سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
ثورة (58) حطمت مشروعاً أمريكياً لبناء مفاعل نووي في العراق.. فولد «بوشهر» الإيراني «العراق النووي».. اسرار وخفايا يكشفها ل «الرياض» العالم العراقي نعمان النعيمي:
كان لضجيج الدبابات واصوات المدافع الوقع الكبير الذي اخفى كافة الاصوات والصيحات التي عارضت ولا تزال تعارض احتلال العراق وتدميره، وفي كل يوم تترك فيه القوات الغازية بصماتها على أرض العراق الى ان تركته خرابا، كانت هناك اصوات اخرى ما زالت تحاول بكل ما تملك من عزيمة وارادة ان تعيد للحق مكانته وتترك للشعب العراقي والامة العربية بصيص أمل ليعاودوا النهوض من جديد. وقد تلقى العراق سيلا من الاتهامات والاكاذيب والافتراءات والخناجر المسمومة سواء من أبناء جلدته أو من الغرباء، التي سقطت واحدة تلو الاخرى، ومع تكشف زيف مبررات العدوان، سعى بعض الوطنيين والعلماء العراقيين إلى الكشف عن حقيقة ما جرى وفضح اكذوبة اسلحة الدمار الشامل العراقية، قبل الاحتلال وبعده، وذلك بالوثائق والحجج والبراهين، لا سيما وانهم هم الذين يمتلكون هذه الاسرار، التي عندما تكشفت دحضت ادعاءات المغرضين على اختلاف ألوانهم. وكما دمر الاحتلال العراق ونهب ثرواته وسرق ممتلكاته وعبث بتاريخه وشوه آثاره وسرقها، بحسب تأكيدات مصادر عدة من الطرف المحتل نفسه، فإنه ايضا عمل على الدوام على مسح ذاكرة علمائه وقتلهم وترهيبهم وتشريدهم، وكان لزاما الوقوف عند حد هذه الانتهاكات المستمرة بحق شعب العراق وتشويه صورة الانسان العربي عموما ، ولازالت هناك عقول نيرة وثقات تركن عليهم الأمانة ومفكرون يعقد عليهم الأمل. ولعل بالكشف عن المغزى الاستراتيجي للبرنامج النووي العراقي وخفاياه العلمية والتقنية، الأثر الكبير للدفاع عن العراق بوجه الذين برروا احتلاله، وهو ما دفع «الرياض» لنقل شهادة احد علماء العراق والذين كانوا من مؤسسي البرنامج الوطني النووي العراقي، للكشف عن حقائق وخفايا هذا الموضوع مدار البحث والجدل والذي دفع العراق ثمنا غاليا من أجله. وقد حاورنا البروفسور العالم النووي الدكتور نعمان النعيمي رئيس مركز البحوث النووية والمدير العام السابق في هيئة التصنيع العسكري ، والذي كشف حقيقة البرنامج النووي العراقي رغم حذره وتحفظه الشديدين، وكشف بالادلة الدامغة والبراهين والوقائع ،تآمر قوى عديدة من بينها لجان المفتشين الدوليين من اجل احتلال العراق بعد ان تأكد لهم أن لا وجود للبرنامج النووي العراقي بعد ان تم تدميره تدميرا كاملا وانتهى في العام 5991، وكيف ان هؤلاء العلماء بدل من أن يكرموا لجهودهم العلمية التي كان بالامكان الاستفادة منها كونهم ثروة علمية وطنية وقومية أصبحوا بين القتيل والمعتقل والمطرود من بلده. وما دفع النعيمي للبوح بأسرار البرنامج النووي العراقي في هذا الوقت بداية هو واجبه كعالم ولا سيما في مجال التسلح النووي ، فقد كان وزملاؤه على مدى تسعة أعوام يطوون الليل بالنهار مع مجموعة مختارة من العلماء والمهندسين والفنيين العراقيين، وذلك لإنتاج برنامج نووي عراقي بجهد وطني خالص، ثم قضوا أربعة عشر عاما أخرى يتصارعون مع مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وكما