في تفاصيل ما عرف بطفلة المصعد، أقدم شاب على التحرّش بطفلة لم تتجاوز سنواتها الدراسية الأولى وهي تنتظر المصعد لتستقله لسكنها!. مقطع الفيديو المتداول أثار الرأي العام داخلياً وخارجياً، هذا المقطع ليس إلا ملف من الملفَّات الاجتماعية في السعودية التي تعود بنا للأصل دائماً، فعدم تحديث وإيجاد أنظمة أمنية تستجد مع ابتداع بعض القضايا الاجتماعية حتّى تشهر الخطأ وعقوبته الرادعة مباشرة، يجعل بعضهم يستغل هذهِ الثغرات ليتجاوز ثم يحمي نفسهُ ويخلصها بطريقة قذرة بمحاولة الالتفاف على الأنظمة الراهنة. في الآونة الأخيرة: كان التحرّش بمجموعة فتيات في مجمّع تجاري في المنطقة الشرقية بمنزلة مؤهل لامتداد بعض التحرّشات الأخرى!. ولم يستغل الحدث ليصب في مصلحة الرأي العام بإصدار نظام رسمي ينص على إنهاء جريمة التحرّش بعقوبة قاصمة للظهر! فجميع العقوبات متغيرة وفقاً لتقدير القاضي! رغم المطالبات الاجتماعية الحثيثة بسن قوانين واضحة وصارمة ضد «التحرّش». لو فتحنا الملفات المتعلقة بالتحرّش في دور الأيتام والمدارس والأسواق والمنازل لوجدنا في أدراج هيئات التحقيق والادعاء العام كثيراً من القضايا لم تظهر على «السطح» الإعلامي، أن تدفع تلك الأحداث مسؤولي الوطن لإصلاحات حقيقية تتعلق في توفير بيئة صحيّة للمجتمع بعيداً عن الأخبار المؤلمة مثل: استيقاظ المجتمع على فاجعة سوف تتكرر إذا لم يكن لها قانون رادع يُعاقب كل من تسوِّل له نفسه في التفكير بهذا الفعل. فتصنيف السعودية في مركز متقدم عالمياً في التحرّش «مؤشر لا يبشر»، فهي متقدمة على عدد من دول العالم المعروفة بالتحرر والانفتاح الأخلاقي، فمن يقودهم «قوانين» تُجبرهم على احترام خصوصية الآخر ووضع ألف حساب قبل القيام بأي فعلٍ مُشين، ففي دراسة قامت بها رئيسة برنامج الأمان الوطني الأسري الدكتورة مها المنيف أشارت فيها إلى أن 82% من قضايا التحرّش لدينا تحدث في بيئة آمنة. كما أن الدور التعليمي في دولة مثل بريطانيا من خلال التوعية في مرحلة رياض الأطفال عن مفاهيم التحرّش وعن أرقام تسجيل البلاغات المجانية كان له بالغ الأثر في تقنين نسب التحرّش لديهم. فلماذا لا تتعاون وزارة الشؤون الاجتماعية ووزارة التربية والتعليم في سن إجراءات حماية الأطفال من التحرّش من خلال عمل برامج توعوية يعرف من خلالها الطفل التصرفات التي يجب فعلها حال التحرّش، ولعلنا شاهدنا الحلقة التي عرضت في برنامج «MBC In Week» الذي قدمهُ الإعلامي علي الغفيلي وزميلته علا حول التحرّش، فمن خلال اللقاءات مع الأطفال نجد انعدام الوعي عند الأطفال عن مفهوم التحرّش. كما أنَّ الفعل الذي قام بهِ الشاب سوف يبقى عالقاً في نفسية الطفلة لسنواتٍ عديدة مما سيؤثر على حياتها المستقبلية في ظل افتقارنا لجهات ذات اختصاص تبادر في علاجها النفسي وتهتم بالطفولة بعيداً عن التباهي والوجاهة أمام الحكومة والمُجتمع، كما أنَّ غرس مشاعر الغطرسة في نفوس البعض جعلهم يعتقدون أنَّه يجب على المرأة تقديم ولاءات الطاعة والامتثال كما يؤكد ذلك خبراء علم النفس، أيضاً نقص الثقافة بخطورة الاستمرار في التحرّش داخل الأسرة والمجتمع والخوف من الفضيحة والسياط الذي يضع اللوم دوماً على المرأة كان سبباً في نشأة الأجيال بمعاناة نفسيِّة تنمو معهم كلما تقدموا بالعُمر ويجب مراعاة ذلك والتوعيّة بطرق وكيفيّة الإبلاغ فالإحصاءات تؤكد ارتفاع نسب التحرّش داخل الأسر السعوديّة!. وبعيداً عن خطوط الرضا والسخط النافذة في المُجتمع ولعب تيار على آخر والضحايا أفراده، فالتحرّش من المخالفات الصريحة لشريعتنا الإسلامية بكل زواياها، فالرسول الكريم أتى ليتمم مكارم الأخلاق وهذهِ الأفعال النكراء تجرّد الفرد من تلك المكارم، ولكن ما زال عدد من مشايخ الطفرة الإلكترونية مثل تويتر يتجاوزون الحد الأعلى من الجهل في معالم الدين ودلالة ذلك محاربتهم للقوانين التي تحدّ من التحرّش، ففي الوقت الذي نحن فيهِ بحاجة ماسة إلى قوانين وأنظمة مكتوبة يقرأها الصغار والكبار تعلّق في مرافقنا الحكوميّة والخاصّة وبعيدة عن الاجتهادات الفرديّة ولوم المرأة والطفل والشاب يلتزمون الصمت حيثما يجب قول الحق وحينما يهتف الناس بالحقيقة يخرجونهم من الملَّة ويرون أنَّ ذلك له تأثير وخطورة على المجتمع ولا يعلمون أن ذلك يُعطي الضوء «الأخضر» للمتحرّش. على الدولة وضع الأنظمة الواضحة فالنظرة المحدودة لقضايا التحرّش الجنسي في داخل المجتمع لها تأثيرات تفوق ما نتصور والإحصاءات الرقمية تؤكد لنا ذلك.