هل يمكن أن تخسر وتكون فائزاً؟! دعني أخبرك أن ذلك ممكنا، بل يجب أن يحدث ذلك بين الفنية والأخرى! لطالما ارتبط النجاح بقدرتنا على تحقيق الفوز، والظفر بما نرغب، من الحصول على شهادة دراسية أو ربح صفقة، إلى التفوق على قرناء التخصص أو الحصول على اهتمام العشير! ولكن هل استمرار حصولنا على ما نرغب يعني أننا فائزون حقاً؟ وأننا حُزنا ما نستحق ونرغب؟ قد يبدو السؤال غريباً وغير متوقع، لكنني أؤمن أن هناك عدة أوجه للنجاح، وأحدها هو الخسارة! الخسارة المرحلية قد تكون هي الطريق الأفضل لتحقيق النجاح الكاسح، بل هي من يقودك لكشف نقاط الضعف وتجنب الأخطاء، وتجود العمل في سبيل النجاح المأمول، مثل ما يحدث مع فرق كرة القدم، التي تشق طريقها للبطولة بعد مسيرة هزائم متتالية، ناهيك أنها قد توقد شرارة نجاحٍ أكبر، بدلاً مما كنت تسعى له سابقاً، كما يحدث في الأبحاث المخبرّية. أيضاً يُعزز الفشل روح الصبر ومهارة المرونة، لأن تتابع الفشل يمنحك القدرة على التحمّل وعدم الاستسلام، مما يزيد من فرص اقتناصك لرياح النصر والفوز، واعتماد ما سبق مجرد مراحل نحو تحقيق الهدف. أيضاً على مستوى العلاقات مع الأحباء أو الأصدقاء، إذ تحتاج -دوماً- أن تفسح مجالاً لفشلك -أو لنقل خسارتك!- حتى يحقق الطرف الآخر نجاحاً يقربه منك، بدلاً من تكتسح كل شيء، فتفقد كل شيء في النهاية. للخسارة مشاعر سلبية وبؤس، قد يؤثر عليك نفسياً، ما لم تكون مستعداً له، ومتقبلاً أنه قدرٌ لا بد منه، فمن هو ذلك الكائن الأسطوري الذي يعيش في نجاحات متتالية لا تتوقف! كلنا نعيش سلسلة من الكبوات والهفوات التي تقودنا نحو الأمام، شريطة ألا نحبط ونتوقف، وأن نتعلم من دروسنا المستفادة. الفشل وبقدر ما تؤلم جراحه؛ بقدر يفتح الطريق نحو مساقات أخرى في مسيرتنا، يمنحك فرصة مراجعة الأهداف وتعديلها، ولربما أدركت سبيلاً أفضل مما كنت تكابد، يكشف لبصيرتك أن الحياة أكثر خيارات وأكثر سعة مما تعتقد، وأن الفشل مجرد خطوة نحو الفوز بما ترغب. الفشل خير من يجعلك تُقدر لذة النجاح عند تحقيقه، فمن اختبر الفشل يعرف قيمة النجاح، ويجعلك أكثر حرصاً على الحفاظ على المكتسب، ثم البناء عليه، نحو المستقبل. لا أكون مبالغاً أنني أحمد الله دوماً على حالات خسارتي "المتعددة"، فهي دافع التَعلم والتحسين والإبداع، وهي الوقود الذي يدفعني نحو اكتشاف خيارات أخرى، بل تحقيق نجاحات أفضل وأشمل... صديقي متى ما فشلت "خسرت" لا تقنط! بل ابتهج؛ فقد أشعلت شرارة النجاح.