أوضح الأديب حمد الراشد، أن الحداثة الأدبية العربية انطلقت من حركة الشعر الحر، التي خرجت عن الأسلوب القديم، متخذة منحى جديداً في الشكل والمضمون، لافتاً إلى أن رواد هذه الحركة كان لهم فضل البدء في منحها زخماً كبيراً مثل نازك الملائكة وبدر شاكر السياب. وقال الراشد في ورقة بعنوان «إشكالات وقراءات في الأدب الفلسفي» قدمها مساء الثلاثاء الماضي في الملتقى الثقافي في النادي الأدبي بالرياض، الذي يشرف عليه الناقد الدكتور سعد البازعي: إن صلاح عبدالصبور يعد أهم رواد تلك الحركة، ومن أبرز أعلام الحداثة الأدبية، التي فتحت آفاقاً ثقافية وفكرية جديدة، والانعتاق من أساليب تقليدية، وقدمت إضافات متجددة لمسارات الأدب بكل أنواعه، حيث أصبحت رافداً لاتصال الفن بالفكر وبالأفكار الفلسفية. وبيَّن أن الأدب والفلسفة يستندان على اللغة كوسيلة وغاية، كما يشترك كل منهما في مدى صلتهما بالإنسان، وإن كانت تلك الصلة أشد وضوحاً في المنجز الأدبي بأنواعه كما هي واضحة في مواضيع فلسفية تتصل بقضايا الإنسان النفسية والمعرفية والجمالية والأخلاقية. وقال الراشد في ورقته: في مطلع القرن العشرين أضاء نجم جبران خليل من لبنان وامتد نوره إلى بلاد المهجر «أمريكا» بأفق يحمل رسالة التنوير بكل أبعادها، يخاطب الإنسان أن يتحرر من أغلاله بأسلوب أخَّاذ يجمع بين تطلعات الإنسان المختلفة، مضيفاً إن كل فنه وكتاباته الإبداعية هدفها حرية الإنسان، وإن أدبه وفكره لا يزالان نبعاً يشرب منه القارئ ولا يرتوي. وتحدث عن أبي العلاء المعري، موضحاً أنه يتميز من بين شعراء العرب بتفكُّر وحكمة تحفل بنظرات وأفكار فلسفية عن الحياة والموت وظواهر كونية، وأيضاً عن نقد للتراث وللديانات وللمجتمعات. وقال إن المعري يمثل معالم الأدب الفلسفي، فعمله أدبي فني لكنه يتجه إلى عتبات التفلسف والتفكير الفلسفي، وبذلك يجمع بين أسلوب وتصوير وبلاغة مع أفكار تتسم بطابع فلسفي، وإن لم تكن تتركز حول قضايا كاملة بمثل ما نجده في الأبحاث الفلسفية. واختتم الراشد ورقته بقوله إن الفن والتلقائية والسرد والتوصيف والعاطفة والخيال هي سمات تميز أي عمل أدبي، في مقابل ذلك نجد المنطق والمنهج والتحليل والعقل والجدل سمات تميز أي عمل فلسفي.