دعا إمام جمعة مدينة الفلوجة العراقية رئيس الوزراء، نوري المالكي، إلى سحب قواته من محيط المدينة، في وقتٍ تستعد فيه هذه القوات بالتعاون مع قوات العشائر بزعامة الشيخ أحمد أبو ريشة لاقتحامها خلال الساعات المقبلة وفقاً لمعطيات ميدانية تؤشر إلى خروج أغلبية المدنيين منها. وكانت السلطات العراقية فقدت السيطرة على المدينة بعد أن سيطرت عليها عناصر تابعة لتنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش) الموالي للقاعدة، وهو ما أعقبته حركة نزوح للآلاف من أبنائها خشية التأذي من القتال بين القاعدة والقوات الحكومية. وفي الوقت الذي علمت فيه «الشرق» أن عملية «تطهير الفلوجة» ستتم على مراحل من خلال تقسيم المدينة إلى عدة قطاعات، أكدت مصادر برلمانية عراقية، في حديثها ل «الشرق» من الأنبار عبر الهاتف، أن قوات العشائر تحولت بقيادة الشيخ أحمد أبو ريشة إلى دعم القوات العراقية بعد موافقة رئيس الوزراء على «شروط المصالحة والمشاركة في عمليات الأنبار»، فيما تبقى ما يُعرَف بقوات الصحوات التي يقودها غريمه الشيخ وسام الحردان في الاحتياط لدى قيادة قوات الأنبار. وعدَّت المصادر أن الأغلبية من عشائر الأنبار إما مع قوات الحكومة على خط القتال بقيادة أبو ريشة أو في الاحتياط بقيادة الحردان، أو معارضة للتدخل العسكري واقتحام المدن ولكنها ترفض في الوقت نفسه وجود عناصر داعش، وهناك قسم رابع يساند داعش في القتال ضد القوات الحكومية. وعن احتمالات الحسم العسكري خلال الأيام القليلة المقبلة، شددت هذه المصادر على أن كثيراً من عشائر الأنبار كررت أمام الوفد الحكومي برئاسة وزير الدفاع بالوكالة سعدون الدليمي وأمام الوفد الأمريكي برئاسة مسؤول ملف العراق في الخارجية الأمريكية السفير برنت ماركوك أن الحسم العسكري لتجفيف منابع الإرهاب في الأنبار يتطلب حلولاً عراقية سبق وأن طُرِحَت في مطالب ساحات الاعتصام وأن من يقاتل داعش اليوم مع القوات الحكومية يمكن أن ينقلب ضدها غداً إذا لم تستجب الحكومة لهذه المطالب. وتعليقاً على تصريحات الشيخ الحردان بأن قوات العشائر تقاتل مع الحكومة في النهار وضدها ليلاً، قالت هذه المصادر ل «الشرق» إن ما يقوله الحردان يعبر عن وجهة نظره لكن الصحيح أن هناك عدداً من العناصر المؤيدة لداعش اندس مع قوات العشائر وربما هي من يقصدها الحردان بتصريحاته. ورداً على تشكيل «مجلس العشائر للمقاومة في المحافظات الست المنتفضة»، أشارت نفس المصادر إلى أن هذه التشكيلات موجودة في بيانات تتداولها بعض وسائل الإعلام أكثر من وجودها على الأرض وأن كل ما تقوم به من عمليات يساند تنظيم «داعش» وإن كانت لم تتحالف معه، وبيّنت المصادر أن أغلب هذه التشكيلات من بقايا خلايا المقاومة الإسلامية للقوات الأمريكية «التي جُمِعَت في هذا المجلس بعد أن قُدِّمَ لها مساعدات مالية من دول في المنطقة» دون أن تفصح المصادر عن اسمها. وكان البيان رقم 1 الصادر عن «المجلس العسكري العام لثوار العراق» قال إنه «بعد أيام من المعارك التي يخوضها أبناء العشائر والثوار الذين التحقوا بالمجلس العسكري وبعد أن امتدت المعارك من الأنبار إلى عديد من المحافظات العراقية الأخرى وقيام الثوار في تلك المحافظات