كلمة الوعي غامضة وضعها علماء النفس تحت الدرس ليكتشفوا أموراً عجيبة: 1 لقد لوحظ أولاً: أن إمكانية الاستيعاب في الوعي محدودة، فبإمكان الوعي أن يلتقط سبع وحدات من المعلومات في الوقت الواحد لا تزيد. 2 ثانياً: يعمل الوعي ببطء شديد إذا قورن مع أجهزة الكمبيوتر، فلا يستطيع التمييز بين أكثر من أربعين حدثاً في الثانية الواحدة. في حين أن أجهزة الكمبيوتر العادية تعمل بطاقة تزيد عن هذا بملايين المرات في كمية المعلومات. فالوعي مقارنة بالكمبيوتر يبدو جهازاً سخيفاً!! ولكن هل هو كذلك؟ 3 ثالثاً: مع كل تركيز الوعي فإن الدماغ لا يشتغل بكل طاقته، بل يستخدم في المتوسط فقط 1% من خلاياه العصبية. لماذا يا ترى؟!! 4 رابعاً: يعمل الوعي ببلادة وتراخٍ لافت للنظر، فهو يعرج خلف الزمن لاهثاً متصبباً عرقاً بدون قدرة اللحاق به. إنه خلف الزمن دوماً بحوالي ثلث الثانية. وهذا يدخلنا إلى أبحاث عالم النفس الأمريكي (برايان تريسي) الذي لفت النظر إلى كيفية عمل العقل الإنساني في كتابه (أسس علم نفس النجاح). نظرية (براين تريسي) في كيفية عمل الدماغ: يرى عالم النفس الأمريكي أن أفضل ما يكون عمل العقل عندما يكون مرتخياً؛ فالمسمار حتى تدخله الحائط يجب أن تضربه بالمطرقة بقوة وتوجيه؛ حتى تقتحم بالمسمار صلابة الحائط. في حين أن الدماغ لا يعمل بنفس الطريقة؛ فعند الانفعال يهتز عمله، وخير الأوساط لعمل الدماغ الإنساني هي أن يعمل بهدوء وحب. قشرة الدماغ تسيطر على العمليات العقلية وتأخذ الوقود من الدماغ السفلي والمتوسط. الدماغ السفلي هو دماغ التماسيح الرهيبة، لتأدية الأعمال التي تشبه في قساوتها سماكة جلد التماسيح. والدماغ المتوسط مركز الزلازل والبراكين العاطفية، وهي مثل طاقة البخار فيمكن إدخالها في مرجل العقل كي تؤدي دورها على خير وجه. ولكن تسرب الطاقة من مفاصل ماكينة التفكير البارد التحليلي العقلاني يقود إلى الانفجارات المروعة وتأرجح عمل الماكينة العقلية إذا صح التعبير. يضطرب الإنسان عندما ينفعل؛ فترتجف أصابعه، ويجف عرقه وينحبس بوله، ويرتفع الضغط عنده، ويصاب بالإمساك، وتجف عصارة المعدة وتبدأ بالتقرح، ويصب الأدرنالين في الدم مدراراً. كل هذا يتولد في جو الانفعال، والأهم من هذا هو اضطراب التفكير المتوازن، وهذا هو قسم من تفسير المنازعات الإنسانية؛ لأن مشاعر الخنازير والتماسيح وصراع الغابة يَمسح -ودفعة واحدة- كل قشرة الدماغ وتطورها الذي استغرق ملايين السنين، لنرتد وننهار دفعةً واحدةً من الإنسانية الى قعر خندق الحيوانية البئيس. «لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم ثم رددناه أسفل سافلين». يجب أن نضع أمام مكتبنا هذه الحكمة دوماً: (يجب ضبط النفس في انفجار بركان الغضب، وعند اشتعال نار الانفعال. في كسرة الحزن، وانهيارات الخوف. عند اشتداد ضباب الشهوة).