مع تطور وسائل الاتصال والإعلان في وقتنا الراهن أصبح من السهل الوصول إلى المستهلك، ولم تعد هناك حاجة إلى التكاليف المادية الكبيرة للإعلان عن منتج ما، أو الترويج له من خلال تقنيات الإبهار والمبالغة في نقل الصورة (المبهرجة) عن الواقع لإيصال روعة المنتج في ذهن المستهلك أو العميل، فقواعد التسويق تغيرت تماما عن السابق، حيث أصبحت هناك منصة لتلك المنشآت والشركات للتواصل مع المستهلك بصورة فورية، وأكبر مثال يمكنني أن أطرحه على وسيلة من وسائل الاتصال والإعلان الحديثة التي استطاعت استقطاب عدد كبير من المستهلكين هو الإنستجرام. فمن خلاله استطاع كثير من الشباب والشابات اقتحام عالم التجارة، فهو لايحتاج إلى رأس مال كبير ولا إلى تلك الخبرة في عملية التسويق، فهذه الوسيلة لم تعد للتواصل الاجتماعي فقط، بل أصبح العنصر التجاري واضحا فيها، لأنها ليست قادرة على جذب انتباه المستهلك فحسب؛ ولكن مبادرته لشراء تلك السلعة أو المنتج، فقد تصل ماركة ذات تكلفة بسيطة إلى نقطة تحول، وهي النقطة التي تكون مبيعاتها من متواضعة إلى كبيرة، عندما يشير أحد المشاهير للمنتج دون قصد أو دعاية مدفوعة!! فأنا أتذكر في مسيرتي بتجارة التجميل أن إحدى الفنانات أشارت في حسابها بالانستجرام إلى نوع من أحمر الشفاه لماركة ذات تكلفة بسيطة بأنها من عشاقها ومستخدميها، وبعد فترة بسيطة جدا فوجئت بإقبال العملاء عليها ورغبتهم فيها رغم تدني مستوى المبيعات لهذا النوع سابقا، بل حتى من كان يتذمر من هذا النوع أصبح يرغب فيه ويقف منتظرا دوره للحصول عليه، خاصة بعدما زاد الطلب عليه وأصبح توفره نادرا بالسوق!! إذ لم يعد ضمان الدقة لكثير من المنتجات كالسابق حسب المعايير الدولية، فالمقيّم الفعلي لجودة المنتج والمدير التسويقي الحقيقي في وقتنا الحاضر الذي سيختص بمهام الترويج بشكل مباشر أو غير مباشر هم الشخصيات الشهيرة والمؤثرة، وهؤلاء يمكن أن يكونوا ممثلين، مخرجين، مغنيين، رياضيين، أو حتى مشاهير الإنستجرام أصحاب الأكثر «فلورز» (المتابعين). فاليوم أصبح بناء العلامة التجارية لمنتج ما سهلا جدا، وأصبح إعطاء أي منتج الفرص الذهبية للانتشار والظهور وزيادة قيمته أمرا يسيرا، خاصة عندما يكون المنتج في حقيقته جيدا جدا، لكن لم يتسنَ له الانتشار سابقا إما لتاريخه الحديث في عالم التجارة، أو أن رأسمال المنشأة بسيط لا يؤدي إلى الغرض المطلوب. ونتيجة للأهمية التي يحظى بها الإنستجرام من خلال عملية الترويج والتسويق ومدى فعاليته من حيث سهولة الوصول إلى الشريحة المستهدفة، واستمرار الإعلان لفترة أطول، وإمكانية التعديل على محتويات المنتج في أي وقت، وتكلفة الإعلانات المنخفضة مقارنة بوسائل الإعلان الأخرى مثل: التلفاز والصحف.. فقد أصبح لزاما على المنشأة أو المؤسسة استخدامه لمواكبة نمو وتطور استراتيجيات التسويق الإلكتروني والاستفادة من هذه التقنية الفعالة، فالشبكات الإلكترونية يمكن القول عنها بأنها عالم كبير قد ألغي فيه عاملا الوقت والمسافة.