أكد ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز، أن المنطقة العربية شهدت في السنوات الأخيرة تحديات أمنية عديدة وخطيرة، تأتي في مقدمتها الأزمات السياسية التي تعصف ببعض الدول، والسعي لامتلاك أسلحة الدمار الشامل، وتدخُّل بعض الدول في شؤون دول مجلس التعاون لدول الخليج، وتنامي ظاهرة الإرهاب، مما جعل أمن دولنا وشعوبنا في خطر، وهذا يفرض علينا مضاعفة الجهود وتنسيق المواقف لتحقيق متطلبات أمن دول المجلس واستقرار المنطقة. وأضاف لدى افتتاحه أمس في قصر المؤتمرات بجدة الاجتماع التشاوري الأول لمجلس الدفاع المشترك لوزراء الدفاع في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، بحضور وزير الدفاع الأمريكي تشاك هيغل، أن التحديات الأمنية، سواء كان مصدرها أزمات داخلية أو تطلعات غير مشروعة لبعض دول المنطقة، لها تداعيات ليس على دول المجلس فحسب، وإنما على الأمن والسلام الإقليمي والعالمي، مما يجعل مسؤولية أمن الخليج ودوله مسؤولية مشتركة بين دول المجلس والمجتمع الدولي، ونخص بالذكر الولاياتالمتحدةالأمريكية، نظراً للترابط الاقتصادي والأمني بينها وبين دول المجلس، والتزام الولاياتالمتحدةالأمريكية الدائم بتحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة. وقال: «نجتمع اليوم في ظروف بالغة الأهمية وتهديدات متنامية لأمن واستقرار المنطقة، مما يحتم علينا التواصل وتبادل وجهات النظر مع الأصدقاء، وذلك بغية تنسيق المواقف والسياسات والخطط الدفاعية لدولنا تجاه كل مستجد أو طارئ وفق منظورنا الخليجي المشترك. ونسعد اليوم بمشاركة وزير الدفاع الأمريكي تشاك هيغل الذي تربط دولنا بحكومة بلاده علاقات تاريخية واستراتيجية أسهمت في تعزيز أمن الخليج واستقرار المنطقة، ونأمل أن يستمر هذا التعاون لما فيه مصالح مشتركة». ولفت ولي العهد إلى أن ما يحدث في منطقتنا من معاناة قاسية للشعوب، وهدم لمؤسسات الدول وتدمير لكياناتها، ستكون له تداعيات على المنطقة والمجتمع الدولي، وما ظاهرة الإرهاب إلا واحد من هذه التداعيات، لذا فإن التردد والحذر في التعامل مع الأزمات الإقليمية من شأنه أن يزيد من معاناة الشعوب ومن تدمير الدول، وإن المواقف الشجاعة هي دائماً التي تحدد مسار التاريخ وتنقذ الأمم. وأكد أن التطورات الأمنية الجديدة في منطقتنا تتطلب صياغة سياسات ومواقف مشتركة تستجيب للتحديات الأمنية في مختلف أنواعها، يأتي في مقدمة ذلك الرقي بمستوى التنسيق والتعاون بين قطاعات الدفاع في دول المجلس وفي الدول الصديقة التي يهمها أمن الخليج واستقراره، ويأتي في مقدمة هذه الدول أمريكا، التي يأمل أن تأخذ في حساب معادلاتها الأمنية والسياسية التهديدات المتنامية لأمن الخليج ودوله، بما في ذلك مساعي بعض دول المنطقة لتغيير توازن القوى الإقليمي لصالحها، وعلى حساب دول المنطقة. ونقل الأمير سلمان بن عبدالعزيز في ختام كلمته تحيات وتمنيات خادم الحرمين الشريفين بأن يثمر هذا الاجتماع عن أطر تعاون مستقبلي تتناسب مع المتغيرات والتحديات التي تمر بها المنطقة. من جانبه، أكد الوزير الأمريكي أن التحديات الأمنية التي تواجه المنطقة تحتاج لاستجابة جماعية لمنع أي تعدٍّ أو عدوان إرهابي وتحقيق الاستقرار الدائم. مشيراً إلى تطور التعاون المشترك بين بلاده ودول المنطقة، وقال إنهم ملتزمون بقوة بالتعاون المشترك في مجال الدفاع مع دول الخليج. وفيما يتعلق بالبرنامج النووي الإيراني، أكد أن المفاوضات لا تعني تحت أي ظرف من الظروف مبادلة الأمن الإقليمي بالتفاوض حول البرنامج. وقال إن التزامهم بأمن واستقرار الخليج لا يتزعزع. وأن بلاده ستظل دوماً تعمل على التأكد من عدم امتلاك إيران السلاح النووي والتزامها بأي اتفاقيات مستقبلية بخصوص ذلك. أما الأمين العام للمجلس الدكتور عبداللطيف الزياني، فأشار إلى أن مشاركة الوزير الأمريكي في الاجتماع تؤكد اهتمام بلاده بتعزيز علاقاتها مع دول المجلس، وبالأخص في المجال العسكري، في ظل المخاطر والتحديات التي تواجه المنطقة. وقال إن الاجتماع ينعقد في إطار منتدى الحوار الخليجي – الأمريكي ويعبر عن الرغبة المشتركة في تعزيز علاقات الصداقة والتعاون التي جمعت، على مدى عقود، بين الطرفين. وقال إن قادة دول المجلس أبدوا حرصهم واهتمامهم بالجانب الدفاعي لمسيرة مجلس