نصوصٌ تُنشر أسبوعياً، من «يوميات بيت هاينريش بول» التي كتبها الشاعر أثناء إقامته الأدبية، بمنحة من مؤسسة «هاينريش بول» في ألمانيا. الغربةُ تأتي / وهو لا
* أبوابٌ أكثرُ من البيت السيّدُ «هاينريش بول» المبجَّل شيَّدَ بيته خفْيةً عن المحطة قبل كهرباء السفر وطفقَ يزرعُ غابة تحرسُ البيت يؤلف أجنحة للمكان وغُرفاً محزومةً بالأشجار وقصائدَ الخبز وراحَ يخطُّ الكتب. بين الكتابة والأخرى يفتح لبيته باباً لئلا يتأخرَ العابرُ طويلاً خارجَ البيت البردُ قارصٌ والأرضُ شديدةُ الانحدار مثل منحنى الكون، وبعد كل نصٍّ يُضِيفُ منفذاً جديداً للغرفة فالذعرُ ريشةُ القاطنين وحين يباغتُ الجندُ غرفَ المنزل يبقى ثمة مَخرجٌ خفيٌّ للفرار. عزلة السيد «هاينريش بول» المبجّل متاحة لضحايا الخريطة وأخلاق الحرية. كنا إذا انغلق البابُ ونحن في الحديقة نعرف أنَّ هواءً يأتي من الباب الآخر دائماً، ثمة بابٌ آخر يظل متاحاً.. فالعودةُ مثل الفرار. * وأنتَ كذلك هل هذه الخطواتُ كانت أثرَ الشرطي يمشي في ظلالِكْ هل إذا أوصلكَ البيتَ وردَّ البابَ كي يُحْكِمَه جاءتْ ضباعُ الليل سراً لاعتقالكْ؟ وتُرى هل وجدوا في تختك الدافئ وَعْلاً هارباً هل تَسنَّى لك أنْ تمحو حروفَ الجرِّ في النصِّ على حرية الريح قُبيْلَ الهَجْمِ، هل في القوسِ سهمٌ لاحتمالكْ. وقفَ الشرطة خلفَ الباب حتى الفجر هل كانوا: صباح الخير، هل كنتَ كذلك. * في وصف البيت حياةٌ تضاهي غرفةَ انتظارِ القيامة المدفأة من هناك والشجرُ المغسول بالمطر من هنا طاولة الزجاج ثابتة في تخت المُلك تصغي لوقع الحروفِ مرقومةً بأصابع الشخص كائناتٌ تنتظر الكتابة في عزلة السيد «بول» ضيوفٌ وحيدون في غياب صاحب البيت الكتابةُ تأتي / وهو لا الفنونُ تأتي / وهو لا الغابة والنهرُ وشبابُ الثوراتِ المذعور وزُريعات المائدة والعنادلُ والسناجب وولائد الأرنب وقتلى الطير والغربة تأتي / وهو لا. غرفةُ انتظارٍ يقطنها عابرون من قارات مفقودة الجميع في الفزع / وهو لا. * شجرة أغصاني منسابةٌ في أرجوحة الهواء تفاحتي تبذل حمرتَها الخجول وتصعدُ درجَ الطبيعة تنتظرُ أصابعك في صباحٍ دافئ أقفُ في عتمة الحديقة طوال الظلام ساهرةً في رأفة البرد لئلا يتأخرَ تفاحي عن النضوج وحدي أنتظرُ وأنتَ في تلافيف سريرك مغموراً بالأحلام دون أن تنتبه دون أنْ تفتحَ نافذتك وتطرد الدواب عن أغصاني ليتني أعرف الأحلام التي أخذتك عني ليت أنَّي قادرةٌ على خطوة واحدة خطوةٍ كافية لاجتياز بابك لأنال حصتي من دفئك تحت الغطاء ها أنا في صباحٍ طويلٍ تفاحي مصقولٌ بحمرة الانتظار وأوراقي ترتعشُ وها أنت.. .. أين؟