عيد الدرب.. مبادرات للفرح وورود وزيارات للمرضىع    بين الجبال الشامخة.. أبطال الحد الجنوبي يعايدون المملكة    عيد الفطر في قطاع غزة تحول "يوم حداد"    جوارديولا غاضب بسبب موسم مانشستر سيتي    موقف جيسوس من قيادة الهلال في مونديال الأندية    أمير الشرقية يستقبل المهنئين بعيد الفطر المبارك    رئيس الوزراء اللبناني يُغادر جدة    ولي العهد يؤدي صلاة العيد ويستقبل المهنئين    وزير الحرس الوطني يستقبل قادة الوزارة وكبار مسؤوليها المهنئين بعيد الفطر    محافظ بيش يتقدم المصلين في صلاة عيد الفطر المبارك بجامع الراجحي    أمير منطقة جازان ونائبه يستقبلان المهنئين بعيد الفطر    ولي العهد وسلام في صلاة العيد.. لقطة تعكس ثقة السعودية في القيادة اللبنانية    صلاة عيد الفطر في المسجد النبوي    أمير منطقة جازان ونائبه يؤديان صلاة عيد الفطر    خادم الحرمين: أهنئكم بعيد الفطر بعد صيام شهر رمضان وقيامه    خادم الحرمين الشريفين يهنئ المواطنين والمسلمين بعيد الفطر المبارك    المملكة ترحب بإعلان تشكيل الحكومة السورية    وزير الدفاع يهنئ القيادة بعيد الفطر    أكثر من 49 ألف مستفيد من الخدمات الطبية بجوار المسجد النبوي خلال شهر رمضان    توقعات بهطول أمطار غزيرة على 7 مناطق    كاميرات المراقبة تفضح اعتداءات المستوطنين في الضفة الغربية    ارتفاع حصيلة قتلى زلزال ميانمار إلى أكثر من 1000    عيد الدربيات والفرحة فرحتان    ثنائية مبابي تهدي ريال مدريد الفوز على ليجانيس    سار تعلن نجاح خطتها التشغيلية لموسم رمضان وتنقل 1.2 مليون مسافرًا عبر قطار الحرمين السريع    " البيئة " تطلق تقنية الذكاء الاصطناعي لتعزيز الرقابة على المسالخ    896.551 شحنة بريدية تم تسليمها يوميا برمضان    شركة الجفالي للسيارات الموزع العام المعتمد لمرسيدس-بنز راعياً لبرنامج ( إفطار صائم ) لتوزيع مليون وجبة    المعايدة بين صمت يتكلم وعتاب رقيق    لماذا لا تخلد شاشاتنا ثقافة الأعياد    التنافر المعرفي بين العقلانية والعقلنة 1/ 2    الشرع يعلن الحكومة الجديدة.. ووزيرا الخارجية والدفاع مستمران    545 مليون ريال ل 6 استثمارات سياحية بالأحساء    العيد انطلاقة لا ختام    شرف خدمة الحرمين    الديوان الملكي: اليوم الأحد هو يوم عيد الفطر المبارك لعام 1446ه    الرئيس السوري يعلن تشكيل حكومة جديدة    1320 حالة ضبط بالمنافذ الجمركية    عيد حائل.. تقاليد متوارثة    «إثراء» للمجتمع انتماء    إطلالة على اليوم العالمي للمسرح    أمير القصيم يشكر خادم الحرمين على تسمية مستشفى شمال بريدة مستشفى الملك سلمان    الحناء.. زينة العيد    بلدية وادي الدواسر تُكمل استعداداتها لعيد الفطر بتجهيز الميادين والحدائق    ولي العهد يتلقى اتصالاً هاتفيًا من رئيس دولة الإمارات    ولي العهد يوجه بتوفير أراض مخططة ومطورة للمواطنين في الرياض    برعاية سعودية.. سورية ولبنان تعيدان تعريف العلاقة    الرئيس عون: لبنان دخل مرحلة جديدة بعد عقود من العنف والحروب    وزارة الداخلية.. منظومة متكاملة لخدمة وسلامة وأمن ضيوف الرحمن    غداً الأحد.. عيد الفطر في السعودية والإمارات وقطر والكويت    خلال أسبوع.. ضبط 25 ألف مخالف للأنظمة    تجمع الرياض الصحي الأول يحقق أرقاماً قياسية في ختام حملة "صم بصحة"    أبشر بالفطور تختتم أعمالها بتغطية محافظات الشرقية و توزيع ٥٠ الف وجبة    تجمع الرياض الصحي الأول يُطلق حملة «عيدك يزهو بصحتك» بمناسبة عيد الفطر المبارك 1446ه    أمانة الشرقية تزرع 5 آلاف شجرة و 10 آلاف وردة احتفاءاً بمبادرة السعودية الخضراء    أكثر من 70 ألف مستفيد من برامج جمعية الدعوة بأجياد في رمضان    سوزان تستكمل مجلدها الثاني «أطياف الحرمين»    حليب الإبل إرث الأجداد وخيار الصائمين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المهزلة في قراءة التاريخ !
