أكد الدكتور صالح بن بكر الطيار أمين عام غرفة التجارة العربية الفرنسية أن المملكة تتمتع بقوة اقتصادية وبيئة استثمارية صحية نظرا لما تقوم به من إصلاحات مستمرة وتطوير في أنظمتها وإجراءاتها الاستثمارية، موضحاً أن المملكة خطت خطوات رائدة على صعيد تنويع مصادر دخلها فلم تقتصر على وفرة البترول ومخزونها. مشيرا إلى أن حجم التبادل التجاري بين المملكة وفرنسا الذي تجاوز 30 مليار ريال لا يترجم حجم طموحات البلدين في المرحلة المقبلة. ودعا في حواره مع «عكاظ» القطاعات الصحية والسياحية والتعليمية السعودية إلى الاستفادة من الخبرات الفرنسية المتميزة فإلى تفاصيل الحوار. في البداية كيف تنظرون إلى العلاقات السعودية الفرنسية في جميع المجالات وعمقها التاريخي؟ - إن العلاقات السعودية الفرنسية تسير على نهج متين وواضح منذ القدم، ففي المجال الاقتصادي يشهد الوضع تناميا بفعل ملاءمة البيئة الاستثمارية بين البلدين، كما أن فرنسا تعتبر المملكة شريكا استراتيجيا مميزا لها في منطقة الشرق الأوسط. إضافة إلى أن العلاقات السياسية المتميزة بين قادة البلدين ساهمت في بناء أجواء ثقة متبادلة ضرورية للأعمال والتعاون، وتبدو الفرصة مواتية لاقتناصها واستثمارها من الطرفين خصوصا في زمن ندرة الفرص الاستثمارية الثمينة. التعاون الاستراتيجي وكيف يمكن ترجمة ذلك والتعرف على الفرص الاستثمارية المشتركة في البلدين؟ - لقد نظم مجلس الغرف السعودية في الرياض ملتقيات لرجال الأعمال السعوديين مع نظرائهم الفرنسيين، بحضور الرئيس الفرنسي والوفد المرافق له على هامش الاجتماعات التي جرت بين خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وصديقه فرانسوا هولاند، وذلك خلال زيارته الأخيرة للمملكة، حيث التقى الرئيس الفرنسي خلال الزيارة برجال الأعمال السعوديين ونظرائهم الفرنسيين وكرم عددا من الاقتصاديين بمنحهم أوسمة الشرف الفرنسية بدرجة فارس لما قدموه من خدمات جليلة لتعزيز العلاقات التجارية بين البلدين. تعزيز مقدراته كيف يمكن قراءة مستقبل المشهد التجاري والاقتصادي بين البلدين؟ - إن الشركات الفرنسية تسعى كغيرها من الشركات العالمية للحصول على مشاريع عملاقة في المملكة، كما أن المضامين التي حملتها الموازنة العامة للدولة والتي أعلنت مؤخرا كانت مشجعة ومحفزة للشركات العالمية وداعمة لها على الدخول في السوق السعودي والاستثمار في المملكة، إضافة إلى أن الموازنة جاءت كمؤشر حقيقي يدل على حرص حكومتنا الرشيدة على تنفيذ خطط التنمية السعودية الرامية لبناء الإنسان السعودي وتعزيز مقدراته، وتم مؤخرا التوقيع على عدد من العقود بين الشركات الفرنسية ونظيرتها السعودية في مجالات الصناعة والزراعة والطاقة البديلة. شراكات استراتيجية وماذا عن الاستثمار في مجال الطاقة؟ - الفرنسيون أبدوا اهتماما واضحا بالاستثمار في مشاريع إنتاج الطاقة النووية السلمية في المملكة، كما أنها تضع في الميزان خبرة شركاتها الطويلة والمشهود لها عالميا في هذا المجال، إضافة إلى أنها تعمل على تفادي ما حدث لها في بعض الدول المجاورة عندما خسرت أمام الشركات الكورية الجنوبية، وهناك أكثر من مسؤول فرنسي أبدى رغبة بلاده في الاستثمار في هذا المجال ومن بينهم وزيرة التجارة الخارجية التي أكدت أن بلادها تتشرف بالمساهمة في بناء محطات نووية مدنية سعودية. إلى أي مرحلة وصل العمل في هذا المجال؟ - لقد انتقل العمل في هذا المجال إلى مرحلة متقدمة، حيث تم مؤخرا الاتفاق بين 25 شركة سعودية وشركات عملاقة فرنسية وفي مقدمتها شركتا اريفا وكهرباء فرنسا للتعاون في مجال إنتاج الطاقة النووية والطاقات المتجددة، واستقبلت فرنسا مؤخرا وفدا من الشركات السعودية المتخصصة للتواصل مع هذه الشركات بهدف نقل المعرفة وتوطين التقنية. الكوادر السعودية وماذا عن الاتفاقيات في الجوانب الأخرى؟ - هناك علاقات متميزة تربط البلدين، فمثلا على الصعيد الثقافي والتعليمي، كما ان العلاقات الفرنسية السعودية قد تميزت برفع مستوى التعاون في عدة مجالات أخرى من بينها التعاون الثقافي، الذي سجل في السنوات الأخيرة قفزة نوعية تميزت بارتفاع أعداد الطلاب السعوديين الذين يدرسون في الجامعات الفرنسية، حيث بلغ عددهم نحو 1400 طالب، وقبل فترة ظهر دليل جديد على الشراكة الثقافية عندما قام صاحب السمو الملكي الأمير خالد بن بندر بن عبدالعزيز أمير منطقة الرياض بتدشين أول كلية للسياحة والفندقة في الرياض تعمل بطاقم تدريس فرنسي لتأهيل الكوادر السعودية في هذا المجال. وهذه الكلية هي الأولى من مشروع سبع كليات. كيف يمكن تعزيز هذه الشراكة؟ - في إطار توسيع التعاون تم مؤخرا افتتاح عدد من مكاتب التنسيق التجاري بين البلدين لخدمة المستثمرين من الجانبين وجرى التوافق على تبادل بعثات تجارية تساهم في تعزيز التعاون التجاري والصناعي وتعزيز الشراكات الاستراتيجية في قطاعات جديدة، مثل الطاقة الشمسية والطاقة النووية السلمية والصحة وكفاءة الطاقة. 30 مليار ريال هل ترى أن حجم التبادل التجاري بين البلدين يعبر بصدق عن العلاقات الوثيقة القائمة؟ - أتصور أنه أقل من الطموح لكن هناك مساعي حثيثة من الجانبين لتنمية التبادل التجاري وذلك من خلال المزيد من الاستثمارات المشتركة والمعدلات التجارية، كما أن حجم التبادل التجاري السعودي الفرنسي تجاوز 8 مليارات دولار خلال عام 2013، أي بما يعادل 30 مليار ريال، وهذا يعتبر ضعيفا مقارنة بمكانة فرنسا والسعودية وما يتمتعان به من قوة اقتصادية، إضافة إلى أن ميزان التبادل التجاري السعودي الفرنسي زاد نحو 25 في المائة مقارنة بالسنوات القريبة الماضية، وهذا الارتفاع مؤشر على أهمية السوق السعودي لدى الشركات الفرنسية، كما أن هناك نموا متواصلا في العلاقات التجارية. ومتوقعا في الوقت نفسة أن يشهد قفزة نوعية عطفا على توقيع الاتفاقيات الأخيرة. تعاون كبير وهل هناك اتفاقيات وقعت في جوانب أخرى كالتعاون الصحي مثلا؟ - بالتأكيد، ففي الآونة الأخيرة سرع البلدان العجلة نحو وضع خطوات التعاون الصحي، وذلك من خلال توقيع أول تعاون بين وزارتي الصحة في البلدين الذي أعلن عنه قبل أيام، واستضافت باريس في أواخر نوفمبر إطلاق أول لقاءات صحية سعودية فرنسية ترأسها كل من وزير الصحة الدكتور عبدالله الربيعة ووزيرة التجارة الخارجية السيدة نيكول بريك التي وعدت خلالها بأن تكون فرنسا شريكا استراتيجيا جديدا للسعودية في المجال الصحي بحيث تتجاوز عروض التعاون الاتفاقيات الحالية مثل التعاون مع مركز باستور ومع مجموعة كارمات المتخصصة في تجارب القلب الاصطناعي المتكامل. كما أن باريس لا تخفي رغبتها في بناء شراكة حقيقية صناعية في محور صحي سعودي فرنسي يشمل التكنولوجيا المتطورة ونقل المعرفة والمعلومات والتأهيل وتبادل الخبرات. وماذا عن الشركات المتوسطة والصغيرة؟ - لقد أبدت فرنسا حرصا على عقد شراكات حقيقية مع شركات سعودية، ومنها الصغيرة والمتوسطة وقامت أكثر من 20 شركة فرنسية بتقديم العرض الطبي الفرنسي لتعزيز التعاون والشراكة مع الشركات السعودية. وتشكل فرص التعاون الصحي هذه استثمارات بأكثر من 3 مليارات يورو في المدى القصير وتسعى باريس للاستفادة منها والحصول عليها من قبل مجموعات كبرى أو منشآت صغيرة ومتوسطة مبتكرة. وللدلالة على جدية وأهمية الرهان على هذا التعاون ستكون فرنسا ضيف الشرف في المعرض الصحي السعودي الذي ستستضيفه الرياض في 2014. طويلة الأمد كيف ترى مستقبل العلاقة الاقتصادية بين السعودية وفرنسا؟ - إن الجميع وفي مقدمتهم رجال الأعمال يأملون الاستفادة من الأجواء الإيجابية الموجودة حاليا لبناء شراكات استراتيجية طويلة الأمد تعود بالنفع والفائدة إلى الطرفين، مشيرا إلى حيوية الدعم السياسي من أجل توقيع أي عقد تجاري، وإلى دور دول الخليج وعلى رأسها المملكة في مساعدة فرنسا للخروج من أزمتها الاقتصادية. نجاح سعودي كيف يقرأ رجال الأعمال الفرنسيون المشهد التجاري في المملكة؟ - تناولت بعض التقارير الدولية التي صدرت مؤخرا نجاح الاقتصاد السعودي في التعامل مع الأزمة المالية العالمية، إذ تتميز السعودية عن غيرها من الدول استثماريا بالموقع الجغرافي بين آسيا وأفريقيا، والأمن وثبات العملة وارتفاع دخل الفرد، إضافة إلى كون السعودية الاقتصاد الأكبر في منطقة دول الخليج. شريك رئيسي وكيف تنظرون إلى الاستثمارات السعودية في فرنسا؟ - الفرنسيون ينظرون إلى السعودية كشريك تجاري رئيسي ومهم في المنطقة، ولدى رجال الأعمال الفرنسيين اهتمام بتنمية وتدعيم مختلف أوجه التعاون التجاري والاقتصادي مع المملكة، كاهتمام فرنسا الخاص بالتعاون في مجال المشاريع الكبرى والمنشآت الصغيرة والمتوسطة، وهناك حاجة لمزيد من التعاون بين الشركات السعودية والشركات الفرنسية والتعريف بالفرص الاستثمارية بالمملكة والالتقاء مع الشركات المهتمة ببناء شراكة مع الجانب الفرنسي في مختلف مناطق المملكة. وتعد فرنسا في مرتبة متقدمة في الاستثمار داخل المملكة، وفي مختلف القطاعات، وللسعوديين مكانة خاصة في السوق الفرنسي، حيث تقدم لهم المزيد من التسهيلات لإقامة مشاريعهم واستثماراتهم في فرنسا. علاقات وطيدة هناك علاقات متميزة تربط البلدين، فمثلا على الصعيد الثقافي والتعليمي، كما ان العلاقات الفرنسية السعودية قد تميزت برفع مستوى التعاون في عدة مجالات أخرى من بينها التعاون الثقافي، الذي سجل في السنوات الأخيرة قفزة نوعية تميزت بارتفاع أعداد الطلاب السعوديين الذين يدرسون في الجامعات الفرنسية، حيث بلغ عددهم نحو 1400 طالب، وقبل فترة ظهر دليل جديد على الشراكة الثقافية عندما قام صاحب السمو الملكي الأمير خالد بن بندر بن عبدالعزيز أمير منطقة الرياض بتدشين أول كلية للسياحة والفندقة في الرياض تعمل بطاقم تدريس فرنسي لتأهيل الكوادر السعودية في هذا المجال.