من مبدأ المعاملة بالمثل، قرر قائدو مركبات سعوديون التعامل مع كاميرات «ساهر» المتحركة والثابتة، بعد أن أرهقتهم عدساتها وفلاشاتها، وكبّدتهم خسائر مادية فادحة، وسط اعتراضات على سياسة «الكاميرات المتحركة» أو «الكاميرات المخفية». من هنا بدأ قائدو بعض المركبات بالتحايل على النظام المروري الذي لا يزال يثير الجدل، من نواحٍ عدة، من أبرزها «مضاعفة» قيمة المخالفة في حال تأخر السداد، وهو ما أثار لغطاً كبيراً، خرج بعده المفتي العام للمملكة الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ ليعلن حرمة مضاعفة قيمة المخالفات، واعتبار مثل هذا التصرف ربا. لكن ماذا فعل المتحايلون؟ بعضهم حتى يتخلص من المخالفات المرورية ويقود سيارته كما يريد، عمل على تشويه لوحة المركبة، ومنهم من طمس الأرقام، ومنهم من وضع لاصقاً على بعض الحروف، ومنهم من وضع عواكس تُعيق رصد الكاميرا للوحات المركبات، في حين آثر آخرون إنهاء الأمر من أسه بفك اللوحة الأمامية للسيارة. لكن هناك مَن أراد أن يتعامل مع الأمر باحترافية، وبسلاح التقنية ذاته، فقام بتركيب لوحة إلكترونية خلف لوحة سيارته تعمل بنظام آلي يتحكم به داخل سيارته، فيقرر تغطية اللوحة في حال السرعة بضغطة زر. أحد من طمس لوحة سيارته (فضّل عدم ذكر اسمه) يقول ل«الحياة»: «طفح الكيل من نظام ساهر.. لن أتوقف عن إخفاء لوحة سيارتي حتى يتوقف ساهر عن التخفي وعكس السير والوقوف على الرصيف»، متسائلاً: «لماذا لا نستفيد من الأنظمة الحديثة وبخاصة ما يُطبق منها في الدول المجاورة مثل الإمارات، فنظام المراقبة لديهم متطور جداً، ولم يكلف ما كلفه النظام المطبّق لدينا، كما أنه واضح للجميع وليس خفياً، فلماذا تخبأ الكاميرات، أهي نوع من الحيلة؟ إذا كان كذلك فمن حقنا أن نحتال». وأضاف: «في السابق، وقبل أن أخفي لوحة سيارتي كنت شهرياً أدفع من راتبي ما معدله 1800 ريال على نظام ساهر، أما الآن بعد أن أخفيتها بطريقة احترافية لم أحصل على أية مخالفة مرورية منذ أربعة أشهر». «سأطمس لوحتي، ولن أحصل على أية مخالفة رغماً عن أنف ساهر». بأسلوب محتد بدأ سالم السهلي حديثه عن المخالفات المرورية ونظام ساهر، إذ يقول ل«الحياة»: «لماذا يتم مضاعفة المخالفات المرورية، ولماذا لا يعمل بفتوى المفتي العام بتحريم مضاعفة مخالفات ساهر، من باب أنها ربا». ولا يعتبر السهلي المشكلة في نظام ساهر، بل بطريقة تطبيقه، «ساهر نظام جيد لكن تم تطبيقه بفشل وطمع، ما شجّع المواطنين على العبث بلوحات السيارات، وأصبح الجميع يتفنن في التحدي ومخالفة نظام المرور، لأن المخالفات المرورية أرهقتنا واستنزفت رواتبنا». ويتابع: «شقيقي فعل مثل ما فعلت ولكن تم اكتشاف أمره، ولا تزال سيارته في الحجز بسبب طمس اللوحة وعليه 16 ألف ريال مخالفات مرورية، كلها تجاوزات بسيطة عن السرعة المحددة». وكان «الأمن العام»، حذّر قائدي السيارات ومالكيها من وضع ملصقات أو طمس بعض أرقام وحروف لوحات سياراتهم أو نزعها، وأن الأجهزة الأمنية والمرورية «تتابع وترصد» قيام بعض قائدي المركبات أو مالكيها بذلك بقصد تلافي الرصد الميداني والآلي للمخالفات المرورية، واعتبرت مثل هذه التصرفات «مخالفة صريحة لنصوص نظام المرور ولائحته التنفيذية». وأكد وجوب المحافظة على لوحة المركبة وتثبيتها جيداً والمحافظة على نظافتها وأن تكون واضحة المعالم، وحذّر من وضع أية إضافات أو ملصقات على اللوحات أو تغيير لونها ومنع طمس المعالم الخاصة بتعريف المركبة. وحدد نظام المرور عقوبة من يرتكب هذه المخالفات بالغرامة المالية أو بحجز المركبة مع الغرامة، مع احتمال تغليظ العقوبة بعد إحالة المخالفين لهيئات الفصل في المخالفات المرورية. وجدد «الأمن العام» تحذيره في بيان صدر في وقت سابق لقائدي المركبات وملّاكها كافة، من ارتكاب هذه المخالفات حتى لا يتعرّضون لغرامة مالية وتتعرض مركباتهم للحجز. يذكر أن التحذير يأتي بعد تزايد هذه المخالفات في شكل لافت، إذ يعمد كثير من قائدي السيارات، خصوصاً فئة الشباب، إلى إخفاء لوحات سياراتهم أو نزعها لمواجهة رصد كاميرات «ساهر» على الطرق السريعة. خلاف فقهي حول النظام ... خفّض معدلات الحوادث المرورية ما هو «ساهر»؟ ... و في انتظار موت!