لقد ظننتها سخريةً -والله- تلك التصريحات التي نُسبت لشركة الكهرباء قبل أيام قلائل لولا أنها ظهرت في الصحف وانتشرت في وسائل التواصل فيما بعد، الخبر يقول إن بعض «الجهات المعنية» تكفّلت بالسداد عن «كبار الشخصيات» في البلد! وأن قيمة السداد تقدّر بحوالي 2.7 مليار!! عجباً والله كل العجب! هل وصل بنا الحال أن نكون سخريةً نضحك من أنفسنا وأخبارنا ووزاراتنا ومؤسساتنا وشركاتنا ساعة ثمّ نبكي عليها ساعات؟! هل يُعقل أن تُصرف قرابة الثلاثة مليارات لتسديد فواتير أشخاص معيّنين لا لشيء سوى أنهم في نظر بعضهم شخصيات كبيرة؟! إن كانت كبيرة فلماذا تتصاغر إلى درجة أنها لا تسدّد مصاريف الكهرباء عن نفسها! وإن أقررنا -جدلاً- أنها كبيرة فكيف يمكن للمواطن البسيط أن يحتمل صدمة الرقم الخرافي المُرفق مع هذا الخبر! والفقراء مَن لهم يا شركة الكهرباء؟ ذلك البائس الفقير الذي يسكن في عرعر أو ظهران الجنوب وله أسرة ثقيلة ومعاش تقاعدي بالكاد يدفع به عجلة حياته وتأتيه فاتورة الكهرباء 500 ريال لا يستطيع أحياناً سدادها، مَن لهذا؟! من للمواطنين «الملتزمين بالسداد» في قرى حائل وغيرها الذين إن هنئوا بالنوم يوماً في ضحى رمضان لم يهنأوا به يومٍ آخر بسبب انقطاع التيّار عنهم؟! أليس الأولى أن يُسمي هؤلاء المسدّدون كبارَ الشخصيات عوضاً عن أولئك الذين لم يسدّدوا؟ كل ما في هذا الخبر غامض! فلا نحن نعرف الجهات المعنية ولا نحن نعرف كبار الشخصيات ولا نحن نعرف كيف وصلت قيمة فواتيرهم هذا الرقم المَهُول! ولا نحن نعرف أكانت هذه الفواتير عن بيوت أو قصور أو شركات أو مصانع ولا نحن نعرف شيئاً وليتنا لم نعرف هذا الخبر من أساسه! نحن نعرف كبار الشخصيّات؛ هم أولئك الذين لا يسألون الناس إلحافاً ويسعون أن يمدّوا أيديهم بالعطاء لا بالأخذ! أيتها الجهات المعنية، يا شركة الكهرباء، مَنْ للفقراء؟ - لهم الله