نشر في الشرق يوم 09 - 06 - 2014

في كتابه الشهير (مهزلةُ العقلِ البشري) يقولُ علي الوردي: (كنت أزور ذات مرة معاملَ فورد في مدينةِ ديترويت ثم عرجت بعد ذلك على زيارةِ الحيِّ العربيِّ الذي كان قريباً منها، وقد اندهشتُ حين وجدت نزاعاً عنيفاً ينشبُ بين المسلمين هناك حول عليٍّ وعُمَر، وكانت الأعصابُ متوترةً والضغائنُ منبوشةً، وكنت أتحدث مع أحدِ الأمريكيين حول هذا النزاعِ الرقيع، فسألني الأمريكيُّ عن عليٍّ وعمر: (هل هما يتنافسان الآن على رئاسةِ الحكومةِ عندكم، كما تنافس ترومان وديوي عندنا) فقلت له: (إن علياً وعُمَرَ كانا يعيشان في الحجازِ قبل1300 سنة، وهذا النزاعُ الحاليُ يدور حول أيهما أحق بالخلافة؟). فضحك الأمريكيُّ من هذا الجوابِ حتى كاد يستلقي على قفاه، وضحكتُ معه ضحكاً فيه معنى البكاء، وشرُّ البليةِ ما يُضحِك).
ما أعادني لهذه الحادثةِ هو ردودُ الفعلِ الواسعةِ التي أثارها أحدُهم بقوله قبل أيامٍ: («يزيد بن معاوية» بفعلته القبيحة بأهل المدينة عليه من الله ما يستحق، وأن يجعل لعنه سنة تأخذها الأخلاف عن الأسلاف، حتى يوم القيامة)، ويبدو أنَّ هذا القولَ وما يسبقُه يصلحُ أن يكونَ أنموذجاً لتبيانِ طريقتِنا في قراءة ِالتاريخ، إذ لا نقرأه للتأكدِ من صحةِ حوادثِ الماضي، خصوصاً تلك التي مثَّلت منعطفاً تاريخياً، وكانت لها تداعياتٌ خطيرةٌ على الأمةِ فيما بعد، من حيث تعزيز حالةِ الانقسامِ والتشتتِ والفوضى، و ذلك بتذكيةِ الخلافاتِ والنزاعاتِ الطائفيةِ والمذهبيةِ وتكفير الطوائفِ لبعضها، أو من خلال اعتمادِ بعضِهم عليها في تبريرِ ما يرتكبُه من أعمالٍ هي أبعد ما تكونُ عن الإسلام، فهل من المنطقِ والحكمةِ أن يكونَ أكبرُ همِّنا من قراءةِ التاريخِ هو الحكمُ بجوازِ لعنِ فلانٍ أو عدمِ لعنه، وإثبات أنَّ فلاناً أتقى من فلان، أو فلاناً أحقُ بالخلافةِ من فلان!، في حين أنَّ الأممَ الحيةَ إنما تقرأُ تاريخَها من أجلِ تنقيتِه من الزيفِ والكذبِ والشوائب، وهي تُخضِعُ كلَ الرواياتِ التاريخيةِ للنقدِ الداخليِّ والخارجيِّ بهدفِ التأكدِ من صحتِها، استخلاصاً للأحكامِ واستلهاماً للعظاتِ والعبرَ، كما أنَّ اللعنَ والسبَّ والشتم َّوالحكم بالجنةِ أو النارِ لا تدفعُنا خطوةً واحدةً