بتشكيل مجالس عسكرية تتصدى لعدوان الأجهزة العسكرية والأمنية التابعة للمالكي وميليشياته، فإننا نبشر أبناء شعبنا العراقي بأن أبناءكم في هذه المجالس بدأوا بالتواصل والتنسيق فيما بينهم منذ اللحظات الأولى لانطلاق الثورة المباركة». وحذر البيان «أي جهة تستغل اسم المجلس العسكري العام أو المجالس الفرعية لتحقيق مكاسب فردية أو التحدث باسمه من دون تخويل من المجلس»، داعياً «وسائل الإعلام إلى عدم اعتماد أي أخبار تتعلق بالمجلس العسكري العام إلا عبر قنواته الرسمية». وفي خطبة الجمعة أمس، أكد خطيب جمعة الرمادي في جامع الجليل وسط المدينة، الشيخ محمد الدليمي، أن مطالب المعتصمين باقية لحين تلبيتها وأن المعتصمين لا يطلبون غير إحقاق الحق وإعادة الحقوق إلى أهلها وإشاعة روح العدل. وقال الشيخ الدليمي خلال الخطبة «نؤكد مجدداً أننا لا نريد إطلاق سراح المجرمين والقتلة، بل نطالب بالإفراج عن الأبرياء المعتقلين تحت حجج وذرائع كاذبة وإلغاء العمل بالمادة أربعة إرهاب ونظام المخبر السري»، متهماً بعض المسؤولين في الحكومة بدعم المليشيات بالسلاح والمال والعجلات العسكرية من أجل القتل والتهجير. وتابع «قُتِلَ أكثر من 400 عالم دين وألفي أستاذ جامعي وطبيب و200 شيخ عشيرة، جميعهم قُتِلُوا بدون رادع لتلك المليشيات التي تستهدف تفريغ العراق من الكفاءات الوطنية والوطنيين المدافعين عن العراق وأمنه واستقراره»، مشيراً إلى «استمرار بعض الجهات السياسية والحكومية في دعم تلك المليشيات من أجل مصالحها وبقائها في الحكم». وفي الفلوجة، دعا إمام الجمعة رئيس الحكومة نوري المالكي إلى «سحب جيشه وإيقاف القصف العشوائي ضد منازل الأبرياء»، واعتبر أن الفلوجة «تشهد إبادة جماعية بقصف المنازل بالهاونات والمدافع والطائرات منذ عشرة أيام»، مطالباً الأممالمتحدة والجامعة العربية بالتدخل و»محاسبة المالكي لارتكابه المجازر الجماعية ضد أهل السنة والجماعة في الأنبار». وقال الشيخ عبد الحميد جدوع، خلال خطبة صلاة الجمعة التي أقيمت في جامع الفرقان وسط الفلوجة، إن «المدينة تشهد إبادة جماعية من قِبَل المالكي وجيشه من خلال قصف منازل العائلات بالهاونات والمدافع والطائرات منذ أكثر من عشرة أيام تقريباً ما أسفر عن مقتل وإصابة المئات، أغلبهم من النساء والأطفال والعجزة». ورأى جدوع أن «على المالكي سحب جيشه وإيقاف القصف العشوائي ضد منازل الأبرياء ومحاسبة الضباط والجنود الذين ارتكبوا مجازر جماعية ضد أهل الفلوجة»، لافتاً إلى أن «الفلوجة تعرضت لمعركتين مع جيش الاحتلال الأمريكي، واليوم تتعرض لمعركة أخرى كون أهلها رفعوا مطالب دستورية وقانونية»، مبيِّناً أن «الميليشيات التي تسيطر على الحكومة ترفض تنفيذ هذه المطالب وتصر على إبادة أهل السنة والجماعة». وكانت وزارة الدفاع العراقية أعلنت أمس الأول، الخميس، أن شيوخ محافظة الأنبار وجهوا رسالة إلى أهالي مدينة الفلوجة يحثونهم فيها على التعاون مع القوات الأمنية وطرد التنظيمات الإرهابية، كما أعلنت أيضاً تطهير المجمع الحكومي ومركز شرطة الصقلاوية شمالي غرب الفلوجة، ( 62 كم غرب بغداد)، من عناصر القاعدة، فيما أكدت أن العملية تأتي تزامناً مع عمليات «ثأر القائد محمد» في الأنبار.