاح لأعدنا صياغة كل كلمة وجملة؛ فالكلمات تتوجه نحو القلوب فلا نجعلها مسمومة بحديثنا الجارح وخناجرنا الحادة، يقول علماء النفس: «إن الكلمات الجارحة سميت جارحة لأنها تسبب جروحاً حقيقية في الدماغ، وتميت عدة خلايا أو تتلف عملها مسببة نوعاً من العطل في التفكير، ولهذا يعاني الشخص المجروح آلاماً نفسية وشعوراً سلبياً وإحباطاً، ليس هذا فقط بل كثيراً ما يتحول الشخص المجروح إلى شخص فاشل غير منتج». وإني أتساءل.. هل فكرنا قبل أن نتحدث مع الآخرين؟ كيف ننتقي كلماتنا باهتمام عندما نكتب للآخرين عندما نعاتبهم، عندما نحبهم، وعندما نحتج عليهم فنحن نثرثر بكلمات غير منمقة ولا نُلقي بالاً بما فعلته كلماتنا بالآخرين، نثرثر عن أشياء تافهة وجارحة ولا نأبه لعواقبها أو نتعمّق فيها، ولا نعير أي اهتمام منا بمشاعرهم أو الاكتراث لأحاسيسهم التي قد تنزف بسبب تهور كلماتنا، ولندرك أن للأحرف حشمة وللفلسفة هيبة، فلنجعل لكلماتنا رداء تكتسي منه الحروف البياض والنقاء دون حدة وجفاء؛ لذلك علينا أن نحسن الحديث مع الآخرين، ونحرص علي انتقاء جواهر الكلمات، فربَّ كلمة كانت سبباً في ضرر بالغ أو جرح دائم، فقل خيراً أو تحَلَّ بصمت.