أعلن محمد بن لادن رئيس مجلس الأعمال السعودي الفرنسي أن عام 2013 كان مميزاً للغاية في العلاقات التجارية والاستثمارية بين البلدين، مستشهداً بنمو التبادل التجاري بين الرياضوباريس، ليصل على 9 مليارات يورو، مشيراً إلى أن الزيارة التي يقوم ولي العهد الأمير سلمان بن عبدالعزيز إلى باريس، ستعزز هذه العلاقات وتصل بها إلى مستويات غير مسبوقة. وتطرق بن لادن في حواره مع «الشرق» إلى مواضيع عدة، تركزت على خطط المملكة وفرنسا في تطوير العلاقات التجارية، ومساهمة باريس في مشاريع السكن السعودية، ونصيب سيدات الأعمال السعوديات في الاستثمارات المتبادلة بين الدولتين، إلى جانب دور باريس في تدريب الشباب السعودي، وبرامج هيئة الاستثمار في جذب مزيد من الاستثمارات الفرنسية. من المعروف عمق العلاقة التاريخية التي تربط السعودية بفرنسا منذ سنوات عدة، وما تلك الزيارة إلا تأصيل لتلك العلاقة، خاصة أنها لا تعتبر الأولى بين البلدين، حيث سبقتها زيارات متبادلة بين المسؤولين سواء على مستوى القيادات أو رجال الأعمال، وأيضا الزيارات المختلفة في شتى المجالات، نظراً لما تتمتع به الدولتان من مكانة تاريخية واقتصادية مهمة على مستوى العالم. العلاقات الاقتصادية السعودية الفرنسية تتطور بشكل سريع، ويمكن القول أنه عام 2013م كان مميزاً، حيث زاد التبادل التجاري بين البلدين بنسبة 8% لتصل لأول مرة إلى أكثر من 9 مليارات يورو، وبلغ حجم الصادرات الفرنسية إلى السعودية 3.4مليار يورو، بزيادة قدرها 5%، في حين أن المملكة المصدر الأول للنفط الخام إلى فرنسا، ووصل حجم صادرات المملكة النفطية إلى 6 مليارات يورو، ونجحت الشركات الكبرى الفرنسية بامتياز في توقيع أكثر من 10عقود مهمة لتنفيذ مشاريع في المملكة في عديد من القطاعات المختلفة، مثل المياه والنقل والطاقة، وسجلت الشركات الفرنسية بعض النتائح المميزة في قطاع التغذية، مثل اللحوم والدجاج والقمح وصناعة الأدوية والسيارات. وتحتل فرنسا المركز الثامن للمصدرين للسلع والخدمات إلى المملكة. ويبذل المسؤولون في البلدين من القطاعين العام والخاص جهودا كبيرة في سبيل تطوير وتحسين العلاقة الاقتصادية، بالإضافة إلى تذليل أي صعوبات قد تكون موجودة، ورفع مستوى التبادل التجاري إلى مستوى العلاقات السياسية بين البلدين. اعتمدت وزارة الإسكان في استراتيجيتها خلال العام الماضي على منشآت القطاع الخاص لتوفير مئات الآلاف من الوحدات السكنية، لاستيعاب العدد المتنامي من السكان الشباب، وحتى تحقق الوزارة هدفها بوجود هذه الأعداد الكبيرة من الوحدات الجاهزة، تبرز الحاجة إلى الحصول على التقنيات الحديثة، وتعتبر الشركات الفرنسية من الجهات التي من الممكن أن تضيف في هذا المجال من خلال تعاون بين الشركات السعودية والفرنسية. بدأت الشركات الفرنسية المتوسطة والصغيرة الاهتمام بالاستثمار في السوق السعودي، فخلال العامين الماضيين، قامت أكثر من 500 شركة متوسطة وصغيرة بزيارة المملكة من خلال وفود زائرة، بحثا عن فرص استثمارية فيها، وفي هذا الجانب