أيهما أفضل للمريض وأهله: وصوله للمستشفى بعد اجتياز تسعة مطبات أو بعد قطعه مسافة خمسة وثلاثين “مطباً” و”تحويلة” “دوار” و”مركزي تفتيش أمنيين” و”إشارة”؟! الإجابة الثانية هي الخيار القسري بالنسبة لأبناء “محافظة الحرث” فهم مضطرون لقطع المسافة الأبعد في حال إسعاف أحد مرضاهم ليلاً، فأقرب مستشفى عام مناوب وهو مستشفى “أحد المسارحة” يبعد عنهم مسافة 35 كيلومتراً (بواقع مطب لكل كيلومتر)! ذلك أن مركز الرعاية الأولية بالمحافظة لا يوجد به طبيب مناوب في الفترة المسائية؛ ولا إسعاف لنقل المرضى، لذا يشخص أهالي المحافظة بمريضهم إلى “أحد المسارحة” أو “صامطة” وعليهم تجاوز كل تلك المطبات، والوقوف طويلاً أمام نقطتي التفتيش اللتين تشهدان ازدحاماً كبيراً؛ ما يعني أن وصول المرضى الذين تشهد صحتهم تدهوراً كبيراً (كالجلطات والذبحة الصدرية) أمر شبه ميئوس منه إلا برحمة من الله ولطف، فإذا سحبنا الحال على مصابي الحوادث فالمعاناة أشد ونسبة النجاة قليلة، وكذا الحال بالنسبة لملدوغي الثعابين التي تنتشر بشكل كبير! أما النساء الحوامل فيسجل مكان ولادة أبنائهن “سيارة الوالد”! الغريب في الأمر أن مستشفى الخوبة العام (الذي يبعد عن مدينة الخوبة مسافة تقدَّر بتسعة مطبات فقط) تمَّ الانتهاء من بنائه قبل أحداث الحدِّ الجنوبي؛ ولا يزال تجهيزه بالكوادر والمعدات في علم الغيب، ولا يدري أبناء المحافظة متى تلتفت إليه وزارة الصحة ليخفف معاناة مرضى المحافظة ويختصر المسافة الطويلة التي يقطعها المريض للعلاج أو المراجعة فقد ملَّ الناس من الوعود وكلمة “قريباً”!