رغم أن الرئيس السوري بشار الأسد لم يعلن عن ترشيح نفسه لفترة رئاسية ثالثة، إلا أن مؤشرات ترشحه وبالتأكيد فوزه في الانتخابات المزمع إجراؤها في يوليو المقبل باتت محسومة بالنسبة للأسد والمحيطين به، فالسلطات الحاكمة في دمشق والمدن القليلة التي مازالت تسيطر عليها بدأت بحملات إعلامية ودعائية تطلب من الأسد الترشح للرئاسة، إضافة إلى مظاهرات التأييد التي خرجت في أكثر من مدينة ومنطقة تطالبه بالاستمرار في السلطة، كما نظمت الجهات الأمنية حملة طلاء الجدران وأبواب المتاجر بألوان العلم السوري، فيما توزع صور الأسد بسخاء في هذه المناطق، في حين يؤكد العاملون في وسائل إعلامه باستمرار على أهمية ترشحه لدورة رئاسية جديدة لإنقاذ البلاد. فشل الثورة في إسقاط النظام طيلة هذه السنوات الثلاث وفشل مؤتمر جنيف، وإدارة الغرب وأمريكا ظهرهم لما يجري في سوريا، وضعف المعارضة بشقيها العسكري والسياسي، شجع الأسد وأجهزته الأمنية والسياسية، على هذا التحدي الذي بدأ بعقد مصالحات في مناطق محدودة مقابل الطعام الذي منعه عنها، واستطاع إخضاعها بهذه الطريقة، ولم يبالِ قادة النظام وعلى رأسهم الأسد، بما حصل من قتل لأكثر من مائتي ألف سوري إضافة إلى دمار المدن وتشريد الملايين من السوريين، طالما أنهم ما زالوا متمسكين بمقولة العصابات المسلحة ومحاربة الإرهاب، وطالما الغرب لم يقرر بعد إزاحته أو دعم المعارضة لإسقاطه. رجال الأسد وسلطاته لا يريدون أن يكون بشار مرشحاً وحيداً في الانتخابات المقبلة، ولا بد من البحث عن شخص محسوب على المعارضة أو مقرب منها ليكون في مواجهته، ليكون بمنزلة ديكور لانتخابات وليس استفتاء كما حصل في المرتين السابقتين، وليظهر الأسد أنه الأقوى في مواجهة هذا المرشح الذي لن يفوز بالتأكيد، وإنما مشاركته في حد ذاتها ستعيد شيئاً من الشرعية التي نزعتها الثورة عن الأسد ونظامه، وسيتيح له الحديث عن الشرعية مجدداً في الأوساط الدولية، مما سيُوجد شرخاً جديداً في صفوف المعارضة المفككة أصلاً. ويتردد بين الأوساط السورية اسم أحد وجوه المعارضة الذي لم ينفِ ولم يؤكد موافقته على خوض هذه الانتخابات في مواجهة الأسد، لكن مستشارة الأسد بثينة شعبان سارعت ورحبت بفكرة مشاركة أي شخص في الانتخابات، مؤكدة على العملية الديموقراطية، فهل سينجح حكام دمشق مرة أخرى في تسديد ضربة جديدة للثورة بتأكيد الأسد على شرعيته أمام المجتمع الدولي مرة أخرى، وكيف سيتعامل العالم مع الحقبة الجديدة؟ أسئلة أصبحت ينقاشها السوريون رغم ما يعانونه من براميل الموت اليومية.