ليس منطقياً الاعتقاد بأن غياب إيران عن اجتماعات جنيف- 2، التي تنطلق اليوم الأربعاء في مدينة مونترو قبل الانتقال إلى جنيف، سيؤدي حتماً إلى فشل هذا الموعد المرتقب، فروسيا ووفد النظام السوري سيقومان على أكمل وجه بمهمة التشبُّث ببقاء بشار الأسد في موقعه ورفض إنفاذ إرادة السوريين، وبالتالي فإن الغياب الإيراني في حد ذاته لا يمثل عائقاً. إن ما يخشى السوريون منه قبل التئام هذه القمة هو أن يتحول غياب إيران إلى حُجَّة – يستخدمها البعض ويقتنع بها البعض الآخر- لإطالة أمد المباحثات في ظل أوضاع إنسانية كارثية ولا تحتمل مزيداً من الانتظار. كما يخشى السوريون من أن يتحول موضوع تشكيل هيئة حكم انتقالية دون نظام الأسد إلى عنوان غير رئيس لحساب عناوين أخرى تحاول بعض الأطراف فرضها على أجندة التفاوض. يُضاف إلى ما سبق، التخوف من صعوبة تنفيذ أي اتفاق يمكن التوصل إليه نتيجة وجود أطراف لها دور في الصراع ترفض المؤتمر برمَّته، ولا ننسى أن المعارضة السورية – رغم إعلانها إرسال وفد إلى المفاوضات- ما زالت منقسمة داخلياً حول جدوى المشاركة فيها بدليل انسحاب المجلس الوطني من الائتلاف المعارض. إن كل هذه التخوفات لا تنفي أن قرار المعارضة الذهاب إلى جنيف اتسم بالشجاعة وإن اختلفت الآراء حول جدواه، إنه إعلانٌ مهم أمام العالم عن جدية قوى الثورة، وتفويتٌ للفرصة على النظام وحلفائه لتصدير صورة مفادها أنه لا معارضة حقيقية في سوريا، وأنه لا جدوى من الحوار السياسي. «جنيف- 2» حدث مهم، لكن التفاؤل المبالغ فيه تجاه ما سيسفر عنه من نتائج ليس مطلوباً، فانعقاد المؤتمر والجلوس مع وفدٍ من النظام ليس من أهداف الثورة السورية، لكنه المسار الذي ارتضاه المجتمع الدولي في الوقت الحالي.