يقول النعيمي : «هي قصة طويلة مفعمة بالمرارات والأخطار والتحديات، وكانت بدايات انتصارات علمية أمنية ، وخواتيمها مؤامرات مخيفة بأبعادها الدولية تكشف تصميما متصلا على تدمير إنجاز عربي علمي واستراتيجي غير مسبوق، استخدمت فيها جميع الوسائل ، وبخاصة أشدها ضراوة وتخريبا وإبادة». وسوف تنشر «الرياض» على أربع حلقات تفاصيل وخفايا وأسرار البرنامج النووي العراقي منذ تأسيسه وحتى تم تدميره بالكامل. وفي هذا الحوار الهام سيستنبط القارئ الكثير من الأجوبة عن الأسئلة التي مازالت تراود فكره بعد أن وضعت الحرب أوزارها على الرغم من بقايا الدخان في سماء بلاد الرافدين والتي اصبحت مابين (نارين)، نار أهله ونار الغرباء حالها كحال شاعرها «المتنبي» الذي قال: (ومن نكد الدنيا على الحر أن يرى عدوا له ما من صداقته بدُ)!! والدكتور نعمان سعد الدين النعيمي يحمل درجة دكتوراه الفلسفة في الكيمياء اللاعضوية من جامعة اوكسفورد البريطانية عام 4691 وشغل منصب رئيس قسم الكيمياء ثم رئيس مركز البحوث النووية في العراق ما بين اعوام ( 9691 - 3791) وحصل على مرتبة الاستاذية في الكيمياء اللاعضوية من جامعة بغداد العام في 6791، وعمل إستاذا زائرا جامعة العلوم والتكنولوجيا في الجزائر ما بين عامي( 7791 و 1891)، وشغل منصب مستشار في منظمة الطاقة الذرية العراقية ما بين عام (3891 و 8891) ومدير عام في مشروع البتروكيماويات رقم 3 ( الاسم الرمزي للبرنامج النووي العراقي) ما بين عام (9891 و 2991)، وشغل منصب مدير عام بهيئة التصنيع العسكري ( 3991- 8991 )، الامين العام لاتحاد الجمعيات الكيميائية الاسيوية ( 3891- 5891) رئيس تحرير مجلة الكيمياء العراقية ( 6791- 7791) رئيس تحرير مجلة علوم العراقية ( 8991 - 2002) حاز على اربع جوائز تفوق في مجالات الخدمة المدنية ( 2991 - 3002) . خطوة الألف ميل: ٭٭ كيف كانت بداية المشروع النووي العراقي، ومن الاطراف التي وقفت وراءه ودعمته، وما الهدف من وراء امتلاك علوم الذرة في ذلك الوقت؟ - كانت البداية الفعلية للمشروع النووي العراقي مع الاعلان عن «برنامج الذرة من أجل السلام» الذي اطلقه رئيس الولاياتالمتحدة الراحل ايزنهاور وذلك في العام 1953، وهدفَ البرنامج الأمريكي حينها الى نشر معلومات حول الاستخدام السلمي للطاقة الذرية في مسعى لحفز الدول على عدم توظيف الذرة في الاغراض العسكرية، وقد استلم العراق اولى التقارير والدراسات البحثية الامريكية عن الطاقة الذرية في العام 1954، وقد عهدت حكومة الملك فيصل الثاني الى مجلس الاعمار العراقي، المختص في اعمار العراق بما في ذلك علميا وتكنولوجيا الى متابعة تلك الدراسات والابحاث، وكان يرأس المجلس رئيس الوزراء العراقي نوري السعيد في حين كان يرأس اللجنة العلمية والتكنولوجية في مجلس الاعمار الدكتور ضياء جعفر والذي عهد إليه تأسيس لجنة الطاقة الذرية العراقية والتي كان امينها العام الأول الدكتور محمد كاشف الغطاء، وكان عمل اللجنة يهدف الى تحقيق قاعدة علمية وتكنولوجية للانعتاق من التبعية الكاملة للغرب، وذلك بالتعاون مع المؤسسات العلمية والجهات الحكومية ذات العلاقة كوزارات الصحة والتعليم