بات من الواضح أن القوى العالمية التي صمتت عن توسع ما يسمى تنظيم الدولة الإسلامية «داعش» وسيطرته على مساحات في سورياوالعراق ثم إعلان دولته، لا تريد مواجهة هذا التنظيم الإرهابي حتى النهاية وتفضل الصمت على وجود هذا التنظيم الارهابي ليؤدي دوراً منشوداً في إعادة رسم الحدود وخلق دويلات على أسس طائفية، فالرئيس الأمريكي باراك أوباما لم يتحدث في تصريحاته الأخيرة أمس عن القضاء على التنظيم أو تقويض دولته، بل فقط أراد ردع هذا التنظيم لكي لا يتجاوز حدوداً مرسومة له. داعش أراد التقدم نحو الحدود الكردية ولهذا تحرك الأمريكان سريعاً لمواجهته، في حين لم تحرك واشنطن والرئيس أوباما ساكناً طوال أكثر من عام ونصف العام تجاه ما يقوم به داعش في شرق وشمال سوريا وغرب العراق. الأمريكان موجودون في العراق ويعرفون تماماً تحركات هذا التنظيم عسكرياً، و «داعش» هو الآخر يعرف حدوده المرسومة لكنه يحاول تجاوزها لتشكيل مزيد من الضغط واكتساب قوة أكثر، والسيطرة على مزيد من المناطق الاستراتيجية خاصة آبار ومصافي النفط. وعلى التوازي يواصل تنظيم «داعش» تقدمه في سوريا لكن دون صدور حتى «إدانة» من القوى الغربية وعلى رأسها واشنطن لما يرتكبه هذا التنظيم من جرائم بحق السوريين، بينما نظام الأسد يخلي مواقعه التي يتقدم نحوها «داعش»، ليرسم هذا التنظيم حدوده لدولة تمثل الإرهاب، مؤسِّسةً لحالة جديدة لا تمت للواقع السياسي والاجتماعي السوري لا حاضراً ولا ماضياً. الأزمة السورية أصبحت في منتصف عامها الرابع ولم تتدخل واشنطن ولا المجتمع الدولي، بل ساهموا في إيصالها إلى الحالة الداعشية، فيما ترك أوباما نوري المالكي ونظام إيران يعيثان فساداً في العراق ممهدَيْن الطريق أمام «داعش» ليؤسس الدولة التي تقدم النموذج المتخلف والإرهابي عن الإسلام. حرب أوباما الجديدة في العراق لن تكتمل ضد داعش وستكون محدودة لوضع التنظيم ضمن حدوده في سورياوالعراق ليس أكثر.