نصوصٌ تُنشر أسبوعياً، من «يوميات بيت هاينريش بول» التي كتبها الشاعر أثناء إقامته الأدبية، بمنحة من مؤسسة «هاينريش بول» في ألمانيا. أُرخي جناحي قليلاً كي أدَرِّبه على المَشَقَّة وأقنع الأغصانَ باحتمال العِنب ليستْ لديَّ من القواميس ما يكفي والينابيعُ القريبة تُغيِّرُ طريقَها ويكفُّ سربُ النحل عن الريح هواءٌ غامضٌ يستعصي على التفسير كأنَّ الطبيعةَ تُعيدُ صياغة أشكالها نكايةً بغابةٍ تَقْصُرُ عن النحيب وعدمِ اكتراثٍ بالثعالب جناحاي أصغرُ من الريح وأكثرُ تعباً من الجرح أسمعُ نميمةَ السناجب وثرثرةَ الغربان فأشغلُ نفسي بزفير صخرةِ النهر حتى إذا وقع الريشُ في درس الهواء انتابني خدرُ الخريف فأكفُّ عن مناكفة الطبيعة. دونَ أن أتركَ أثراً الكتابةُ أنْ لا أثرَ بعد ذلك فالموتُ يكمنُ في الأثر تمحو حروفك بقلمك هذه هي الكتابة أتعلّمُ هنا / الآنَ بأنَّ الكتابة ضربٌ من الغياب بلا أثرٍ ولا ظلال شمسٌ لا تترك أثراً على الأرض توقظ الحياة في الناس.. .. فيما تغيب. هذا الأخضرُ لم يرسمْه أحدٌ لم يزرع أحدٌ غابةً ولم يغرسْ شجرةً ولم يُوْدِعْ غصناً أمانةً في هواء القُرى سَهَرَ .. وحده على كل شيء هذا … الذي يدركُ الناسَ أكثر مما ينبغي ففاضَ الأخضرُ في المواعين وكلما تصاعد دخانُ الأكواخ الفقيرة تذكرتُ امرأةً في قريةٍ بحريةٍ نائية وَضَعَتْ لي سريراً من النخلِ ذاتَ صيف في ساحلِ بحرٍ بمائين وأشعلتْ ناراً رحيمةً لكي أنام في رائحة الأمل وهو ينسى خضرتَه أخضرُ يسكبه… فيطلقُ السدنةُ عليه نارَ ضغائنهم.