يقوم مجلس الأعمال السعودي الفرنسي بواجبه في جميع الأحداث والفعاليات الاقتصادية والتجارية، حيث يتم تنظيم لقاءات بين رجال الأعمال السعوديين مع وفود رجال الأعمال الفرنسيين الزائرة، وتقديم المشورة والدعم الفني الذي يحتاجونه. سيدات الأعمال السعوديات قطعن شوطاً كبيراً في هذا المجال، ولا يزال أمامهن كثير لتحقيق طموحاتهن، وحاليا توجد 6 عضوات من سيدات الأعمال في مجلس الأعمال السعودي الفرنسي، يشاركن بفعالية في اجتماعات وزيارات المجلس، ونسعى لزيادة عدد العضوات، وباب مجلس الأعمال مفتوح لسيدات الأعمال للانضمام لعضوية المجلس متى توافرت لديهن شروط العضوية المنصوص عليها في لائحة تنظيم المجلس. للهيئة العامة للاستثمار دور كبير في تشجيع الاستثمارات الأجنبية الجادة داخل السعودية، حيث قامت بوضع معايير للمستثمر الأجنبي تهدف إلى التأكد من جديته في الدخول لسوق المملكة، بهدف جلب استثمارات جديدة ومميزة، تضيف إلى سوق العمل السعودي، بما يخدم المصلحة العامة في تنمية الاقتصاد الوطني. كما أن الهيئة تتعامل مع الاستثمارات النوعية المميزة من خلال المسار السريع، الذي يتم من خلال إصدار التراخيص للاستثمارات بفترة وجيزة مع تقديم الخدمات الاستثمارية. وقد شاركت الهيئة العامة للاستثمار في عديد من الاجتماعات مع الجانب الفرنسي في زيارات سابقة لعرض الفرص الاستثمارية وتقديم التسهيلات للمستثمرين الفرنسيين والشركات الفرنسية الكبرى، لتشجيعهم للدخول إلى سوق المملكة، ويوجد مكتب تمثيل دائم للهيئة في باريس، يقوم بتقديم المعلومات التي يحتاجها المستثمر الفرنسي. تعتبر فرنسا دولة صناعية متطورة ذات تقنيات حديثة، تغطي جوانب عدة، وهذا يمثل فرصا كبيرة للمستثمرين السعوديين، وتوجد في المقابل رغبة من الجانب الفرنسي في زيادة وتنويع الاستثمارات السعودية في فرنسا، التي تبلغ حالياً نحو 600 مليون يورو، معظمها موجه نحو القطاع العقاري، كما يوجد أكثر من 30 شركة في فرنسا مملوكة لمستثمرين سعوديين، وهذا عدد يأمل الجانب الفرنسي في أن يرتفع، وحسب الإحصاءات، فإن فرنسا هي الوجهة الرائدة للاستثمار الأجنبي في مجال الصناعة، ورابع أكبر مستقبل للاستثمارات الأجنبية في العالم، كما أنها من أوائل الدول الداعمة للأبحات والتطوير التقني. تدريب وتوظيف الشباب السعودي يمثل أولوية في المملكة، والشركات الفرنسية تقوم بتدريب الشباب العامل عندها، وهناك عدد من الشراكات بين جامعات البلدين في هذا الإطار، حيث يوجد حوالي 1500 طالب سعودي، يواصلون دراستهم في فرنسا، بهدف الوصول إلى 4000 طالب في السنوات المقبلة. كما يوجد أكثر من 50 طبيبا سعوديا في فرنسا سنويا، لتلقي التدريب في مجالات تخصصهم، يضاف إلى ذلك التدريب في المجال النووي، وهو تدريب ذو أهمية كبيرة، حيث تمت دعوة وفد من أساتذة الجامعات من السعودية لزيارة المنشآت النووية الفرنسية، كما وصلت بعثه أكاديمية للمملكة في إبريل الماضي من أجل العمل على تطوير مناهج جديدة في مجال علوم الطاقة النووية مع الجامعات الرئيسة في المملكة.