على مدى سنوات طويلة ترأس القاص محمد علي علوان إدارة المطبوعات في الوزارة، خلالها استطاع أن يغيّر المزاج العام حيال سياسة منع الكتب، فقد فتح الأبواب على مصراعيها ناحية النص الجديد عربياً وعالمياً، ولم يوقفه أحدٌ في مساحاته الكونية الشاسعة التي كانت سقوفها السماء. ولكن، تقاعد علوان وتقاعدت سنواته الذهبية معه. الآن، لو عصرنا ليمونة على رؤوسنا، وتناسينا المشهد الكوميدي الذي يستجلبه منع «الكتاب» في عصر الإنترنت، وحاولنا -افتراضاً- التماهي مع موقف الوزارة المتمثّل في ضرورة المراقبة على المطبوعات، وذلك -حسب رأيها- صوناً لخصوصية ثقافتنا السعودية، فإننا أيضاً لن نراوح ذات المأزق الغريب العجيب الذي سنقع فيه في ظل غياب الشفافية حيال منع الكتب، حيث تغيب القوانين الصارمة، وتحضر قبالتها العناوين الزئبقية الكبيرة التي تندرج تحت مسمّى التابو الثلاثي «الدين والسياسة والجنس». فتحت هذا التابو/ الوهم من الممكن دفع مئات الكتب للفسح أو للمنع دون النظر حتى في محتوى صفحاتها الأولى، ولعلّ هذا الأمر هو ما جعل الرقيب -على سبيل المثال- يفسح كتاباً يحمل عنوان «الحجاب» في حين أنه يتكلّم عنه كحالة عبودية مازوخية، لا كالتزام شرعي! أمور كثيرة ستحصل حينما تغيب القوانين! هذه المفارقة لا تقف عند غياب القانون الواضح فحسب، بل تتعدّاه لمزاجية الرقيب المتفاوتة من منطقة لمنطقة أخرى، فالرقيب في الرياض يختلف عنه في الشرقيةوجدة! وكلٌ منهم له مزاجه الثقافي الخاص به. الأمر الذي يدفع المؤلفين ودور النشر للبحث عن الرقيب المناسب للكتاب المناسب في المنطقة المناسبة، فما لا يُجاز في جدة قد يُجاز في الرياض، وما يُجاز في الشرقية قد لا يجاز في جدة، والعكس صحيح. أليس الأمر مربكاً؟!