والدفاع والزراعة، وكان من اهم برامج لجنة الطاقة الذرية العراقية تدريب الكوادر العراقية واكسابهم الخبرات النظرية والعملية للامساك بناصية التكنولوجيا النووية، ولذا ارسلت عددا من الطلاب الى امريكا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا الغربية والاتحاد السوفييتي السابق، وكان لأمين عام اللجنة الدكتور محمد كاشف الغطاء الدور الرئيسي في اختيار مواضيع الدراسة والابحاث بما يتناسب وحاجة العراق. ٭ ننطلق من البداية..بحكم العلاقة بين النظام الملكي السابق في العراق والغرب هل تمتع العراق بميزات تفضيلية من وراء برنامج «الذرة من أجل السلام» أو هل حصل على وعود من الدول الغربية لمساعدته في انشاء مفاعلات نووية للأغراض السلمية؟ - في ذلك الوقت من العهد الملكي حصل العراق على وعد من ادارة واشنطن بإنشاء مفاعل نووي للأبحاث في العراق بقدرة (5 ميجا واط حراري)، كونها كانت عضوا في حلف بغداد، حيث تم الاتفاق على انشاء ذلك المفاعل من قبل شركة «جنرال اتوميك»، الا ان العرض سحب بعد الثورة على النظام الملكي، كذلك كان هنالك مؤسسة ابحاث الطاقة الذرية البريطانية في هارول والتي قامت بانشاء مركز في بغداد عام 1956 لتدريب كوادر من العراق الى جانب الاعضاء الآخرين لحلف بغداد من الباكستان وايران وتركيا، وكان هذا المركز متواضعا ويعقد 3 دورات سنويا وقد اشتركت في فبراير 1958 بإحدى هذه الدورات ممثلا لكلية العلوم التابعة لجامعة بغداد. ٭ بعد انهيار حلف بغداد، هل تلقى العراق دعما من الاتحاد السوفييتي السابق للاستمرار في البرنامج النووي العراقي؟ - بحصول (ثورة 14 يوليو 1958) أعلنت حكومة الثورة بقيادة عبدالكريم قاسم انسحابها من (حلف بغداد)، مما ادى الى تنصل الولاياتالمتحدة من وعدها بانشاء مفاعل نووي للأبحاث في العراق وقدمت العرض لإيران، حيث بوشر بانشاء المفاعل في منطقة( بوشهر)، وأصبح للعراق لجنة للطاقة الذرية بلا اي قاعدة بحثية للتطوير السلمي للطاقة الذرية، ولذا قامت حكومة الثورة في اواخر العام 1959 بعقد اتفاق مع الاتحاد السوفييتي السابق يشتمل على معونة صناعية وزراعية بموجبها انشأ السوفييت عددا من المصانع في العراق، وتضمنت الاتفاقية انشاء مفاعل نووي للأبحاث بقدرة( 2 ميجا واط حراري)، وهو من نوع ( حوض السباحة) ويستخدم وقود نووي واطئ التخصيب بنسبة 18٪ فقط، ومهدئ ومبرد بالماء الاعتيادي، وقد سمي مفاعل( 14 تموز) للأبحاث تيمنا بثورة 58. ٭ ما مصير مفاعل (14 تموز) وهل كانت عمليات التخصيب داخل هذا المفاعل النووي تتم تحت اشراف الوكالة الدولية للطاقة الذرية؟ - مفاعل (14 تموز) كان علنيا وتحت اشراف الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وبدأت الاعمال الانشائية له في عام 1961 واصبح جاهزا للتشغيل في نوفمبر 1967 وكان الاسم المتداول له وفق الرموز الغربية IRT0002 وانشئ في موقع (التويثة) على بعد 26 كيلو مترا جنوب شرق بغداد، واستطاع المفاعل حتى خروجه من الخدمة بسبب القصف الامريكي ابان عاصفة الصحراء ان ينتج 200 طن من اليورانيوم المخصب، كانت توضع في براميل زنة كل واحدة منها 200 كلغ، وكان يوضع في مخزن تحت اشراف الوكالة الدولية للطاقة الذرية. ٭ ألم تفكروا في لجنة الطاقة الذرية العراقية بتطوير جهود ذاتية للتزود باليورانيوم، خاصة وان التقارير الغربية السابقة اشارت الى ان العراق يمتلك كميات من اليورانيوم في منطقة شمال العراق، ولماذا كنتم تتزودون باليورانيوم من الخارج وتحديدا من الاتحاد السوفييتي السابق؟ - لم يكن في العراق سوى كميات ضئيلة جدا من اليورانيوم الطبيعي وغير ذات جدوى للاسخراج وكان بحسب الاتفاق يتم تزويد مفاعل 14 تموز باليورانيوم من الاتحاد السوفييتي السابق. وجهود التزود باليورانيوم ذاتيا بدأت في العام 1973 حيث اقترح رئيس قسم الجيولوجيا النووية استخدام الفوسفات الموجود بكميات كبيرة في العراق لاستخلاص اليورانيوم ولكن بطبيعة الحال فإن كل واحد طن من الفوسفات يستخلص منه ما بين (50 الى 100 غرام فقط) من اليورانيوم الطبيعي، وبصفتي حينها رئيسا لقسم الكيمياء اجريت بحثا لاستخراج اليورانيوم من حامض الفوسفوريك الذي يستخدم في انتاج الاسمدة الفوسفاتية، وتم اعتماد النتائج التي توصلت اليها وبدأ التنفيذ في العام 1975 حيث تم التعاقد مع شركة بلجيكية لإنشاء مصنع في مدينة القائم على الحدود السورية لإنتاج الاسمدة الفوسفاتية بكميات تجارية، وطلبت لجنة الطاقة الذرية بناء على نصيحتي بأن يتم هذا العمل عبر معمل لانتاج حامض الفوسفوريك الذي قامت شركة بلجيكية اخرى باستخلاص اليورانيوم المشع منه. ٭ ما طبيعة الدعم الذي قدمه السوفييت للعراقيين في تلك الفترة من أواخر الخمسينات والستينات من القرن الماضي، وهل سعى الاتحاد السوفييتي الى تقديم التكنلوجيا النووية بما فيها القنبلة النووية للعراق؟ - وصل مفاعل (14 تموز) للطاقة الحرجة في العام 1968 وكان العمل فيه تحت اشراف علماء عراقيين بالكامل، وفي وقت سابق من هذا قام العلماء العراقيون بتأسيس مركز للبحوث النووية في العام 1964، في نفس مقر مركز التدريب البريطاني الذي اسس ابان ما كانت العراق تحت لواء حلف بغداد، وتم نقل هذا المركز في العام 1968 الى التويثة حيث مقر المفاعل، كما اسس السوفييت هناك مركزا للنظائر المشعة المستخدمة في البحوث الطبية، أما بخصوص القنبلة النووية فالاتحاد السوفييتي له مصالح استراتيجية في العالم لم يسهم في نشر الاسلحة النووية ولم يقدم هذا السلاح لا للعراق ولا الى غيره من الدول. ٭ بالنسبة للحكومة العراقية أم لم يكن لها مخطط استراتيجي عسكري لامتلاك السلاح النووي في تلك الفترة من ستينات القرن الماضي؟ - لم يكن هناك حينها في فترة الستينات والسبعينات اي برنامج استراتيجي من الدولة لتوجيه او استغلال البحوث من اجل تطوير برامج نووية عسكرية في العراق، وكانت المجهودات جميعها اكاديمية وبغرض البحث العلمي، ومفاعل ( 14 تموز ) كان لغرض البحوث العلمية بالكامل واستخدم البحث العلمي الصرف في الفيزياء والكيمياء والتحليل النيوتروني وانتاج النظائر المشعة لتزويد مستشفيات وزارة الصحة بها بدلا من استيرادها من بريطانيا، كما ان العراق كان حينها يزود الدول العربية المجاورة له بهذه النظائر. بين فكي إسرائيل وإيران ٭ هل تأثر البرنامج النووي العراقي بالانقلابات المتكررة التي شهدها العراق الى حين استتباب الحكم بأيدي البعثيين، وهل جرت تحولات على أهداف وطبيعة البرنامج النووي العراقي بعد استيلاء الرئيس السابق صدام حسين على الحكم في العراق؟ - استمرت اعمال البحث العلمي حتى في ظل التحولات السياسية المتسارعة في العراق والمنطقة في الستينات، حيث اطيح بعبد الكريم قاسم ومن ثم قتل عبد السلام عارف وابعد عبد الرحمن عارف الى تركيا بعيد ثورة 17 تموز ( يوليو) 1968 وبعدها اطيح بعبد الرزاق النايف واستولى احمد حسن البكر وصدام حسين على السلطة في العراق في 30 يوليو من نفس العام، وبحلول العام 1974 كان قد صعد نجم صدام حسين ورغم انه كان يشغل منصب نائب رئيس مجلس قيادة الثورة الا انه كان الحاكم الفعلي للعراق، ولقد وجد حينها صدام حسين ان بلاده تقع بين فكي كماشة ايران الشاه واسرائيل اذ كانت الاولى قد انشأت لجنة الطاقة الذرية ورئيسها كان بدرجة نائب رئيس وزراء وكان لدى الشاه محمد رضا بهلوي خطة طموحة لرفع طاقة الانتاج الكهربائي باستخدام مفاعل نووي بطاقة (20 الف ميجا واط كهربائي )وذلك بحلول العام 2000، اضافة الى انشاء مفاعلي (بوشهر1 ، 2) بقدرة 1200 ميجا واط اللذين كانت تشرف على بنائهما حينها شركة KWU الالمانية، ومفاعلين آخرين بقدرة 900 ميجا واط تنشئهما شركة «فرام أتوم» الفرنسية. أما من ناحية الغرب فكانت اسرائيل والتي بدأت بإنشاء مفاعل ديمونا سرا منذ العام 1952 بالتعاون مع فرنسا واصبح هذا المفاعل جاهزا للانتاج في العام 1961 ما يعني ان اسرائيل سبقت دول الشرق الاوسط في امتلاك الذرة واصبحت قوة اقليمية لها افضلية الردع النووي ما يشكل خللاً استراتيجياً في موازين القوى في المنطقة، ولقد زود مفاعل ديمونا بالوقود النووي من دول اوروبية عدة، وصمم المفاعل ليستخدم اليورانيوم الطبيعي وهو مهدأ بالجرافيت ومبرد بالماء الثقيل ويصلح لانتاج البلوتونيوم المستخدم لانتاج القنابل النووية، ومفاعل ديمونا يستخدم لانتاج البلوتونيوم وليس اي شيء آخر، وكان في الستينات والسبيعات يعمل بطاقة( 20 ميجا واط حراري)، ولا شك انه في الوقت الراهن تطور بشكل كبير وفق بعض التقارير الغربية التي تقول ان اسرائيل تمتلك قرابة 220 رأساً نووياً بمعنى ان قدرة المفاعل النووي لديها ارتفعت لغاية( 150 ميجا واط حراري)، رغم ان تقارير اخرى كان قد كشفت ان المفاعل متهالك وغير آمن في الوقت الراهن!، كما ان الفرنسيين زودوا اسرائيل في ذلك الوقت من الستينات بمعالجات للوقود لفصل البلوتونيوم من اليورانيوم المخصب، وكان ينتج ديمونا وقتها 6 كلغ من البلوتونيوم سنويا وهو ما كان يكفي لصنع قنبلة نووية واحدة. ووفق هذه المعطيات وكون ان العام 1974 شهد طفرة النفط في المنطقة واصبح للعراق وفرة مالية كبيرة، قام صدام حسين بتغيير تشكيلة لجنة الطاقة الذرية العراقية واسس لجنة موسعة بديلة لها تضم ممثلين للوزارات وعلماء متفرغين في العمل باللجنة، على ان يكون رئيسها هو نائب مجلس قيادة الثورة والذي هو صدام حسين نفسه، والذي طلب من الاعضاء المتفرغين وضع استراتيجية لتطوير القدرات النووية العراقية، وكلف ثلاثة علماء بهذا الامر، واقترحوا حينها انشاء مختبرات علمية خاضعة للجنة وذلك بالتعاقد مع دول لها باع طويل في هذا الامر، والعمل