أعادت قمة الهلال والنصر في نهائي كأس مسابقة ولي العهد التي توِّج الفريق الأصفر بطلاً لها بعد تغلبة على الهلال بهدفين مقابل هدف السبت الماضي، لتسجل نفسها وبقوة في كافة المشاهد، التي كان من أبرزها حالات «الإغماء» التي تعرض لها عدد من أنصار الفريقين بعد أن أطلق حكم اللقاء السلوفيني صافرة الختام «للنهائي الكبير» على أرض ملعب استاد الملك فهد الدولي في الرياض. وقال « اختصاصي جراحة المخ والأعصاب الدكتور نضال حيدر ل «الشرق»: إن الضوضاء والإحساس الجماعي بالتوتر في مدرجات الملعب من الممكن أن يتسببا في الضغط على قلوب البعض من المشجعين، مؤكداً وجود أدلة طبية على أمر يعرفه جميع المشجيعن لكرة قدم، وهو أن ركلات الجزاء الترجيحية قد تؤدي إلى توقف القلب، حيث تكررت حالات الوفاة بالسكتات القلبية والانهيارات العصبية والإغماءات في الملاعب وأمام شاشات التليفزيون، وهو ما يؤكد أن هناك علاقة بين تدهور مستوى الفرق ونتائج المنتخبات، وبين ازدياد حالات الوفاة والأزمات والإغماءات في الملاعب والمنازل. وتابع» حتى إن الأطباء يتحدثون الآن عما يسمى بأمراض كرة القدم التي تشمل الأزمات القلبية والسكتات الدماغية وأمراض القولون والإغماءات، وأشار إلى أن التعصب الكروي أصبح خطراً على الصحة، والاتحاد الدولي لكرة القدم، قد يسرع نحو إلغاء ركلات الترجيح والهدف الذهبي استجابة لمطالب منظمة الصحة العالمية التي ترى بأن الركلات الترجيحية تصيب جماهير الكرة بالأزمات القلبية والجلطات المخية، وتقف بشكل مباشر وراء الإصابة بالذبحة الصدرية وأمراض القولون وقرحة المعدة والأمراض النفسية. وتابع «ثبت طبياً أن الجلطات المخية يكثر حدوثها بين عديد من المتعصبين في عالم كرة القدم خاصة من لديهم تاريخ وراثي لمرض القلب والسكر وضغط الدم، والذين يتعرضون «لحالات الإغماء» داخل المدرجات أو أمام شاشات التليفزيون أثناء مشاهدتهم لمباريات كرة القدم ورؤيتهم لشباك فريقهم المفضل تهتز أو عند ضياع البطولة من ناديهم المحبب. وهو ما يفسر الأخبار التي تنشر دائما عن حالات وفاة وأزمات صحية وإغماءات عقب خروج النادي أو المنتخب الوطني من بطولة. وأضاف» لا يمكن وصف ظاهرة الإغماء الكروي بأنها امتداد للفرح بصوت أعلى، فسهامه تطال الكل، حيث تحولت المقابلة من مناسبة رياضية تشي بالفرجة والمتعة والندية إلى مآس وفقد وألم وحزن، وهناك مجموعة كبيرة مشتركة في ما يحدث ولعل من أبرزها بعض وسائل الإعلام التي تنشر التعصب من خلال العناوين الساخنة فهي تزيد من مشاعر التعصب عبر عديد من الفضائيات المتخصصة في الرياضة وبدلاً من أن تساهم هذه الفضائيات في إشاعة «الروح الرياضية» نجدها تشعل من نار الفتنة بين الجماهير وتوقع بين الأندية والحكام والاتحادات الرياضية.. من أجل البحث عن أغراض شخصية. ومن جهته يقول أستاذ علم الاجتماع البروفيسور عبد الله البرجس» إن التعصب الرياضي، ينسحب على العلاقات الأسرية والاجتماعية فكم من أسرة تشتت شملها لأن الزوج يشجع فريقاً والزوجة تشجع فريقاً آخر فينهزم فريق الزوج فلا يتحمل الرجل تلك الهزيمة وشماتة الزوجة فتكون النتيجة هي الطلاق، وكم من أب يضرب ابنه بسبب التعصب الرياضي وكم من أخ هجر أخاه من النسب بسبب التعصب الكروي، وأضاف» أوقات يبدو الأمر مضحكاً ومسلياً ولكن سرعان ما يتحول إلى الجدية فتبدأ العصبية والغضب، وتقع بينهم نقاشات حول الكرة والفرق تنقلب إلى ملاسنات ومشاجرات مما يؤدي إلى نزاعات داخل العائلة توتر أجواءها وتعصف باستقرارها وتهدد سلامتها وسعادتها، وبالتالي فإن هذه العائلة هي الخاسرة الوحيدة من مشاحنات كرة القدم، وتابع» لذلك باتت حالات الإغماء وتشنجات الجماهير في مدرجات الملاعب أمراً من المتوقع مشاهدته خلال أي مباراة في السعودية، تلك الأحداث المحزنة التي جاءت نتيجة عدم احتمال عدد من الجماهير متغيرات ومجريات المباريات لا شك أنها دليل على خلل ما، ربما يكمن في التعصب أو في طريقة تعاطي الجماهير مع عملية التشجيع، لو حضر مشجع مباراة ذات أحداث درامية فمن المؤكد أنه وإن كان رجلاً شديداً لدخل في نوبة بكاء عاطفية بعد هدف فوز في آخر الدقائق أو في خسارة غير متوقعة وما شابه ذلك، ولابد أننا سنشاهد انهيارات عصبية وإغماءات تحدث في كل لحظة عكسية، وأيضاً ربما نشاهد الخوف والجزع والدعوات والابتهالات التي تغشي الجماهير أثناء تنفيذ ركلات الترجيح. فيما أشار اختصاصي الطب النفسي الدكتور عليوي الواجع» إلى أن تلك الحالات التي تحدث بالملعب وربما خلف الشاشات من حالات إغماء ونوبات قلبية هي نتيجة بما يسمى : «غريزة الانتصار» تلك التي ترتبط أهميتها بأهمية غريزة البقاء عند الإنسان، بل إن الغريزتين مرتبطتان بشكل جوهري، فعلى صعيد الحياة اليومية للإنسان يحب أن يحقق نجاحات في كثير من الجوانب لكن في هذا السياق فإن النجاح والانتصار هما شيئان مختلفان، لكي تشبع غريزة الانتصار لابد أن يكون هناك مهزوم .. لابد أن يخسر فريق ما. التشجيع الذي يقود للموت، ليس تشجيعا، وليس حالة تشخيصية تتعلق بحبهم لناديهم المفضل، خاصة للذين يعانون من أمراض مزمنة وللذين يفتقدون لضبط مشاعرهم وتفاعلهم في عملية قبول الهزيمة لأن الحياة فيها الكسب والخسارة. فلماذا لا يتقبل المشجع السعودي الخسارة؟