يُكرّس الكاتب السينمائي خالد ربيع السيد، الجزء الثاني من كتابه «الفانوس السحري»، لتقديم «قراءات في أفلام خليجية»، وهو يشكل استمراراً لمشروعه النقدي السينمائي الذي بدأه في عام 2008م، حين أصدر الجزء الأول من كتابه «الفانوس السحري.. قراءات في السينما»، لكنه يعود في هذا الإصدار ليكون أكثر قرباً من المحيط الخليجي في كتابه الذي صدر عن دار جداول للنشر في بيروت. غير أن الاهتمام الحقيقي الذي تشكَّل لدى ربيع عن الأفلام الخليجية بدأ بعدما شاهد عام 2009م مجموعة من التجارب في مهرجان الخليج السينمائي في دبي، فعزَّز ذلك لديه الالتفات إليها، وكان وقتها مازال ينظر إليها بغير عين الاعتبار.. يقول في مقدمة الكتاب «في عام 2009م، شاهدت لأول مرة فيلماً خليجياً نال إعجابي الشديد، وجعلني أغيِّر نظرتي، بل ودفعني إلى التفاؤل بأن السنوات القادمة ستحمل ما يمكن مشاهدته والاهتمام به، وهو فيلم «الدائرة» للمخرج الإماراتي الشاب نواف الجناحي، وكذلك فيلم للمخرج البحريني محمد راشد بوعلي بعنوان «البشارة»، وفي العام الذي أعقبه شاهدت فيلم «عايش» للمخرج السعودي عبدالله آل عياف، وعدة أفلام قصيرة أخرى جيدة من العراق والبحرين والإمارات». يقول ربيع في هذا السياق: «لم أكن مهتماً بالأفلام الخليجية على الإطلاق، خصوصاً أنه لم يكن هناك إنتاج من الممكن مشاهدته عبر التليفزيون أو الفيديو في الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي، وحتى في عقد الألفية الأول، لاسيما مع عدم وجود صالات للعرض السينمائي، في مدينة جدة التي أعيش فيها، يمكن أن توفر الأفلام وتتيحها للمشاهدة، علاوة على أنه في الأصل لم تنتج أفلاماً خليجية كثيرة حتى يتسرب بعضها وتتسنى لي مشاهدتها، وكل ما هنالك أنني كنت أحياناً أقرأ عن فيلم لخالد الصديقي أو عبدالله المحيسن، أو محمد شكري جميل، وبالطبع دون أن أشاهد هذه الأفلام، وحقيقة لم يكن يعنيني الأمر، لأنه إلى جانب استحالة مشاهدتها، كانت غير مهمة وغير ممتعة بحسب اعتقادي آنذاك». ويعتقد خالد ربيع أن الإنتاج الخليجي يسير من حسن إلى أحسن، ويجزم بأن «هذا التحسُّن ما كان له أن يتم إلا بفضل الله، ثم بفضل الإداري السينمائي مسعود أمرالله، الأب الروحي للسينما في الإمارات، والمحرك القوي للنهوض بالحراك السينمائي في دول الخليج، وخلفه طبعاً الهيئات الحكومية الإماراتية والشركات الداعمة». ويحاول ربيع في الفانوس السحري الولوج إلى قراءاته في الأفلام الخليجية من مدخل يمنحه عنواناً لافتاً «السينما.. اتصال وتنمية وتثقيف»، ويقول في البدء: «تتأكد يوماً بعد يوم حقيقة تزايد الاهتمام بالأفلام السينمائية بحكم انتشارها العالمي الذي تخطت فيه حدود اللغة بوساطة الترجمة والدبلجة، وباتت من أدوات التثاقف والنقل المعرفي الفعالة، وغدا الفيلم وسيلة من وسائل التعبير الإنسانية الفنية عن مختلف النشاطات الواقعية أو التخيلية الإبداعية». ليذهب بعد ذلك إلى ما هو أكبر، حين يقول: «الحقائق والأحداث التي تصورها الأفلام السينمائية لها إسهام مهم في النهوض بفكر المجتمع وإبراز مكتسباته الحضارية، كما تعري معوقات نموه وتساعد في حلحلة أزماته الطارئة»، ليؤكد أن «السينما تساعد على إرساء خطط التنمية الاجتماعية التي ترمي إلى تغيير بُنى المجتمع أو تقويضها إذا لم تكن مسايرة لمتطلبات العصر، وتحرك قدرات المجتمع نحو التخلص من مشكلاته..». ويخصص الناقد الباب الأول من الكتاب لقراءاته في أفلام خليجية مختلفة يقترب عددها من الخمسين فيلماً، بعضها بتناول مطول والأخرى بطرح سريع، بينما سلط الباب الثاني الضوء على أفلام المخرج السعودي عبدالله المحيسن.