ما قامت به المملكة العربية السعودية خطوة صحيحة وطفرة نوعية حاسمة في تاريخ المملكة ودول الخليج العربي عامة والوطن العربي عموما، حيث غاب هذا المشروع منذ ثمانينيات القرن الماضي عن المنطقة العربية خاصة بعد أن ضرب سلاح الجو الإسرائيلي المفاعل النووي العراقي (مفاعل تموز)، مما أدى إلى تضرره وإيقاف العمل به لانشغال العراق بصد التمدد الفارسي عنه وعن الوطن العربي خاصة والإسلام عموما، حيث وقف العراق في وجه المشروع الصفوي الإيراني قرابة خمسة وثلاثين عاما، تحطمت خلالها أحلامهم وآمالهم بتصدير ولاية الفقيه إليه ثم إلى باقي الدول العربية والإسلامية، وبعد خروج العراق منتصرا وانتهاء الحرب عام 1988م، سعت إيران منذ تلك الفترة إلى تطوير سلاحها وفي جميع الصنوف وبذلت كل طاقاتها وإمكانياتها المادية وغيرها إلى امتلاك السلاح النووي لتغير ميزان القوى في المنطقة، ومما لا شك فيه أن إسرائيل تملك السلاح النووي والغرب يعلم بذلك، بل هو من ساعدها ووفره لها، ولهذا كانت خطوة المملكة قرارا صائبا وموقفا رائعا تشكر عليه، لتكون أول بلد عربي يهتم بهذا الجانب علانية وهي تسعى الآن جادة لفتح أول جامعة عربية تهتم بالطاقة النووية، ومن الجدير بالذكر أن المملكة تريد الطاقة النووية لأغراض سلمية كتوفير الطاقة الكهربائية وغيرها، ولا تريدها لنشر الرعب والخوف في المنطقة، وخطوتها في ذلك، أولا أقامت دورة علمية في الطاقة النووية لطلاب الهندسة المتفوقين، على أن ترسل هؤلاء إلى الخارج ليدرسوا المفاعلات وأنواعها وطرق استعمالها وإنشاءها، ليعودوا إلى وطنهم الغالي ليمدوه بما تعلموه من العلوم والمعارف، ولا شك أن العقول العربية ولادة ومبدعة وصاحبة أفكار مذهلة ووجودها في أرقى الجامعات العالمية أكبر برهان على ذلك، ولهذا كثير منها مع الأسف الشديد في الخارج، لأن الغرب عرف كيف يستفيد منها ويستثمرها ويستغلها لرقيه وحضارته، ونحن تركناها وأهملناها تجلس في البيت أو تستجدي في الشوارع، نسأل الله أن تكون هذه الخطوة السعودية بداية لكسب العقول العربية وعودتها إلى أوطانها الأصلية، للنهوض بأمتنا من واقعها المزري، عسى أن تعود وتقود الأمم كما كانت من قبل.