الليل يقتاد الكتابة كي يضاجعها الخيالْ كم فكرةٍ بكرٍ هناك يفضُّها حُلْمٌ محالْ فإذا القصيدة ليس أكثر من رحيقِ دمٍ يُسالْ والشعر من فرط الخطيئة لا يطهّره اغتسالْ الكتابةُ نَمِرَةٌ ذكيَّةٌ مشدودةٌ دائماً إلى قامة الحذر والترقُّب تترصَّد غزالة الفكرة في غابة الحياة مثل مَنْ يمشي على أطراف أنامله. وحينما ينكشف المشهد عن طريدة ، لا تتوانى تلك النمرة عن الانقضاض واستعراض مهارتها البارعة في كشف أسرار الصيد التي تمتلكها كفطرةٍ فطرها الله عليها. هذا التشبيه الذي أخلعه على الكتابة مثل جِلْدٍ مُخيف يُوحي بأنَّها ضربٌ من المغامرة ، فحين تتشظَّى الذاتُ عن معاناتِها في حالة البوح المكتوب. هذا التشبيه الذي أخلعه على الكتابة مثل جِلْدٍ مُخيف يُوحي بأنَّها ضربٌ من المغامرة ، فحين تتشظَّى الذاتُ عن معاناتِها في حالة البوح المكتوب، لا تقلُّ شظاياها خَطَراً عن شظايا أيِّ مرآةٍ انكسرتْ على حافّة وجهٍ حزين . لذلك لا أستطيع أن أدخل الأبجديَّة دخولَ الآمنين . فالكلماتُ زجاجٌ متكسِّر .. حادّ الأطراف مثل أشباحٍ جارحة ..وإذا أصبتُ النجاح في تفادي انجراحي بها ، فلا أضمن لنفسي تفادي جرحِ الآخرين .. وهذه هي المعادلة المستحيلة التي أُحاول وضعَها على ميزانٍ دقيقٍ ينضبط بالصراحة ويختلُّ بالمجاملة ويضطرب أكثر ما يضطرب بالنفاق وسوء استغلال الموهبة الفنّيّة. وأنا الموقنُ حَدَّ التجذُّر في تربة اليقين بأنَّ الكتابةَ بحثٌ عن الذات منذ الحرف الأوَّل ، ومن المستحيل ان نصل إلى تلك الذات المنشودة عبر طرقٍ منحرفة، أو ندخل من بوَّابة الخلود ببطاقةٍ مزيَّفة ، لذلك لابُدَّ أن نوحِّد السيوف بمقابضها دون الاكتراثِ بزخرفة الأغماد، ولا بدَّ أن يكون الصدق الفنِّي هو (التأشيرة) المختومة في (جواز) الإبداع للعبور إلى الأبديَّة. الصدق الفني هو قَوام الكتابة حيث النقاطُ مصابيحُ تضيءُ على حروف الكلام.. المعنى وهج ، والفكرةُ هي سيرةُ ذلك الضوء كُلِّه. الكتابة ذاتُ جوهر عميق لا يدركُهُ العقل التقليدي البريء المسطَّح. أزعمُ أنَّ العقلَ رصاصةٌ وَقَعَتْ في الرأس مباشرةً، ولكنَّها لم تقتلْ.. بينما الجنون رصاصةٌ وقعت في الرأس وقتلتْ.. فالشقاءُ ليس لمن أصابهم الجنون.. الشقاءُ لمَنْ أصابَهُمُ العقلُ. أولئك الأشقياءُ الذين جُنُّوا بمقدار ما أصابتهم رصاصةُ العقل.. أولئك من يدركون جوهر الكتابة العميق.