بناءُ نموذجٍ خدميٍّ يتّسق مع رغبات المستفيدين، ويلبّي حاجة المجتمع، وينمّي حسّ المسؤولية، وفي الوقت ذاته يحسّن ويطوّر الشكل العام، يحتاج إلى منظومة ذات كفاءة عالية، وهذا ما نجحت فيه أمانة الرياض من خلال توظيفها للتقنية في إشراك المجتمع لإظهار جمال العاصمة. نتحدّث عن جهودٍ كبيرةٍ تُبذل في سبيل مدينة المستقبل والاقتصاد، وصناعة قصة تكاملٍ ومسؤوليةٍ مشتركةٍ بين السكان والجهة التي تؤدّي الخدمة، والمحافظة على المدينة عبر رصد الملاحظات البلدية لتُعالَج في غضون ساعات، وإعطاء التقييم على ما أُنجز. وباعتقادي أن نموذج «الخدمة الفعّالة» لا يقتصر فقط على تقديم الحلول للمشكلات، بل يتجاوز ذلك ليصبح شراكةً حقيقيةً بين الجهات المسؤولة والمجتمع، حيث يُصبح الفرد جزءاً من عملية التطوير والتحسين بدلاً من أن يكون مجرد متلقٍّ للخدمات. هذا ما تحقّق بشكلٍ واضحٍ من خلال المبادرات التي تنفّذها الأمانة، والتي جعلت من التقنية وسيلةً لتعزيز جودة الحياة وتحسين المشهد الحضري للمدينة، مستفيدةً من الذكاء الجماعي للسكان في رصد الملاحظات وتقديم الاقتراحات. وتطبيق «مدينتي» نموذجٌ مميّزٌ في هذا المجال، حيث أتاح للمواطنين والمقيمين الفرصةَ للإسهام بفاعليةٍ في تحسين مدينتهم عبر الإبلاغ الفوري عن أيّ ملاحظاتٍ بلديةٍ تتعلّق بالنظافة، والصيانة، والتشوّهات البصرية، وغيرها من الأمور التي تؤثّر في جودة الحياة اليومية. وهنا الفارق ليس فقط في سرعة التفاعل مع البلاغات – حيث يُجرى التعامل معها خلال ساعات – بل أيضًا في إشراك المستخدمين في عملية التقييم والمتابعة، مما يعزّز مبدأ الشفافية، ويحفّز على تقديم خدمةٍ أكثر كفاءةً واحترافيةً. هذه التجربة حقّقت معادلةً صعبةً تدفعك إلى طلب الخدمة، وفي ذات الوقت تشعرك بأنك مسؤولٌ أمام أيّ شيءٍ يتعلّق بالمدينة، بل أيضاً رفعت شعوراً تجاه أهمية نظافة المدينة. وحينما تستخدم التطبيق لتقوم بالإبلاغ عن أيّ ملاحظة، ستعود إليه مرّةً أخرى بشعورٍ مختلفٍ نابعٍ من حبّ المدينة. وهذا التفاعل المستمر يخلق رابطاً وجدانياً بين الفرد وبيئته، حيث لا يصبح الأمر مجرد إجراءٍ روتيني، بل يتحوّل إلى سلوكٍ حضاريٍّ يعزّز ثقافة الاهتمام بالمدينة والمشاركة في تطويرها. ومع تكرار التجربة، يدرك المستخدم أن مساهمته تُحدث فرقاً حقيقياً، فتتولّد لديه قناعةٌ بأن دوره لا يقتصر على الإبلاغ فقط، بل يمتدُّ ليكون شريكاً في تحسين المشهد العام. هذا التكامل بين التقنية والمجتمع يعكس رؤيةً حديثةً للإدارة الحضرية، حيث تصبح الخدمة أكثر ذكاءً، والتواصل أكثر شفافيةً، والنتائج أكثر تأثيراً، مما يؤدّي إلى رفع جودة الحياة وتعزيز الشعور بالانتماء والمسؤولية تجاه المدينة ومستقبلها.