التعاون، وكانت توجيهاتهم السديدة داعية إلى تطوير العمل العسكري المشترك في مختلف المجالات والارتقاء به إلى المستوى الذي يعزز بناء منظومة دفاعية قادرة على الدفاع عنها وحماية المصالح العالمية في المنطقة. وأضاف أن العمل العسكري المشترك بين دول المجلس حقق خطوات مهمة تجسد حرصها وسعيها لتحقيق التكامل الشامل، وفي الإطار نفسه عززت دول المجلس علاقاتها عبر إقرار التشريعات القانونية كاتفاقية الدفاع المشترك واتفاقية مكافحة الإرهاب والاتفاقية الأمنية. ولفت إلى دور المجلس في تجنيب اليمن الدخول في حرب أهلية، حيث مثلت المبادرة الخليجية حلاً سياسياً فعالاً لانتقال سلمي للسلطة، وبدء مشروع إصلاحي سياسي واقتصادي شامل حظي بمساندة ودعم من المجتمع الدولي ومجلس الأمن. مشيراً إلى أن اليمن مازال في حاجة ماسة إلى المساندة إقليمياً ودولياً، فهو يواجه تحديات أمنية معقدة ممثلة في تنامي أنشطة تنظيم القاعدة ومجاميع الإرهاب والتطرف والتدخلات الخارجية في شؤونه الداخلية. وعدَّ الزياني الأوضاع المأساوية في سوريا مصدر تهديد لأمن المنطقة واستقرارها، مشيراً إلى أن إنقاذ الشعب السوري من محنته، في الداخل والخارج، بات مسؤولية أخلاقية وإنسانية دولية يتحملها المجتمع الدولي، حيث يتمادى النظام في قتل الشعب السوري واستخدام الأسلحة الفتاكة منتهكاً كل القوانين والمواثيق الدولية. وبيَّن أن البرنامج النووي الإيراني يمثل أحد أهم التحديات التي تواجه دول مجلس التعاون والمنطقة عموماً، ويثير قلقاً كبيراً. وقال إن دول المجلس رحَّبت بالاتفاق المرحلي الذي تم التوصل إليه بين مجموعة 5 1 وإيران في 24 نوفمبر 2013م، باعتباره خطوة مهمة لوضع حد للتوجه الإيراني نحو الاستخدام العسكري للطاقة النووية، ولذلك فإن من المهم أن تكون القيادة الإيرانية جادة في الوفاء بالتزاماتها الدولية بهذا الخصوص، بما يعزز ثقة المجتمع الدولي ويبدد القلق بشأن برنامجها النووي. من جانبه، أكد نائب رئيس مجلس الوزراء الكويتي الفريق الركن الشيخ خالد الجراح الصباح، أن الاجتماع سيكون مُركزاً حول الوضع الأمني للمنطقة ولدول مجلس التعاون. بعد ذلك أعلن عن بدء الجلسة المغلقة، تلتها استراحة قصيرة، ثم عقد الوزراء جلستهم الختامية التي جرى خلالها مناقشة الجوانب التي تعزز الثقة والشراكة بين دول المجلس وأمريكا لتحقيق الأمن والاستقرار في منطقة الخليج العربي. وأوضح الأمين العام أن الاجتماع كان اجتماعاً مثمراً بين الأصدقاء وبنَّاءً، وتم التأكيد من خلاله على الرغبة المتبادلة بين الجانبين في تعزيز علاقات التعاون والشراكة الاستراتيجية بينهما، والتأكيد على ما قاله الوزير الأمريكي بأن هذه الشراكة تعزز اللقاءات والعلاقات الثنائية بين الطرفين. وبيَّن أن الجانبين بحثا الشؤون العسكرية المهمة التي من شأنها أن ترسخ التعاون الدفاعي بين الجانبين وتحقيق الأهداف المشتركة بين الجانبين، وتحقيق الأمن والاستقرار في هذه المنطقة الحيوية، بالإضافة إلى القضايا ذات الاهتمام المشترك والتحديات والتهديدات التي تواجه المنطقة. وأشار إلى قلق المجتمعين من التداعيات السلبية لمستجدات الأحداث على أمن المنطقة، مؤكدين على تنسيق جهودهم لحفظ أمنها. بعد ذلك شرف ولي العهد والوزراء المشاركون في الاجتماع حفل الغداء الذي أقيم تكريماً لهم بحضور نائب وزير الدفاع الأمير سلمان بن سلطان بن عبدالعزيز، ووزير الدولة عضو مجلس الوزراء رئيس ديوان ولي العهد والمستشار الخاص لسموه الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، وأعضاء الوفود المشاركة في الاجتماع. وعقب حفل الغداء ودَّع ولي العهد وزراء الدفاع المشاركين في الاجتماع وهيغل، متمنياً لهم عوداً حميداً إلى دولهم. وكان الأمير سلمان بن عبدالعزيز استقبل، قبيل الاجتماع، المشاركين في الاجتماع التشاوري، وهم نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الكويتي الفريق الركن الشيخ خالد الجراح الصباح، ووزير الدولة لشؤون الدفاع في البحرين الفريق طبيب الشيخ محمد بن عبدالله آل خليفة، والوزير المسؤول عن شؤون الدفاع في سلطنة عمان بدر البوسعيدي، ووزير الدولة لشؤون الدفاع القطري اللواء الركن حمد بن علي العطية، ووكيل وزارة الدفاع الإماراتي محمد البواردي، ووزير الدفاع الأمريكي تشاك هيغل. إقرأ أيضا: