يقول أحد الأصدقاء: قبل سنوات كانت طريقتي في مهاتفة إحدى شركات الاتصالات أن أقوم بالاتصال بالشركة قبل الوقت المفترض للرد بعشرين دقيقة، ثم أضع السماعة جانباً وأقوم بالانتظار، على أساس أن موظف خدمة العملاء في خدمة عميل آخر، فأقوم بإنجاز بعض الأعمال أو قراءة الصحف، وفي أكثر الأحيان أنتهي من إنجاز العمل وأخذ جولة على الصحف، والرد الإلكتروني ما زال مستمراً، دون أن ينسى بين الفينة والأخرى أن يذكرني أنه في خدمة عميل آخر، فإن وجدني مستمراً في الانتظار ورأى مني إصراراً على المكالمة أعطاني (مشغول)، أو رد عليَّ موظف يخيل إليَّ أنه عائد للتو من واجب عزاء، أو هزئ من أحد!، رغم أنه يقول كلمات ليست سيئة، وساعدني بطريقة (افصل المودم ثم أعد تشغيله مرة أخرى فإن استمرت المشكلة أعد الاتصال ونحن في خدمتك)، طبعا هو يدرك تماماً أن عملية الاتصال مرة ثانية تحتاج إلى من هو بصبر نبي الله أيوب عليه السلام. أما أنا فتظاهرت بأني أكثر فهماً من صاحبي، ونصحته بأن يلغي الخدمة في هذه الشركة ويتجه إلى شركة أخرى، ما دام البديل متوفراً، دون أن أنسى إخباره بأهمية المنافسة في ضبط الأسعار وجودة الخدمة، لكن نصيحتي له على ما يبدو (جابت العيد)، فبعد أكثر من عام واجهني في أحد المجالس وكنت أقدم النصائح للناس، فقال : إياكم أن تستمعوا لنصيحة هذا الرجل!. ثم تابع حديثه قائلاً: لقد نصحني صاحبكم هذا أن أقوم بإلغاء الخدمة لدى إحدى شركات الاتصالات، وأن انتقل إلى شركة أخرى، وبعد أن قمت بتصفية حسابي لدى الشركة الأولى طالبت بإلغاء الحساب، ثم اتجهت إلى الشركة الثانية، واستخرجت منها (مودما جديدا) مستبدلاً كل شرائح الهاتف الجوال بشرائح من الشركة الجديدة، لكن ما حدث هو أنني فوجئت بأن فواتير الشركة الأولى ما زالت تطاردني، وفي كل شهر تصلني رسالة على هاتفي الجوال هذا نصها: (عميلنا العزيز نقدر انشغالكم ونشعركم بعدم سداد المبلغ المستحق على هاتفكم رقم …..الخ). كما أن الشركة الثانية لم تكن بأفضل حال من الأولى، سواء من حيث التأخر في الرد على اتصالات العملاء، أو من حيث جودة الخدمة، ففي كل مرة يخبرون العملاء بزيادة في سرعة الاتصال، والسرعة هي نفسها إن لم تكن أبطأ، فمثلاً حين أردت تجديد الاشتراك في خدمة (الإنترنت) عرضوا عليَّ اتصالا مفتوح السرعة، فوافقت على الفور، وقمت بتجديد الاشتراك لمدة عام كامل، فوجدت أن السرعة قد انخفضت بشكل كبير، وصار اتصالي عن طريق (الموبايل) المحمول بدلاً من (المودم) المنزلي، وكلما حاولت الاتصال بالشركة يُرَد عليَّ دون حل، فإذا ما حاولت الاتصال مرة ثانية لا يُردُ عليَّ، أو حدثني أحدهم بطريقة هي أقرب إلى التصريف والقول (يا خوي تراك أبلشتنا)، حتى اهتديت إلى طريقة تجبرهم على الرد، وهي أن يكون معي خط من شركة أجنبية، فإنَّه بمجرد أن يرُن الجرس عندهم تجد من هو في انتظارك على السماعة، وتقدم لك الخدمة على أنك من فئة ال (VIP)، إلى درجة أن مقدم الخدمة يغريك بأن تقول له: (ممكن تجيني البيت تحل المشكلة!)، قلت: ولماذا لم تتقدم بشكوى لدى هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات؟!. فانفجر الجالسون بالضحك، ومع ذلك أصررت على الاستمرار، عندما أخبرتهم أن من مهام هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات حماية حقوق المستخدمين، فقاطعني أحدهم قائلاً: يا أخي نحن نتكلم عن هيئة الاتصالات السعودية، وأنت – كما يبدو- تتكلم عن شيء آخر، فالواقع أن هيئة الاتصالات مهمتها حماية حقوق هذه الشركات، ولا علاقة لها بما يتعرض له المستخدمون من عمليات نصب واحتيال، فهل تعتقد أنها ستنصفك فيما حدث من انقطاع في الأيام الماضية من الشركة التي تقدم لك الخدمة؟!، كما أن أهداف الهيئة المكتوبة تختلف عن تلك التي تقوم بها فعلاً، وحتى تفهم ما أقول فما عليك إلا أن تقارن بين ما تقدمه هذه الشركات في السعودية، وما تقدمه هي نفسها في بقية الدول التي تزوِّد فيها الخدمة، فلو كتبت في قوقل: (الهيئة تغرِّم شركة اتصالات!)، لكانت النتيجة: با الله من جدّك؟!!!.