تقع جمهورية إيران الإسلامية على الساحل الشرقي للخليج العربي الذي تطل عليه أيضاً سبع دول عربية هي المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة وسلطنة عمان ودولة الكويت ومملكة البحرين ودولة قطر والعراق، وهو ما يدل على أن الدول العربية تشكِّل المساحة الأكبر في التواجد على هذا الخليج، ومع ذلك فإن إيران تدّعي خصوصيتها بالخليج بدليل أنها لا تزال تسميه بالخليج الفارسي، كما أن الدول الغربية ومنها الولاياتالمتحدةالأمريكية كانت تعتبر إيران في عهد الشاه (شرطي الخليج) مما شجّع الشاه على المطالبة بالبحرين عندما قرّرت بريطانيا الخروج منها سنة 1971م إلا أن هذه المطالبة أجهضت في هيئة الأممالمتحدة التي أيَّدت استقلال البحرين، كما شجّع ذلك الشاه لاحتلال ثلاث جزر تابعة لدولة الإمارات العربية المتحدة سنة 1970م ولا تزال إيران تحتل هذه الجزر رغم مطالبة دولة الإمارات العربية المتحدة بها أو اللجوء إلى التحكيم الدولي بصددها وتأييد دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية لهذا المطلب وإيران لا تزال ترفض إعادة هذه الجزر وترفض اللجوء للتحكيم الدولي حولها لعدم وجود الأدلة القاطعة التي تثبت تبعية هذه الجزر لها، وبعد قيام الثورة الإيرانية سنة 1979م على أساس عقدي حاولت إيران تصدير مبادئ ثورتها للعراق ودول الخليج وقد حال دون ذلك الحرب التي نشبت بين العراق وإيران سنة 1980م والتي استمرت ثماني سنوات. وقد استبشر بعض العرب خيراً بقيام الثورة الإيرانية وسقوط نظام الشاه وأن إيران سوف تعيد الجزر الإماراتية إلى دولة الإمارات العربية المتحدة وأن العلاقات العربية والإيرانية سوف تتطور على أساس التعاون وذلك بحكم الجوار وبحكم الدين الواحد، إلا أن إيران بدلاً من ذلك أصبحت حليفاً للمنظمات المتشددة في لبنان وفلسطين واعتبرت نفسها من دول المواجهة مع إسرائيل، كما تحالفت مع الولاياتالمتحدة في إسقاط (حكومة طالبان ونظام صدام) مما أتاح لها الفرصة الذهبية التي لم تحققها في عهد صدام للتدخل في شئون العراق الذي لا يزال العراق يدفع ثمنه، وبعد ذلك تفرّغت إيران لبناء قوة مسلحة كبيرة ثم إنشاء المفاعل النووي الذي واجه معارضة قوية من دول الغرب وإسرائيل لشكوكهم في الغرض الذي من أجله أنشئ هذا المفاعل لكون إيران لديها مقومات الطاقة التي تغنيها عنه وأن الشاه في أوج قوته لم يفكر فيه إضافة إلى أنه لا يوجد لها عدو مجاور يملك هذا السلاح كما هو الشأن بالنسبة لباكستان التي قد يكون لها العذر في صنع الأسلحة النووية باعتبار أن الهند عدوها التقليدي، مما قد يدلّل على أن هدف إيران من المفاعل النووي ربما يكون إنتاج السلاح النووي. وخلال فترة المساجلات بين إيران من ناحية ودول الغرب وإسرائيل من ناحية أخرى حول هذا المفاعل والتي لا تزال مستمرة انتهجت إيران مع دول الخليج العربية سياسة التهدئة والطمأنه بأن المفاعل النووي هو من أجل الأغراض السلمية لأن إيران تدرك أن وقوف دول الخليج مع دول الغرب في التصدي لأهداف إيران النووية سوف يزيد موقفها سوءاً إلا أنه مع ذلك فإن دول الخليج لا تزال ترى أن أهداف المفاعل النووي الإيراني ينبغي أن تكون محصورة في الأهداف السلمية. ودول الغرب وإن كان هدفها الأساسي من تصديها للطموحات الإيرانية النووية هو حماية إسرائيل وحماية مصالحها في منطقة الخليج فإن دول الخليج أيضاً معنية بحماية نفسها من هذه القوة الإيرانية النووية وذلك بالتأكد بطرق علمية من أن الهدف من المفاعل النووي الإيراني سلمي بحت وذلك أن امتلاك إيران للسلاح الذري ليس في صالح دول الخليج على الإطلاق، إذ إنه قد يأتي في إيران بعد امتلاكها السلاح النووي نظام يقوم بابتزاز دول الخليج كلما حانت له الفرصة، كما أن امتلاك إيران للسلاح النووي سوف يؤدي إلى استمرارها في احتلال جزر دولة الإمارات وقد تطالب بمناطق أخرى وسوف تكون منطقة الخليج غير مستقرة وسوف يؤثّر ذلك على اقتصادها وعلى استمرارية ضخ وتصدير الطاقة منها ونحو ذلك من الآثار غير الإيجابية بالنسبة لدول الخليج والدليل على ذلك تدخلها مؤخراً في شؤون مملكة البحرين وهي إحدى دول مجلس التعاون عن طريق إثارة الفوضى والفتن بين مكونات شعب البحرين، وقيامها بالتجسس في دولة الكويت، وتوجهها الإعلامي السلبي ضد بلادنا وبقية دول مجلس التعاون عندما هبت لمساعدة حكومة البحرين في إعادة الأمن والاستقرار وحماية المؤسسات الحيوية من عبث العابثين انطلاقاً من اتفاق أمني بين دول المجلس وهو الأمر الذي يؤكّد أن لإيران مطامع في دول الخليج العربي وحكومات دول الخليج وعلى رأسها حكومة بلادنا مدركة والحمد لله هذا الهدف الإيراني، وهو الأمر الذي يتطلب أخذ الحيطة والحذر والاستعداد عند التعامل مع إيران وعملائها من العرب. [email protected]