بذات الوقت على تطوير المزيد من الامكانات البشرية والكوادر الوطنية عبر هذه المختبرات، والتعاقد مع دولة متطورة لانشاء مفاعلات لانتاج الطاقة الكهربائية على المدى البعيد، ولأن اصغر محطة نووية لانتاج الطاقة الكهربائية كانت حينها بقوة 600 ميجا واط ولم يكن في العراق وقتها بنية تحتية قادرة على استيعاب هذه الطاقة، ولذا اتفق على تطوير البنية التحتية العراقية في البداية. ٭ هل يمكن القول اذا ان صدام حسين سعى الى امتلاك السلاح النووي، عبر برنامج سري؟ - العراق من اوائل الدول التي وقعت على اتفاقية حظر انتشار الاسلحة النووية NPT وذلك في العام 1969 وهذا لم يكن يمنع الاستخدام السلمي للطاقة الذرية، ولم يكن لدى القيادة العراقية ولا حتى زمن صدام حسين اي خطة لامتلاك مفاعلات نووية من اجل تصنيع القنابل النووية، وبرامج العراق النووية حتى بداية الثمانينات كانت مكشوفة لدى الوكالة الدولية للطاقة الذرية IAEA، وحتى الوقود النووي المستخدم في مفاعل 14 تموز فكان مخصبا تخصيبا واطئا بنسبة 18٪ ومصنع في قضبان المنيوم من قبل روسيا، ولا يصلح الا للاستخدامات المدنية والابحاث لأن المفاعل نفسه مجهز لهذه الاغراض فقط. لقد أشار العديد من السياسيين الغربيين وكثير من الخبراء بالتلميح والدسيسة، ان الرئيس العراقي السابق صدام حسين قد أمر بإعادة النشاط السري للبرنامج النووي العراقي ليكون خطرا ليس على جيران العراق بل على العالم بأسره، وانشغل مسؤولو الإدارة الأمريكية باختلاق خطورة ذلك ليبرروا شن هجوم وقائي على العراق، وليظهروا للعالم أن العراق دولة مارقة ، فوضعوا سيناريو إمكانية قيام صدام حسين بتزويد الإرهابيين الدوليين بأسلحة الدمار الشامل بما فيها (الأسلحة النووية) ليرهبوا الشعب الأمريكي من خلال ترويجهم أكذوبة ارتباط نظام العراق بمجموعة القاعدة، وهذا غير صحيح، وسرعان ما انجلت الحقيقة فبدأ مسؤولو الحكومات المشاركة في التحالف يشعرون بشيء من الحرج وأقبل بعضهم يتلاومون ومازالوا يتشبثون بعزة الإثم! ٭ لماذ لم يتم تطوير ابحاث عراقية، ولو على الاقل لمعرفة التقنية اللازمة لصناعة القنابل النووية، والتي تكون ضرورية مستقبلا، على الأقل لأن (اسرائيل) كانت وما زالت بالطبع تشكل تهديدا نوويا لدول المنطقة؟ - جرى تعاون بين لجنة الطاقة الذرية العراقية مع منظمة الطاقة الذرية الايطالية في العام 1976 في المجال العلمي بما في ذلك بناء مختبر لاستخلاص البلوتونيوم من قضبان الوقود النووي بمقدار الغرامات وعلى المستوى المخبري فقط وذلك لتدريب العلماء العراقيين على تقنية استخلاص البلوتونيوم من الوقود النووي ليكون للعراق معرفة نظرية وتطبيقية لصناعة القنابل النووية، على الاقل على غرار اسرائيل التي تنتج هذه القنابل فعليا. ٭ هل تطور حجم التعاون العراقي الايطالي النووي والى اي حد وصل؟ - اتفق العراق مع شركات ايطالية بمبلغ 250 مليون دولار لانشاء معمل لانتاج الوقود النووي من اليورانيوم الطبيعي، وتم بجوار هذه المعمل والذي انشئ في التويثة انشاء مختبر لفحص هذا الوقود النووي وسمي بمشروع 30 تموز، وكان هذا هو فقط مجال التعاون بيننا في لجنة الطاقة الذرية العراقية والشركات الايطالية.