إلى الأمام، فضلاً على ما فيها من مجافاةٍ للأخلاقِ والدين: (تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَ لَكُم مَّا كَسَبْتُمْ ولَا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ)، فمن يقرأ تاريخَ الدولةِ الأمويةِ بوجه خاص ستستوقفُه الكثيُر من الرواياتِ التاريخية، ويحتاجُ قدراً كبيراً من البلادةِ لتصديقِها، كتلك الواردةِ في (معركةِ الحرةِ واستباحةِ المدينة) وهي التي اتخذَ منها أخونا الكريم مبرراً لِلعنِ يزيد بن معاوية، مثل روايةِ (العصامي) عن استباحةِ المدينة عندما قال: (وافتُضَّ فيها ألفُ عذراء، وإنَّ مُفتضَّها فعل ذلك أمام الوجهِ الشريف، والتمس ما يمسحُ به الدمَ فلم يجد، ففتح مصحفاً قريباً منه، ثم أخذ من أوراقِه ورقةً فمسحَ بها، نعوذُ بالله، ما هذا إلا صريحُ الكفرِ وأنتنه)، فهل يُعقلُ أنَّ هذا يحدثُ وفي المدينةِ بعضُ الصحابةِ والتابعين ممن لم يشتركوا في معركةِ الحَرَّة، بل آثروا الوقوفَ على الحيادِ كابن عمر وعلي بن الحسين، ومحمد بن الحنفية، وسعيد بن المسيب، وأبي سعيد الخدري، فإننا نسيء إلى هؤلاءِ الأخيارِ من حيثُ لا ندري عندما نُقِرُّ بتلك الحوادثِ دون إنكارِهم لها، كما أنَّ ذات التاريخِ يُخبِرُنا بما كان عليه الجيشُ الإسلاميُّ في أثناءِ الفتوحاتِ الإسلاميةِ من العدلِ والأخلاقِ والرحمةِ وحُسن المعاملةِ لأهلِ البلادِ المفتوحةِ غيرِ المسلمة، فكيف يريدون منا تصديقَ أنَّ هذا ما كان يفعلُه جيشُ الشامِ مع أهلِ المدينة؟!.
المشكلةُ في قراءتنا للتاريخِ أنها ليست ناقدة، بقدر ما أنها تقومُ على الانقيادِ والتسليمِ بكل ما قرره الأولون، من غيرِ نقدٍ ولا بحثٍ ولا تمحيص، لذا تجدُ بعضهم يفترضُ افتراضاتٍ خاطئةٍ ثم يبني عليها أحكاماً، ولمَّا كان التاريخُ كلَّه بحاجةٍ إلى البحثِ والتمحيصِ فإنه في حال الأمويين أولى، لأنَّ المؤلفات التاريخيةَ لم تُكتَب إلا في فترةٍ متأخرةٍ عن القرنِ الأولِ الهجري، وعلى ذلك فإنَّ العباسيين هم الذين كتبوا تاريخَ الأمويين، ومن الطبيعي أن تكونَ كتابتُهم أبعدَ ما تكونُ عن الحياد ِوالموضوعية، لأنهم لهم أعداء، وإنه لا أغبى ممن يأخذُ التاريخَ عن عدوٍ أو حاقد!.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.