كشفت مصادر سياسية أنبارية عن مخاوف عراقية متجددة من إعادة خلط الأوراق بعد التدخل الروسي المرتقب في الحرب الدائرة على تنظيم «داعش» في الأنبار واستكمال الدور الروسي في دعم قوات نظام بشار الأسد بالإمساك بالجبهة الخلفية لمعركة الأنبار. ووفقاً للمصادر، فالقتال الدائر الآن في الأنبار ومنها الفلوجة على الأخص ينحصر في عدد محدود من قوات «داعش» الذين لا يتجاوز عددهم حوالي 150 مقاتلاً من الخلايا النائمة التي تركها تنظيم القاعدة بعد خروجه الأول نهاية عام 2009، ومن ثم الاتجاه للعمل داخل سوريا، ولكن بسبب الأخطاء الحكومية، والكلام للسياسي العراقي الذي فضل عدم ذكره بالاسم، استعادت هذه الخلايا قوتها، ونشطت بالتعاون مع جهات أخرى لها صلة بحزب البعث المنحل من جانب وبتنظيمات ثورة العشرين الجناح العسكري لهيئة العلماء المسلمين من جانب آخر، إضافة إلى تشكيلات قوات حماس العراقية التي يقودها وزير المالية المستقيل رافع العيساوي، التي انضمَّ إليها عدد آخر مما عرف بمجلس ثوار الأنبار الذي قامت هيئة العلماء المسلمين بتوسيعه لضم جميع عناصرها المسلحة إلى ما يعرف بالمحافظات السنية الست المنتفضة. وحول التشابك في مصالح الصحوات، قالت هذه المصادر ل «الشرق» إن عودة الشيخ أحمد أبو ريشة، وهو خال وزير الدفاع وكالة سعدون الدليمي، للعمل كرئيس لصحوات العراق وتسلُّمه مبلغاً مالياً اختلفت تقديراته ما بين 100 مليون دولار و250 مليون دولار، جعله عرضة للاتهام، لكن نجاحه في المقابلة مع رئيس الوزراء نوري المالكي التي حقق له فيها جميع مطالبه أمام شيوخ العشائر حققت له كثيراً من الدعم المعنوي، ومع ذلك هناك حالة من عدم الانسجام في حسم الملف الأمني، فكثير من عناصر «داعش» في الفلوجة لا تقاتل عناصر تنظيم حماس أو ثوار الأنبار، بينما ما زالت قوات الصحوة لا تتواجه مع هذه العناصر، والقصف الجوي مركز الآن على المناطق التي يوجد فيها «داعش» باتفاق ضمني بين الجميع لإخراجهم واعتبارهم الهدف الحيوي أمنياً. وعن احتمالات الحسم العسكري، ترى هذه المصادر أن الطروحات العراقية ما بعد وصول عروض روسية للتدخل اللوجستي في معركة الأنبار من خلال قوات النخبة للعمليات الخاصة الروسية، تجعل مخاوف القيادات السياسية العراقية وبالأخص مخاوف أسامة النجيفي وصالح المطلك على المحك، حيث عمل الاثنان على استعادة النفوذ الأمريكي في عمليات الأنبار من خلال الدعوة لتأسيس قاعدة عمل مؤقتة للعمليات الأمريكية في قاعدة البغدادي، مع وعود أمريكية للنجيفي خلال زياراته الأخيرة لواشنطن للتدخل الإيجابي في حسم معركة الأنبار ووقف تداعياتها قبل موعد الانتخابات البرلمانية المقبلة، وطرح المطلك مبادرة من 6 نقاط لتدخل الاتحاد الأوروبي في هذه المعركة من خلال الدعم الأمني والسياسي لضمان عدم توظيف «نصر الأنبار» في الانتخابات البرلمانية المقبلة من قبل المالكي وائتلاف دولة القانون. وفي سياق متصل، يبرز تصريح رجل الدين السني النافذ الشيخ الدكتور عبدالملك السعدي بأنه لم يصدر أي فتوى تحرم قتال الجيش العراقي من قبل أبناء العشائر دفاعاً عن أنفسهم، وقال في بيان له: «فقد سمعتُ أنَّ بعض المُغرضين الذين باعوا أهلهم وأوطانهم رخيصةً تعاوناً مع المُعتدين السفَّاكين، قد أذاعوا من مكبرات الصوت وبعض المساجد أني أفتيتُ بالوقوف إلى جانب الجيش والشرطة الاتحادية وتحريم التعرض لهم ووجوب قتل الثوار الشُرفاء المدافعين عن أنفسهم، وهذا إن دلَّ على شيء فإنما يدل على الهوان والهزيمة». وأضاف السعدي «إنَّ هذا الخبر لا أساس له من الصحة، وإنما هو من الأكاذيب التي تعودنا عليها من مثل هؤلاء».