لا تكاد تمر حادثةٌ ما وتكون «هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر» طرفاً فيها، حتى ينقسم المجتمع بكافة أطيافه ومكوناته إلى طرفي نقيض من حيث التعاطي مع كل ما يتعلق بتلك الحادثة، تفسيراً وتحليلاً وإصدار أحكامٍ؛ تخضع في كثيرٍ من تطبيقاتها لفهمٍ قاصر، ورؤيةٍ أحادية تفتقد للشمول والوعي والموضوعية..! إشكالية الفهم في قضايا الهيئة صنعت واقعاً متناقضاً ومتنافراً إلى حد التطرف بين فريقين، يفتقد كل منهما للمبررات المنطقية، والأسس الفكرية المبنية على التصور الصحيح، والمنهج القويم في طرح الرأي وتبريره، وكذلك في الاختلاف مع الآراء الأخرى في حدود العقل والعدل والإنصاف؛ مما جعل الفريق المتطرف الأول يصل إلى أشبه ما يكون بالتقديس والعصمة لجهاز الهيئة وأفراده حد الغلو والتنزيه، حتى أصبح مجرد نقد أي خطأ أو سلوكٍ يتعلق بهذا الجهاز الحكومي، محاربةً لله ورسوله وهدماً للدين وشعائره، بل ساوى بعض المغالين بين الهيئة والإسلام، ونادى آخرون إلى عدم جواز محاسبة المخطئ منهم أو حتى لومه بدعوى أنّ خطأهم مغفور، في حين تستباح أعراض منتقديهم إلى حد وصفهم بالزندقة والتغريب ومحاربة أهل الدين والصلاح إلى غير ذلك من الأوصاف والشتائم التي تتناقض تماماً مع تعاليم الإسلام السمحة، وتتعارض مع مبادئ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، التي يزعمون تطبيقها والدفاع عنها..! وفي مقابل ذلك وصل التطرف بالفريق الآخر؛ إلى حد الظلم والتجاوز والتعميم الظالم لأي خطأ فردي قد يحدث في أي مؤسسةٍ حكومية أخرى، ليصبح ذلك الخطأ مبرراً للافتراء والإساءة والتدنيس لكل ما يتعلق بعمل الهيئة، حتى وصل التجني للمطالبة بإلغاء الجهاز، ووصلت الإساءات إلى وصف أفراده بأقذع الأوصاف، وتسميتهم بمسميات الجماعات المشهورة بالإجرام والإرهاب، وكل ذلك يتناقض مع أبسط مبادئ العدالة والمصداقية والحرية التي يتوهمون أنهم أربابها ودعاتها فكرياً، ويخونونها تطبيقاً وسلوكاً فعلياً..! ختاماً؛ كم نتمنى أن نتبع منهجاً عادلاً ووسطياً في التعاطي مع قضايا الهيئة؛ بلا تقديسٍ ولا تدنيس..!