قلت له ماذا تفعل يا أباعلي؟ كان منكباً على إخفاء أرقام اللوحة. ألصق خلال لحظات بال «شرططون» الأسود قسماً من اللوحة الخلفية والأمامية فإذا قرأها نظام ساهر داخ واضطرب ولم يعرف عن اللوحة شيئاً. بعد أن عرفني بنفسه أنه أبو علي تابع: في هذا الشهر دفعت غرامات 5400 ريال؟ فزعت أنا ولماذا؟ أكلها مخالفات؟ قال أحياناً يسهى أحدنا. أحياناً يسوق بسرعة 125 كم أو 135 كم / ساعة يبرق الصندوق بعينه الساهرة فيلدغنا ب 500 ريال. إنه مبلغ موجع؟ في هذه الأثناء اندفع شاب أمامي في البقالية وكأنه ينوي شيئاً. سأل صاحب المحل اليمني: شرططون رجاء. أحضر له نوعاً بلون رصاصي. كانت المرة الأولى لي وأنا أرى لصوص نظام ساهر ماذا يفعلون. قبع تحت اللوحة ثم أخفى رقماً وحرفاً، ذلك أن لوحات السعودية أصبحت مثل النظام الألماني بأرقام وحروف. هذه الحروف توحي لي أحياناً وأنا أتأملها سحر اللغة. قلت لزوجتي تأملي هذه الكلمة من لوحة السيارة التي أمامنا؟ ثلاث حروف مقطعة: س ح ر. سألتها كم معنى يمكن أن تولدي من هذه الأحرف الثلاث؟ وقفت قليلاً ثم قالت ربما سحر ورحس وسرح وحسر وحرس ورسح، لكن يبدو لي أنه تولدت أربعة معان هي (سرح سحر حسر حرس) أما رحس ورسح فلا علم لي بها؟ قلت لها لعله لو رجعنا إلى قواميس اللغة قد يكون لها معنى ولكن غابت عن الاستعمال الشائع؛ فاللغة كنز عميق بعض كنوزه تأخذ المعنى بالاستعمال وما غاب ضمر وبهت ومات. هنا أتذكر الوردي وفكرته في تطوير اللغة فهي كائن مثل كل الكائنات يكبر وينمو أو يضمر ويموت وهناك لغات ماتت وأخرى أحييت ولعل خلود اللغة العربية أو هكذا أزعم سببه ارتباطها بالسبع المثاني والقرآن العظيم. هنا أدركت أيضاً مغزى عميقاً عن بدايات السور بحروف. إنها مفاتيح اللغة أليس كذلك؟ طلبت من زوجتي الترجل من السيارة وتأمل لوحة جديدة غطاها صاحبها بالوحل؟ قلت إنها فكرة ذكية فلو أوقفه الشرطي قال هي من الوحل والطين الذي ضرب لوحات السيارة. سألت أبا علي وماذا تفعل لو انتبهت الشرطة لما تفعل؟ قال أنا ذاهب إلى الشرقية وقبل مدخل الرياض نزعت اللاصق فإذا استويت على مقعدي في طريق الدمام السريع أخفيت اللوحة من جديد. وساهر جهاز أعمى أصم. عفواً من التعبير. هنا تذكرت آلية تحدث في الطبيعة بين مضادات الأجسام ومحرضاتها ( Antibody – Antigen) كذلك الحال في فيروسات الكمبيوتر. على نظام ساهر أن يطور نفسه وإلا أصبح من الماضي.