تثير زيارة رئيس وزراء الحكومة الفلسطينية في غزة إسماعيل هنية لإيران الكثير من التساؤلات داخل حركة حماس حول هدف إيران من دعوة هنية في هذه المرحلة الحرجة التي تمر بها منطقة الشرق الأوسط بكاملها ، وخاصة مع التغيرات الكبيرة في سياسة حركة حماس تجاه دول المنطقة والتي دشنها رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل برفضه التعاون مع محور الممانعة والنظام السوري في قمع الثورة السورية ، وتقربه من دول الاعتدال العربي ، وإصراره على تحقيق المصالحة مع حركة فتح رغم استمرار الرئيس عباس في التفاوض مع إسرائيل . وعلمت “الشرق” من مصادر مختلفة داخل حركة حماس أن شخصيات في مستويات مختلفة داخل الحركة دعت هنية للعدول عن قبوله لدعوة الرئيس الإيراني أحمدي نجاد بزيارة إيران ، معتبرين أن هذه الزيارة ستستخدم في إطار الدعاية الإيرانية التي تساند النظام السوري على اعتباره داعم للمقاومة الفلسطينية ، وأن ضغوطا ستمارس على هنية خلال الزيارة لتغيير موقف حماس من الثورة السورية ، وقد خرجت هذه الدعوات إلى العلن عبر مقالات نشرها عدد من الكتاب المقربين جدا من حركة حماس دعت هنية للاستجابة لنداءات عدم الذهاب إلى إيران ، وهو ما لم يلتفت له هنية. وفي الوقت الذي يقلل فيه المتحدثون الرسميون في حركة حماس من هذا الجدل الدائر حول جدوى التقرب من إيران في هذا التوقيت الحساس، يؤكد المنتقدون للزيارة أنها ستنسف ما حققه هنية من إنجازات خلال جولته الأخيرة، والتي ظهر فيها كأحد المؤيدين والمتبنين للثورات العربية وبخاصة في تونس ومصر. وقال مصدر رفيع المستوى في مكتب هنية ل”الشرق” أن حكومة حماس تتمنى أن تستغني بشكل كامل عن الدعم الإيراني، ووجدت بالفعل في تركيا وبعض الدول العربية الأخرى بديلا عنه، لكنها في الوقت ذاته لا تريد أن تقطع شعرة معاوية التي تحاول الحفاظ عليها في علاقتها مع إيران وسوريا تحسبا لأي تغيرات غير متوقعه في الساحة السياسية بالمنطقة التي تتقلب بشكل مستمر. ويؤكد رئيس تحرير صحيفة الرسالة المقربة من حركة حماس، وسام عفيفة، ل “الشرق” أن هناك بعض الأطراف في حماس ترى أنه لابد من وضع الثقل نحو التيار الجديد الذي تقوده شعوب المنطقة، وتخفيض الاعتماد على الأنظمة السياسية التي لا تدعم الثورات، لكن لازال من المبكر على حماس أن تعيد ترتيب علاقاتها مع أطراف لازالت تعلن بشكل واضح أنها تدعم القضية الفلسطينية والحركة وتناصر غزة بفك الحصار، وليس سرا أن إيران وفرت دعما وتمويلا طوال الفترة الماضية لحكومة حماس. وأضاف “حماس لازالت توازن بين علاقتها مع كل الأطراف، وليس واردا في المرحلة الحالية أن تحرق أوراقا مع أطراف أو دول مثل إيران، ومثال على ذلك أنه وبالرغم من الوضع الصعب في سوريا إلا أن الحركة تحاول أن تحافظ على مسافة من النظام السوري على الرغم من رفضها مساعدته بشكل مباشر، وبالتالي هي مستعدة لأن تفتح خطوط اتصال مع كل الدول التي تناصر القضية الفلسطينية وتدعم الحركة”. وأضاف عفيفة “إننا أمام حالة جديدة في المنطقة، تتغير فيها الخارطة السياسية القديمة، فقد انتهى محور المعتدلين بقيادة النظام المصري السابق، كما أن محور الممانعة الذي تقوده سوريا بدعم من إيران على وشك التفكك مع انهيار النظام السوري، وهناك محور جديد يتشكل في الدول العربية التي سيطر الإسلاميين على الانتخابات فيها”. وحول ما إذا كانت زيارة هنية تحمل تطمينات لإيران بأنها لن تتخلى عن تحالفها معها بيّن عفيفة أن حماس لديها موقف واضح فيما يتعلق بالهجمة التي تتعرض لها إيران من العالم الغربي وترفض أية هجمة من الغرب ولها موقف مساند لمجابهة أي عدوان خارجي خاصة من قبل إسرائيل، وأضاف أن حماس ليست دولة تستطيع أن تتخلى أو لا تتخلى، فهي حركة تحرر وطني لا تعطي ضمانات لدول، حماس سوف تطالب إيران بألا تتخلى عن الحركة ودعمها وتمويلها نتيجة مواقفها من سوريا، وهي ليست بصدد الدخول في أزمة المحاور في المنطقة، ويفترض أن توجه كل الجهود لمواجهة العدو الإسرائيلي.