دعوة الشيخ عبدالعزيز الطريفي إلى الانشقاق عن جماعة (داعش) أثارت ردود فعل عنيفة من قبل الداعشيين، وصل إلى حد تكفيره وردته، وبالتالي دخوله في نقابة (المكُفِّرين) مع مجموعة من زملائه الذين سبقوه إلى النقابة من كُتاب ومثقفين وأدباء، الذين طالهم ما طال الطريفي من الابتلاء في سبيل الله. الذي يعنيني في قصة فتوى الانشقاق هي أنها أظهرت جانباً مخفياً من أسلحة الدمار الشامل التي يمتلكها المشائخ، وأن لديهم وسائلهم الخاصة والفتاكة في الحشد ضد أي جماعة يريدون مواجهتها وسحب الشرعية من تحت أقدامها، ولديهم من الوسائل -إذا ما أرادوا-الكفيلة بالقضاء على أي فصيل أو جماعة أو حتى أفراد، بدليل أن الشيخ الطريفي خرج عن القالب التقليدي في الوعظ والتحذير البارد إلى خطوات عملية، وهي دعوة الأفراد المنتمين إلى داعش بالانشقاق عنها، مما يعني نزع الشرعية عنها، وسحب خاصية الجهاد في سبيل الله منها وما يتبعه من حور العين وخلافه، وهنا تحديداً يبرز تساؤل منطقي مفاده ؛ لماذا لم تخرج فتوى الانشقاق ضد تنظيم القاعدة الذي قتل كما قتلت داعش؟ ولمَ لم يدع مشائخنا الأجلاء شبابنا المنتمين إلى القاعدة الذين عادوا إلى أهليهم غزاة ؛ بالانشقاق عن التنظيم الإرهابي المسمّى بالقاعدة ؟ أم إن فتوى الانشقاق فقط لداعش دون غيرها من الفصائل الإرهابية، إن كانوا بطبيعة الحال يرون بأن القاعدة منظمة إرهابية لا يجوز (شرعاً) الانضمام إليها تماماً كحرمة الانضمام إلى داعش؟ والقاعدة -كما يعلم مشائخنا -لاتزال موجودة في اليمن التي أصبحت (مهجراً) لكثير من الذين يعتنقون منهج القاعدة في السعودية وغيرها من الدول الإسلامية وأصبحت مركزاً للإعداد للغزوات على تلك الدول، ومازال التنظيم في اليمن يمارس أعمالاً إرهابية كان آخرها حادثة المستشفى الشهيرة، ومع ذلك كله لم يدع الشيخ عبدالعزيز الطريفي من كان تحت لواء قاعدة اليمن إلى إلى أن ينشق عنها، وهذا يؤكد أن ما يسمون بطلبة العلم الشرعي لم يكونوا جادين في مواجهة القاعدة، وإنما كان الأمر أشبه ما يكون بتحلّة القسم والالتفاف على (الدواعي) الأمنية، وإلا لو أرادوها معركة حقيقية مع القاعدة وفكرها وقادتها ؛ لصنعوا معها كما صنعوا مع داعش، ولأخرجوا أسلحتهم و مخالبهم التي رأيناها لأول مرة في (غزوة البغدادي) مما يعني أن القوم يظهرون مالا يبطنون.