كشف مصدر رفيع المستوى في حركة حماس ل”الشرق” أن زيارة إسماعيل هنية رئيس الحكومة الفلسطينية في غزة إلى تركيا، فتحت المجال واسعاً أمام استغناء الحركة عن الدعم المالي الإيراني، بعد تقديم تركيا وعوداً لتنفيذ مشروع متكامل لدعم قطاع غزة وإعادة إعماره من جديد، والتعاون مع حكومة غزة بشكل مباشر في هذا الإطار. وأضاف المصدر، الذي فضل عدم ذكر اسمه، أن الأسابيع المقبلة ستشهد افتتاح حماس لمكتب رسمي لها في تركيا، مؤكداً أن هناك أرضية كبيرة للتعاون مع تركيا، وأن هذه الأرضية ستشكل البديل الذي ظلت تسعى الحركة للوصول إليه للتخلص من الضغط الذي يمارس عليها من إيران، لتكون ضمن محورها في مقابل المساعدات المالية التي تحصل عليها. من جهته، عَدّ رئيس تحرير صحيفة الرسالة وسام عفيفة المقربة من حركة حماس، أنه إذا خضعت علاقة حماس مع تركيا وإيران للمفاضلة، فإن هناك إرثاً تاريخياً وحضارياً ودينياً يربط تركيا بالمنطقة العربية كلها، وحماس باعتبارها طرفاً فلسطينياً، فهي جزء من المنطقة العربية، ومن جانب آخر فإن حماس ربما استفادت بشكل أساسي من دعم إيراني مالي وعسكري، لكنها لم تستطع أن تحصل من إيران على دعم سياسي، وهذا ما تحصل عليه الآن من تركيا، بحكم موقعها ودورها الدولي والإقليمي، فهي عضو في حلف الأطلسي وتربطها علاقات مميزة مع الولاياتالمتحدة والغرب، ومن مصلحة الحركة أن تستفيد من كل الأطراف في المنطقة. وأضاف عفيفة بأن تركيا توفر لحماس قناة اتصال مع كثير من الأطراف الغربية، مشيراً إلى الدور التركي بالوساطة بين حماس وإسرائيل بشأن صفقة تبادل الأسرى، مرجحاً أن تكون تركيا وسيطاً بينها وبين الدول الغربية لمحاولة رفع الحرج من فتح قنوات اتصال مع حماس. ولم يستبعد عفيفة من أن تلعب تركيا أيضاً دور الوسيط بين حماس وإسرائيل، وقال: “حاولت تركيا أن تلعب هذا الدور في السابق، عندما كانت علاقاتها جيدة بإسرائيل، لكنها واجهت حائط صد من قبل النظام المصري السابق الذي أراد أن يكون هو اللاعب الوحيد”. ويرى أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأزهر بغزة، د. ناجي شراب أنه من الممكن أن تكون تركيا بديلاً لحماس عن إيران، كما يمكن أن تكون الدول العربية أيضاً بديلاً لهذا الدور، لكن كما يقول شراب فإن المسألة ليست بأن تكون بديلاً أو غير بديل، فهي تكمن في سياسات وأولويات معينة. ويضيف شراب “في وقت من الأوقات في ظل الحصار والانقسامات السياسية العربية وسياسة المحاور العربية وبحكم وجود حماس في سورية، وتأثير الدور السوري على سياسة الحركة، وبحكم انتهاج خيار المقاومة، تركزت العلاقة على المحور الثلاثي حماس وإيران وحزب الله، لكن الآن بعد التحولات العربية وتراجع الدور السوري وتزايد الدور التركي تجاه حماس، والاستقبال الشعبي والرسمي الذي لقيه رئيس الوزراء في غزة إسماعيل هنية، أصبحت حماس في مرحلة إعادة تقييم سياساتها، في ضوء المعطيات الجديدة، فمصر لها الآن دور جديد أكثر مصداقية وقبولاً وتأثيراً، وهذا سيؤثر بالتوجهات السياسية لحماس وبعلاقاتها بإيران بصورة أو بأخرى”. وأكد شراب أنه إذا كان ما تريده إيران من حماس يتعارض ويتنافى مع المعطيات السياسية الجديدة، فإن ذلك سيؤثر على العلاقات بينهما، مشيراً إلى أنه يمكن لتركيا أن تعلب دور الوسيط بين حماس وإسرائيل في مناقشة قضايا معينة في العلاقة بينهما.